العدد 64 - رزنامه
 

حسن في كل مكان » مشروع فني واصلَ الفنان الفلسطيني الراحل حسن الحوراني إنجازه خلال العامين الأخيرين من حياته. يتكون المشروع من جزأين؛ الأول، رسومات مائية وتخطيطات، والثاني، نصوص تعبّر عن تجوال البطل «حسن » في عوالم أسطورية يلتقي فيها بمخلوقات غرائبية وشخصيات متنوعة.

36 لوحة تركها حسن قبل أن ينجز معظمها بشكل نهائي، معتمداً في تشكيلاتها على الخطوط الدقيقة المتعرجة التي توضح الهيكل الخارجي للشكل، وهي رسومات تحاكي الأشكال الهندسية التي تتآلف معها رموز وموتيفات تحيل إلى عوالم ألف ليلة وليلة أو إلى الحكايات القديمة التي تُغذَّي من الخيال الجمعي الشعبي، وفيها تتحول الموجودات في الكون إلى أشياء قادرة على الكلام والانفعال والتنقل والتحول.. وهي جميعها مسخّرة للبطل الذي يرتحل عبر الأساطير باحثاً عن أسطورته الشخصية.

لذا، نُفذت الأعمال المعروضة في مؤسسة خالد شومان – دارة الفنون، بطريقة زخرفية تتَّسم فيها الأشياء المرسومة بالحركة والترابط، ولُوِّن بعضها، بألوان جذابة ومتناغمة مع موضوع النص المقابل لكل لوحة، في إيقاع متوازن، فلكل لوحة حكاية، وكل حكاية هي لوحة منتظرة.

تبدأ رحلة «حسن » منذ كان في رحم أمه «ربيحة »، حيث تآلف مع حدود عالمه الضيق، الذي تقاسمه مع الماء، ثم خروجه إلى العالم الأوسع ومواصلة رحلته بحثاً عن زهرة الحب، وبوساطة دراجته السحرية القادرة على الطيران كبساط علاء الدين، يعبر حسن آفاق مدينته ليلتقي بأشجار البرتقال، وطائر العنقاء، وجِمَال الصحراء، ونخلة البحر، وفراعنة مصر، والديناصورات.. فيحرر النجوم، وينجح في إخاطة السماء، ومن ثم يعود ليروي الحكايا، وينهيها بإغلاق عينيه ومواصلة الرؤية بقلبه. وهنا يظهر حلم حسن )الفتى الفلسطيني(، حلماً جماعياً لكل أطفال فلسطين، بالحرية والانعتاق من قيود الاحتلال؛ أطفال فلسطين الذين يشبهون أطفال العالم بكل شيء، غير أنهم محرومون من كل شيء: «اسمه حسن، لكن كانت له كل الأسماء، واسمك أنت، وله كل الأشكال، وشكلك أنت، وكل الألوان، ولونك أنت. وكانت له كل بيوت الأرض، وبيت كبيتك أنت. يعرف سر القلم وسر اللون، يرسم ما يراه ليعيش للأبد .»

من المفارقات التي يكشف عنها مشروع الحوراني، توق حسن الدائم للبحر وزرقته، فمنذ البداية، كان حسن في بطن أمه سعيداً بتآلفه مع الماء، ثم ظل يُيَمِّم شطر البحر في رحلاته وتأملاته، وظل يتوق لعناقه، حتى كان ما أراد، فغرق في بحر يافا العام 2003 . أنتج حسن خلال حياته القصيرة )ولد العام 1974 ( العديد من الأعمال والمشاريع الفنية في مجال الرسم، والإنشاء، والفيديو، وأقام معارض وشارك في أخرى في بلاد عربية وأجنبية.

تكريماً لإبداعه رسماً وكتابةً، أطلقت مؤسسة عبد المحسن القطان اسمه، على جائزة مسابقة الفنان الشاب للعامين 2004 و 2006 ، كما نُشرت رسومه على نطاق واسع في العام 2004 عبر مشروع «كتاب في جريدة » الذي تُصدره كبريات الصحف العربية بالشراكة مع منظمة اليونسكو. ومؤخراً نال كتابه «حسن في كل مكان » جائزة أفضل عشرة كتب عربية للأطفال، التي أُعلن عنها في معرض القاهرة الدولي للكتاب مطلع هذا العام.

"حسن في كل مكان": لكل لوحة حكاية
 
19-Feb-2009
 
العدد 64