العدد 63 - حتى باب الدار
 

الغزيون أهل نكتة وتهكم، وهم يشكّلون مصدراً للنكتة وموضوعاً لها في آن، فالمجتمع الفلسطيني كباقي المجتمعات يضع مجموعة من الناس ميداناً للتنكيت، وأحياناً يكون هناك أكثر من موقع ومجموعة، ففي الأردن مثلاً هناك الكثير من النكات التي تنسب إلى «الطفايلة » أو إلى «الصريح » وهناك عدد ضخم من النكات «السلطية » أغلبها من تأليف سلطي، وفي سورية هناك نكات الحماصنة )أهالي حمص(، وفي العراق هناك نكات عن «المصلاوية » )أهل الموصل( أو عن الأكراد. في الأردن نعرف كثيراً من النكات الفلسطينية التي تبدأ بعبارة «واحد خليلي » وفي مواضيع معينة توجد نكات تبتدئ بعبارة: «واحد نابلسي ». لكن ما لا نعرفه بشكل كافٍ أن هناك عدداً أكبر من النكات تبدأ بعبارة «واحد غزاوي » وهي متداولة بين الفلسطينيين أنفسهم، يضاف لذلك أن أهل الضفة من جهة وأهل غزة من جهة أخرى يتبادلون ما بينهم النكات.

كما هي العادة في المناطق التي يعرف أهلها بالنكات، فإنهم يبادرون إلى التنكيت على أنفسهم، وهناك الآن عدد من مواقع الإنترنت يديرها شبان من غزة، يرحبون بكل النكات والحكايات الظريفة التي تخص منطقتهم، وينشرون الكثير منها بلا تحفظات.

النكات في غزة متناسبة مع الظروف الاقتصادية والسياسية التي يمر بها القطاع، ويمكن بسهولة رصد ذلك ورصد التبدل الحاصل في النكات.

من المهم الإشارة إلى أنه في مجرى الصراع مع العدو الصهيوني، فإن النكتة كانت على مدار الزمن تميل لصالح العدو، فهو المتفوق المنتصر المخطط والذكي، وبالمقابل كان الطرف العربي في النكتة مغلوباً مهزوماً غبياً يفتقر إلى التخطيط، وذلك باستثناء فترة محدودة تلت حرب تشرين.

كان على العرب أن ينتظروا طويلاً إلى أن تأتي حرب تموز/يوليو 2006 ويتحقق الانتصار الكبير لصالح المقاومة الإسلامية في لبنان، حيث سيتبدل اتجاه النكات جذرياً بعد ذلك، ليس فقط من جهة المقاومة نفسها التي رغم ما تحرص عليه من وقار، فهي لجأت إلى التهكم من العدو، وبخاصة من خلال إعلامها الذي أبدع في تصوير زعماء العدو خلال الحرب وبعدها، ولكن الأبرز هنا أن الإسرائيليين أيضاً أخذوا يؤلفون النكات حول الحرب والهزيمة وحول قادتهم المدنيين والعسكريين.

النكتة في غزة سخرية نحو الداخل والخارج
 
12-Feb-2009
 
العدد 63