العدد 64 - اقليمي
 

سليم القانوني

أثارت التغييرات التي شهدتها المملكة العربية السعودية مطلع الأسبوع الجاري اهتماماً واسعاً. مبعث هذا الاهتمام أن التغييرات طاولت هيئات ومؤسسات ذات تماس بالجمهور، وبالثقافة والأعراف السائدة. وفيما اتسم العهد الحالي بنزعة إصلاحية حذرة، فقد زاد نفوذ القوى المتشددة في المحتمع خلال السنوات الأربع الماضية، ومنها «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر » الحكومية وهي بمثابة شرطة دينية. وقد زادت الشكاوى من هذه الهيئة، رغم أن صلاحياتها جرى تقليصها. التغييرات طاولت رئيس الهيئة صالح اللحيدان وقد حل محله عبد العزيز الحمين، الذي يوصف بميوله الانفتاحية نسبياً، والذي سريعاً ما أعلن عقب إسناد المنصب إليه، أن الهيئة سوف «تُحسِن الظن بالناس وعدم أخذهم بالشبهات .» إصلاحيون سعوديون يشككون بمسوغ نشوء هذه الهيئة، التي تمثل شرطة موازية | للشرطة النظامية. وشملت التغييرات تعيين سيدة ) نورة الفايز( في منصب نائب وزير التربية، وهي المرة الأولى التي تتقدم فيها امرأة الى موقع حكومي متقدم و «حساس » كهذا. تولي السعودية اهتماماً كبيراً بتعليم الإناث، في مجتمع محافظ ينظر للإناث بدونية، لكن الاختلاط بين الجنسين من الطلبة في المعاهد والجامعات ما زال محظوراً، ويمتد حظر الاختلاط إلى حضور أنشطة ثقافية، مثل مهرجان الجنادرية الثقافي السنوي، حيث يتم الفصل بين الجنسين. لكن القوى المتشدة لا تكتفي بهذا، إذ ترغب في وقف هذا المهرجان بداعي دعوته شخصيات علمانية للمشاركة فيه.

وفي إطار التغييرات، تم إعفاء وزير العدل عبدالله ابراهيم آل الشيخ، وتعيينه رئيساً لمجلس الشورى. المجلس تم رفع عدد أعضائه من 120 إلى 170 عضواً. غير أن تغييراً لم يطرأ أو لم يعلن عن صلاحيات المجلس الذي يقترح مشاريع قوانين على الحكومة، دون أن تشمل صلاحياته إبطال قرارات وقوانين حكومية، بما في ذلك التغييرات الأخيرة، التي لن توضع على جدول أعمال مجلس الشورى للنظر فيها. غير أن المجلس يتيح فرصة للنقاش والتداول في الشؤون العامة عبر اقتراح مشاريع قوانين تفضي حُكماً للنظر في القوانين النافذة. وشملت القرارات تعيين رئيس لمجلس القضاء الأعلى، ورئيس جديد لهيئة حقوق الإنسان، في محاولة لرفع سوية القضاء والسير به على طريق الاستقلالية، وذلك في ضوء انتقادات متوترة أطلقتها هيئات ومنظمات حقوقية حول العملية القضائية في المملكة. أما تشكيل هيئة حقوق الإنسان، قبل نحو عامين فقد أسهم في إشاعة أجواء من الانفتاح النسبي، وإن لم يعرف نشاط ظاهر لهذه الهيئة في بلد عرف بأنه «يقضي حوائجه بالكتمان .» وقد استفادت الصحافة من أجواء الانفتاح حيث وجهت في العام الماضي انتقادات غير مسبوقة ل «هيئة الأمر بالمعروف » كما باتت الحريات الصحفية مادة لنقاش مفتوح. ورغم أن الصحف السعودية ملكية خاصة تتبع لمؤسسات استثمارية كبيرة، إلا أن للحكومة نفوذاً قوياً عليها يشمل التعيينات وعملية الإقصاء في المراكز الإدارية العليا. وقد تشكلت مؤخرا نواة لجمعية صحفيين، فيما لا تشهد البلاد وجود هيئات نقابية. وقد لوحظ أن العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز أسند وزارة الإعلام الى عبدالعزيز الخوجة السفير في لبنان. الخوجة شاعر، وقد خدم في بيروت لأربع سنوات، وقد وقف هناك على التجربة اللبنانية المتقدمة في مجال الإعلام، وعلى توظيف الإعلام بأساليب مختلفة لغايات سياسية. ومن المهم الاستفادة من التجارب العربية المتقدمة، بخاصة أن لسعوديين مقربين من الحكومة استثمارات مهمة في حقل الإعلام في الخارج، ومن ذلك صحيفتا: «الشرق الأوسط » و «الحياة » ومقرهما في لندن، ومحطتا: «إم بي سي »، وهي أول فضائية عربية، و «العربية »، ومقرهما في دبي.

تغييرات واسعة تعكس الإصلاح الحذر في السعودية
 
19-Feb-2009
 
العدد 64