العدد 64 - الملف
 

نهاد الجريري

لا تعرف أم جهاد لماذا ما زال الناس إلى اليوم يستعملون تعبير «طايح على عمان » كلما أراد أحدهم أن يذهب إلى وسط البلد. تقول «من أيام البلاد، تعودنا نقول «طايح ع الخليل .» حتى اليوم، لا يلتفت أحد كثيرا عندما يسمع أحدهم يقول «نازل ع السوق ». يتساءل أحمد طالب التوجيهي إن كان لهذا علاقة بالجغرافيا، على أساس أن الطريق إلى وسط البلد تمر بنزول شبه حاد هو المصدار؟ «ربما !» اعتاد سكان جنوب وشرق عمان أن يشيروا إلى وسط البلد على أنه عمان، أي «العاصمة ». فمن هناك كانوا يأتون بكل حاجياتهم من مؤونة ولباس. حتى حبال بيوت الشعر والأدوات المنزلية مثل «إبريق الوضوء » و «الزير » و «اللوكس »، كلها كانت من وسط البلد.

أكثر ما تذكره الأربعينية مها عن جدتها المرحومة أنها كلما «نزلت ع عمان » كانت تحضر للأطفال «خبز السوق »، وهو خبز الكماج. «كان طعمه وشكله مختلفاً تماماً عن خبز الطابون أو الشراك، فكنا نتهافت عليه ونتلذذ بتناوله وكأنه بسكوت .» ومن عمان كان سكان ضواحي المدينة يحرصون على شراء المذياع الذي يعمل بالبطارية طبعا، وكانت في وقت ما بطارية سيارة، ذلك أن خدمة الكهرباء لم تكن قد توافرت بعد في مناطق مثل: خريبة السوق وجاوا واليادودة واللبن وأم البساتين، في أواخر السبعينيات. فكان الناس يمضون لياليهم بالاستماع إلى الراديو الذي عمل بالبطارية. «إذاعة المملكة الأردنية الهاشمية، وإذاعة الشرق الأوسط كانتا الرفيقتان في ليالي السهر ». كان الساهرون يستمعون إلى أغاني أم كلثوم و «يشاهدون على الراديو » الأفلام والمسرحيات. «كان هناك راو يصف للمستمعين كيف دخل الممثل الفلاني إلى المسرح أو أنه خرج منه، وكيف أن ممثلا في فيلم سينمائي كان يتعارك مع ممثل آخر؛ «كان هذا بالنسبة لنا الدليل الذي نرى بعينيه المسرحية أو الفيلم وكأننا نشاهده حقيقة »، يروي أبو جهاد. في مرحلة لاحقة، وتحديدا في أوائل الثمانينيات، تمكن أبو جهاد من الحصول على تسجيل «كاسيت » لمسرحية «كاسك يا وطن » لدريد لحام. ويذكر أن العائلة اجتمعت حول المسجل تلك الليلة لحضور المسرحية «سماعيا »؛ كان «يوقف التسجيل ويعيد الشريط كلما قال غوار جملة جريئة يصفق لها الجمهور: في التسجيل وفي المنزل

طايح عَ عمّان
 
19-Feb-2009
 
العدد 64