العدد 64 - الملف | ||||||||||||||
دلال سلامة كان سليم العدوي في الثانية عشرة من عمره، عندما أتى به والده إلى سوق اليمانية كي يتعلم على يد أحد الخياطين مهنة إصلاح الملابس ورتبها. كان ذلك العام 1959 ، ومنذ ذلك الحين ما زال العدوي يجلس إلى «ماكنته » في السوق نفسه. في الماضي كان يتقاضى أجرا يوميا مقداره نصف دينار، والآن يتقاضى المبلغ نفسه أجرة لتقصير بنطلون. يقع سوق اليمانية في أول شارع الملك طلال في قلب العاصمة عمان، في منطقة نبضها الأعلى، على جوانب شوارع قريش )سقف السيل( والملك طلال والهاشمي والملك فيصل، أخذ اسمه من مجموعة من التجار اليمنيين الذين أتوا إلى عمان في أواخر الأربعينيات، تمركزوا فيه ثم استقروا في عمان؛ وامتهنوا بيع الملابس المستعملة. اليمنيون الذين أنشأوا السوق كانوا قد جاءوا إلى فلسطين قبل العام 48 للجهاد، وبعد النكبة عاد معظمهم إلى بلادهم، ولكن بقي كثير منهم في عمان حيث تمركزوا في هذا السوق. ومن المفارقات أن كثيرا من الملابس التي كانت تباع في السوق، كانت «بقجا » وزعت على اللاجئين الفلسطينيين، الذين نزحوا من فلسطين مع المجاهدين اليمنيين، ولأنها لم تكن تناسبهم، فإن بعضهم كان يبيعها في سوق اليمانية ليعاد بيعها إلى من تناسبه من المواطنين. أبو قصي ) 62 عاما(، يقول إنه يتذكرهم في الخمسينيات حيث كانوا أغلبية في السوق بملابسهم التقليدية ولهجتهم المميزة؛ منهم من كان يبيع الملابس، ومنهم من كان يبيع الشاي أو القهوة للزبائن. ويتذكر أبو قصي أيضا أنه كان بجانب السوق في تلك الأيام محلات تبيع المصارين والفشش المشوية «أحد الباعة كان اسمه خليل الزمنون، وكان مصارعا، وأتذكر أنه اشترك في مباراة بالمصارعة مع مصارع يوناني اسمه خريستو كاداس، أقيمت في الكلية العلمية الإسلامية، وانتهت بفوز الزمنون .» مهنة إصلاح الملابس انطلقت من سوق الحميدية كما يؤكد العدوي. وهي كما يؤكد العدوي، بدأت بماكنة خياطة واحدة، فرض وجودها حاجة الناس إلى من يقوم بإصلاح الملابس المستعملة التي كانوا يقومون بشرائها ولا تناسبهم. في السوق الآن ما يقارب الثمانين ماكنة خياطة، تعتمل مع مئتي محل تبيع الملابس المستعملة بشكل أساسي. السوق أنشئت العام 1949 ، وكانت تعود ملكيته لشخص شركسي من عائلة ميرزا، ثم انتقلت ملكيته إلى بنك عمان للاستثمار، وتمتلكه حاليا المؤسسة العربية للاستثمار. بحسب أبو محمد، بائع في البالة، فإن السوق في الماضي كان مبنيا من أل واح الخشب والقصب وقماش الشوادر، وفي العام 1956 ، تعرض لحريق كبير أتى عليه بالكامل، فأعيد بناؤه. كما تعرض ثلاث مرات للهدم وإعادة البناء، كان آخرها العام 1983 . المفارقة أن السوق الذي بدأ بتجار يمنيين، أفسحوا المجال في ما بعد للتجار الأردنيين، يشكو أصحابه هذه الأيام من مزاحمة الوافدين لهم، فهنالك نسبة كبيرة من الخياطين الذين يقومون بإصلاح الملابس، والبيع في المحال التجارية ينتمون إلى الجالية المصرية |
|
|||||||||||||