خالد أبو الخير

«مبنى كبير من الخشب، وسقف مرتفع من الزينكو، له بوابة كبيرة جلس أمامها من الداخل رجل يتقاضى ثمن التذاكر .» تلك كانت صورة أول سينما في عمان، كما أرختها نجمية حكمت في كتابها 60« عاما من حياة امرأة أردنية .» خبر افتتاح السينما والصور التي تتحرك سرى كالنار في الهشيم، فأقبل العمانيون على مشاهدتها، حيث كانت تعرض على شاشة سينما البترا التي افتتحت في العشرينيات من القرن الماضي بجانب الجامع الحسيني الكبير. «دخلنا الصالة في الظلام وكانت واسعة جدا، وقد صفت فيها مقاعد القش القديم الواطيء، والغريب أن الكل كانوا يصرون على الجلوس في الصف الأمامي وكأنهم سيشاهدون مسرحية وفقا لمفهوم اليوم. كان صوت غناء يتصاعد من صندوق سمع «فونوغراف » يديره رجل سوري بأغنية لأم كلثوم: «وحقك أنت المنى والطلب ». وفي صدر المكان وضع على الحائط ستار أبيض، وكأنه «ملحفة » شدت بإحكام وعلى جانبي الشاشة جلس رجل وبيده «أكورديون ،» وعلى الجانب الثاني رجل آخر وبيده طبل.

كان عازف الأكورديون أرمنياً .» عزف الرجل «مارشا » تركيا اسمه «مارش إزمير »، وصاحبه قارع الطبل بالإيقاع، ثم بدأ العرض. أطفئت الأنوار وظهر على الشاشة رجل ضئيل الحجم يلبس حذاء ضخما لا يناسب حجمه، وقد ارتدى بدلة سوداء وبنطلونا مقلما، ووضع على رأسه قطعة صغيرة سوداء، وأمسك بعصا تحت إبطه وأخذ يصعد درجا ويهبط آخر وهو يمشي مشية غريبة ويأتي بحركات مضحكة. كان هذا الممثل شارلي شابلن في واحد من أفلامه الصامتة. مع العرض عزفت أغنية تركية وأخرى عربية، وحين انتهى العرض «أخذ العازف يعزف وبسرعة نشيد «أرسول السلم إلى الفيحاء »، إيذانا بانتهاء العرض وطلب من الجمهور أن يصفقوا، فصفقوا كما لم يصفقوا من قبل إعجابا بما شاهدوه .