العدد 64 - الملف
 

ابراهيم قبيلات

يقول محمد الخلايلة، أحد هواة التجول في وسط البلد: «إن المقاهي الشعبية نوعان: نوع يعتبر من الدرجة الأولى، ويضم تلك الكائنة في شارع الملك فيصل، ومنها ما يعتبر من الدرجة الثانية، وهي المقاهي المقامة في شارع الملك طلال. ويعود هذا إلى ثمن المشروبات، وإلى طبيعة الزبائن .»

ويشرح الخلايلة: رواد مقاهي شارع الملك طلال هم في أكثرهم من العمال وأصحاب المهن البسيطة، أما رواد مقاهي شارع الملك فيصل فهم من الموظفين والشباب والمثقفين والمعلمين وبعض حملة الدكتوراه. من أقدم مقاهي عمان وأشهرها: «مقهى الأوبرج » الذي تأسس في 22 / 6/ 1946 ، بين شارعي البريد وبسمان. عن سبب اختيار الطابق الثاني للمقهى يقول مدير المقهى عدنان الأخرس: «بحثاً عن مكان أوسع. كما

أن الطابق الأول غالبا ما يكون بخلو أكبر، بالإضافة إلى حجزه من قبل التجار لاستخدامه لأنواع التجارة المختلفة .» اليوم تعود ملكية المقهى إلى أبناء النوباني الذين قدموا من الضفة الغربية قبل نكسة 1967 . غير بعيد عن تاريخ مقهى الأوبرج يقع مقهى السنترال الذي تأسسس العام 1948 ، والذي اشتهر في ما مضى بشرفته المطلة على شارع الملك حسين. لكن المقهى فقد شرفته قبل نحو 15 عاما. مدير المقهى زكي عبد منعم، يقول: «بفقد المقهى لشرفته فقد المقهى كثيرا من الزبائن. كانت الشرفة أشبه برئة يتنفس منها الرواد .» اشتهر مقهى السنترال بأن كثيرا من رواده كانوا من السياسيين والمثقفين والحزبيين والعامة. وأهم الشخصيات التي زارت المقهى بحسب منعم، الأمير الحسن. يقول منعم إن المقهى كان ذات يوم مركزاً لتسليم وتسلم الأمانات الآتية من الضفة الغربية أو إليها، مثل: التصاريح والمواد التموينية وغيرها. وأشار إلى أنه قبل فك الارتباط مع الضفة الغربية العام 1988 ، كان المقهى مقسماً بحسب محافظات الضفة، فهناك طاولة باسم جنين وأخرى باسم نابلس، وهكذا. وكان يشغلها الطلبة الفلسطينيون الذين يدرسون في الجامعات الأردنية. مقهى كوكب الشرق الذي تأسس العام 1951 ، في شارع فيصل كانت له شرفة كبيرة فقدها قبل نحو 25 عاما، فلم تبق إلا قاعته الداخلية لتستقبل الزائرين الأردنيين وبعض العرب، وتحديدا السودانيين. تعود ملكيته إلى آل البيطار وأبو طه، الذين قدموا من يافا العام 1948 . وقد أطلق على المقهى هذا الاسم لأنه كان يختار أن يفتح الراديو على أغاني أم كلثوم المنطلقة من إذاعة القاهرة في إطار سهرات أضواء المدينة الشهيرة آنذاك. فخري إبراهيم، أحد موظفي المقهى روى

لـ"السجل" عن شخص نابلسي، يكنى بأبي عمر قوله إن المقهى قديما كان يحمل اسم حمدان. «كان البناء بسيطا وغير مسقوف، وكانت تغطيه ألواح من «الزينكو ». وكان يتردد عليه معظم رجالات الدولة .» هنا يجب أن نشير إلى أن هناك اعتقاداً شبه جازم بأن المقر القديم لمقهى كوكب

الشرق، هو مقهى حمدان، الشهير بأنه شهد انعقاد أول مؤتمر وطني أردني العام 1928 ، وليس مقهى الجامعة العربية كما كان يقال. مقهى الجامعة العربية الذي لم يكن يبعد كثيرا عن مقهى كوكب الشرق، كان يطل على شارع طلال وساحة المسجد الحسيني. كان المقهى تأسس على أيدي محمد الديراني ومعروف اللبابيدي العام 1947 ، بعد عامين من تأسيس جامعة الدول العربية، وأطلق عليه اسمها تيمنا بها.

المقهى الذي أغلق قبل ثلاثة أعوام كان قد فقد شرفته قبل ذلك، تماما مثلما حدث لمقهى السنترال ومقهى كوكب الشرق. ولدى إغلاقه، تجمعت بعض الهيئات الثقافية مثل رابطة الكتاب الأردنيين احتجاجا على إغلاق المقهى، الذي كان يعتقد أنه مقهى حمدان القديم الذي عقد فيه المؤتمر الوطني المشار إليه. بدأت مأساة مقهى الجامعة العربية مع اختفاء شرفته التي كانت تطل على شارع طلال والجامع الحسيني وشارع فيصل في بداية العام 2003 . ليتم بناء عمارة ضخمة حديثة بدلا من مبان تراثية تعتبر أحد مصادر الذاكرة الشعبية والتاريخية والسياسية لتاريخ

عمان القديم. تميزت ببناء محلاتها ذات الواجهة الحجرية القديمة والأقواس العربية الشهيرة. فقد ارتاد تلك الأمكنة القادة السياسيون والحزبيون وغيرهم الكثير من المسؤولين والمفكرين. يقول زكي عبد منعم، مدير مقهى السنترال: «كنت أحد الأشخاص الذين استطلعت آراؤهم، من قبل اللجنة القانونية، وأعتقد أنه كان هناك استغلال واضح من قبل المالك لقانون المالكين والمستأجرين الصادر العام 1994 ، فهو ينص في أحد بنوده على حق المؤجر إخراج المستأجر إذا زادت فترة إيجاره على 12 عاما وعمر البناء على 40 عاما، وذلك بهدف ترميم البناء ومن ثم، يحق له أن يعيده بعقد وإيجار جديدين .» محمود نزال، أحد جيران المقهى قديماً يرى أن «السبب يكمن في إهمال المالكين وانصرافهم للعمل بما هو أجدى للبحث عن مردود مادي أفضل من عمل المقهى الذي قل زبائنه في الفترة الأخيرة. » ويؤيده في هذا بائع قديم فضل عدم ذكر اسمه بالقول: «بطلت توفي معهم.

مقاهٍ تفقد شرفاتها وأخرى تنتظر
 
19-Feb-2009
 
العدد 64