العدد 64 - أردني
 

عطاف الروضان

يعاني التعليم العالي من تخبط في السياسات وعشوائية في اتخاذ القرارات، وسط انتقادات واسعة للقائمين على هذا القطاع الحيوي الذي شهد طفرة في الكمّ، مع جمود التطوير النوعي، بحسب ما يرى رؤساء جامعات حاليون وسابقون.

آخر تجليات التخبط الحكومي يكمن في التراجع عن إعلان الخطة الاستراتيجية لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي للأعوام ) 2007 - 2009 ( بعد أن كان مقرراً منتصف الأسبوع الجاري. «موّال » بناء الاستراتيجيات بدأ قبل عقدين تقريباً. الأولى أطلقت العام 1987 بعد مرور سنتين على إنشاء وزارة التعليم العالي، وآخرها صدرت عن حكومة معروف البخيت قبل عامين، لترسم خريطة طريق التعليم العالي حتى 2020 .

التدخل الحكومي سببٌ أساسي لمشاكل التعليم العالي، بحسب تشخيص المؤرخ والأكاديمي علي محافظة، الذي يرى أنه يؤدي إلى «إفساد التعليم العالي وتخريبه ». يضيف محافظة أن وزارة التعليم العالي بشكلها الحالي «سبب آخر لمصائب التعليم العالي، وهي شرطيّ على الجامعات .»

محافظة كان عضواً في لجنتَي صياغة الاستراتيجية الأولى الأخيرة. إلا أنه لا يتذكّر العدد الإجمالي للاستراتيجيات، ويقول: «كثار.. بقدرش أعدهم »، مؤكداً ضرورة «منح الجامعات استقلالية في إدارة شؤونها، وبخاصة في اختيار رئيسها .» واقع التعليم العالي المتردي،كما يراه محافظة، يعود إلى أن «الدولة لم تنظر إلى التعليم العالي بشكل يستحق التقدير، مع عدم وجود تصور واضح لأهميته للبلد ولمستقبله .»

يؤكد محافظة: «كُلفنا بدراسة مشاكل القطاع ووضع الحلول، قدمنا تقارير بذلك وصلت إلى مكاتب رؤساء حكومات وانتهت إلى الأدراج، لأن هناك من يقول: هذا )حكي أكاديمي(.. يعني )تخريف( بالمعنى الدارج في البلد .» أسس اختيار المسؤلين في التعليم العالي، سببٌ آخر لمشاكل هذا القطاع. يصف محافظة هذه الأسس بأنها «غير عقلانية »، لافتاً إلى أن غالبية المسؤولين الأكاديميين «يخضعون لضغوط سياسية واجتماعية .»

النائب عزام الهنيدي )عضو كتلة العمل الإسلامي، 6 نواب( يتشارك مع محافظة، في هذا الطرح، وبخاصة أسس التعيين التي قال إنها «تتجاوز الأسس العلمية، وتخضع للواسطة والمحسوبية، ولاعتبارات أمنية » على حد تعبيره.

يذهب الهنيدي إلى وصف نظام التدريس الجامعي ب »التلقين »، منتقداً غياب البحث العلمي، وسوء الإدارة المالية في الجامعات. موازنة وزارة التعليم العالي للعام الحالي 22 مليوناً و 188 ألف دينار، قيمة المخصص منها للجامعات والكليات الحكومية 12 مليون دينار، باستثناء ما تحصّله الجامعات من مواردها المستقلة )استثمارات وخدمات للطلبة(. الفجوة بين التنظير والتطبيق هي داء الاستراتيجيات. يعتقد الأكاديمي مروان كمال

أن المشكلة «ليست بما تطرحه الاستراتيجيات، وإنما بعدم تطبيق ما طرحته على الأرض .» كمال رئيس جامعة فيلادلفيا، وعضو في اللجنة الملكية للتعليم، كما كان عضواً في اللجان الحكومية الثلاث التي وضعت تصوراً لواقع التعليم العالي في السنوات الأرب

التخبط الحكومي نشار في استراتيجيات التعليم
 
19-Feb-2009
 
العدد 64