العدد 63 - رزنامه | ||||||||||||||
بفعاليات مسرحية وموسيقية تحكي معاناة غزة المحاصرة بالنار، دُشّن مقر «فضاء المسرح » بجبل اللويبدة، حيث تراصّت أكياس الشموع على الأدراج المفضية إلى باحة المكان، وتعانقت ظلالها مع الطراز المعماري للبيت الذي بنُي في خمسينيات القرن الماضي، بجدرانه المرتفعة وأرضياته المزخرفة بأشكال هندسية. أصوات القذائف والرصاص وصرخات الألم وبكاء الأطفال، كانت بطل المشهد الدرامي الافتتاحي الذي يصور مقاوماً فلسطينياً يسقط طفله بين يديه مضرجاً بالدماء، فتنتفض روحه المقاومة غاضبة، فيحمل بارودته المتواضعة، ويقتصّ بها من المعتدي الصهيوني المدجَّج بالسلاح. بعد انتهاء المشهد في الباحة التي تشكل مدخلاً للبيت، يدلف المرء إلى غرفة جوّانية قُدم فيها «سكتش » قصير، تلاه عزف وغناء على العود للفنان رامي شفيق. احتضنت الغرفة المواجهة للباحة الأمامية للبيت، عرضاً لمسرحية «زفرة العربي الأخيرة » من تأليف إبراهيم الحسيني وإخراج قيس الشوابكة، وأداء الممثلين: ريما نصر، رامي حداد، تاكر موسى ولؤي محمود. ودارت أحداثها حول معاناة الناس في قطاع غزة، وإصرارهم على نيل حريتهم رغم ما يتعرضون له من حصار وحرب لا هوادة فيها. دارت المسرحية في فضاء ملجأ قريب من مقبرة، وكانت الشخصيات تتحرك برشاقة؛ تارة تختبئ من قصف عشوائي قد يطالها، وتارة أخرى تخرج لتمارس حياتها، وثالثة تستذكر ماضيها، ورابعة تستشرف مستقبلها، ويظل الزمن يتأرجح بين الماضي والحاضر والمستقبل يتداخل حيناً وينفصل آخر. الشخصية المحورية في المسرحية هي عائشة التي تدور في فلكها الشخصيات الأخرى التي تتبدل أدوارها وفقاً للتصاعد الدرامي للأحداث، فتكون الأم أو الزوج أو الحماة.. تبحث عائشة عن وجودها، وعن طريق لخالص روحها من كل المآسي والخسارات التي تجرعت مراراتها، حيث فقدت زوجها أولاً ثم طفلها، ويكتشف المشاهد أن الملجأ الذي تعيش فيه ما هو إلا حطام بيتها الذي دمرته يد عدوانية. تنتهي المسرحية نهاية صادمة، حيث تقرر عائشة الخروج والمقاومة، ثم تعود مزفوفة، وإذ تذكر أنها ميتة منذ البداية، وأنها كانت تروي صرختها رغم موتها، فإن ذلك يحيل إلى أن الميت لم يفقد بعد صرخته المنبعثة في نفس كل واحد منّا. جاء الديكور وفق أسلوب المسرح الفقير، وكان شديد التواضع من حيث مادته، وهي الكرتون المرسوم عليه بالأسود والأحمر وبخطوط عشوائية، مع حِرامات وفرشات أرضية وبعض الصحون القديمة كان لها جميعها استخدامات متعددة، فالحِرام قد يتحول فستانَ زفافٍ لعائشة، ما ساهم في تعميق البعد الإنساني للشخصيات وظروف الحياة المستحيلة التي تعيش ضمنها. «فضاء المسرح » الذي شهدت قاعاته ومرافقه فعاليات متنوعة خلال حفل الافتتاح، يشكل أفقاً يتطلع إلى حرية الإبداع، ويحاول أن ينطلق من المسرح كأساس تنبثق منه أشكال الإبداع الفني الأخرى، وهو كما يكشف رئيس فرقة المسرح الحر علي عليان، لـ"السجل"، يروم إلى أن يكون ملتقى متخصصاً للمسرحيين ويستقطب شرائح متنوعة من الجمهور. |
|
|||||||||||||