العدد 63 - اقتصادي
 

محمد علاونة

شهدت صناعة الأخشاب والأثاث الأردني خلال العقدين الأخيرين نمواً واضحاً حوّلها من ورش صغيرة إلى شركات متوسطة وكبرى تمتلك مصانع يعمل فيها آلاف العمال، وتصدر منتجاتها إلى مختلف أنحاء العالم. وقدرت أرقام رسمية صادرات الأردن من الصناعات الخشبية والأثاث خلال العام الماضي بنحو 43 مليون دينار.

محلياً، نما القطاع في شكل مطرد على مدار العقدين السابقين، على الرغم من منافسة حادة يشهدها القطاع من الأثاث المستورد من ماليزيا، وتركيا، والصين، ومصر. وتطور القطاع من صناعة أثاث تتمثل في مقاعد خشبية يدوية وغرف نوم بسيطة، إلى منتجات المطابخ والمكاتب والأثاث المنزلي وقاعات المدارس والمختبرات الطبية والمستشفيات والفنادق، إضافة إلى الموكيت، مع استخدام تكنولوجيا متطورة. ارتباط تلك بنشاط قطاع الإنشاءات، وطيد كونه يحصد حصة كبرى من عمال تركيب الأبواب، والنوافذ الخشبية، والديكورات،

والمطابخ، والمكاتب، والأثاث الخشبي، الأساسي في مشاريع كبرى سياحية يمكن أن تكون مكاتب تجارية أو فنادق. في هذا الإطار شكل التراجع الملحوظ في عمليات البناء والتشييد في المملكة منذ بداية العام 2008 ، هاجساً للقطاع من إمكان أن يحد هذا التراجع من نشاطه وسط سعي العاملين فيه، وتحديداً الشركات الكبرى المصدرة البالغ عددها 40 شركة لدخول أسواق جديدة لمواجهة أي ركود محتمل.

البيانات الرسمية تشير إلى تراجع نشاط البناء في المملكة بنسبة 17 في المئة خلال العام الماضي مقارنة بالعام 2007 . إذ بينت الأرقام الصادرة عن البنك المركزي الأردني تراجع المساحات المرخصة للبناء بنسبة 17 في المئة، حيث هبطت من 12 مليون متر مربع مع نهاية العام 2007 ، إلى 10 ملايين متر مربع نهاية العام 2008 . كما انخفض عدد رخص البناء، من 24.9 ألف رخصة بنهاية العام 2007 ، إلى 21.7 ألف رخصة خلال العام 2008 ، وبنسبة تراجع بلغت 13 في المئة. وانخفض عدد الرخص الممنوحة للسكن من 21997 رخصة بنهاية العام 2007 ، إلى 19133 رخصة خلال الفترة نفسها من العام 2008 ، أي بنسبة تراجع بلغت 13 في المئة، فيما تراجعت المساحات السكنية من 9.1

مليون متر مربع في نهاية ا لعام 2007 إلى 7.4 مليون متر مربع في نهاية 2008 ، أي بنسبة انخفاض بلغت 19 في المئة. المدير التنفيذي للجمعية الأردنية لمصدري ومنتجي الأثاث على خزينو، أكد لـ"السجل" أن القطاع يواجه تحديات أخرى غير انخفاض نشاط البناء، يتمثل في نقص الأيدي العاملة الأردنية، وبخاصة الماهرة، كون القطاع يحتاج لأشخاص مدربين لديهم القدرة على التعامل بالشؤون الفنية، فقطاع الأثاث يصدر منتجاته الآن إلى كل من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ودول خليجية، بينما يستورد الخشب الخام من أوروبا، وإفريقيا، وروسيا، وأميركا. واعتبر خزينو القطاع الذي يشغل حالياً أكثر من 30 ألف عامل أردني ووافد، من القطاعات التي تحتاج إلى مزيد من الدعم، سواء من القطاع الحكومي أو الخاص للتعريف به وإحداث تغيرات في مناهج التدريب التي تعتمدها كل من مؤسسة التدريب المهني أو صندوق التدريب والتشغيل، وهي مؤسسات معنية بالتدريب المهني لكثير من المهن الحرفية والصناعية.

وبيّن أن مخرجات مراكز التدريب المهني، كمّاً ونوعاً، ما زالت أضعف من أن تقوم بتلبية حاجة القطاع من العمالة المؤهلة، بالإضافة إلى الصعوبات والتعقيدات التي يواجهها أصحاب مصانع الأثاث في جلب العمالة المؤهلة من خارج المملكة. وحول ما يمكن لأسعار مدخلات الإنتاج من أخشاب وإكسسوارات أن تلقيه من تأثيرات على القطاع، يرى خزينو أن هذه التأثيرات تكاد لا تذكر، كون الارتفاع الأخير على الأخشاب عالمياً اقتصر على أصناف محدودة. وهو يرى في الوقت نفسه، أن من المهم منح الإكسسوارات التي تستخدم في صناعة الأثاث بعض الإعفاءات، إضافة إلى أهمية خفض ضريبة المبيعات على المنتجات النهائية من 16 في المئة إلى نسبة تقاس

بالقدرة الشرائية للمواطنين. القطاع له أيضاً جانب اجتماعي، كونه يرتبط مباشرة بمناسبات الزواج الذي غالبا ما يتطلب فرش المنزل وتوفير الاحتياجات من أثاث خشبي؛ غرف نوم أو جلوس، ومطابخ خشبية. ويفضل الشبان المقبلون على الزواج القيام بجولات تجريبية تشمل نقاط ارتكاز محلات الأثاث، التي غالباً ما تكون قريبة من بعضها في مناطق مثل: رأس العين، وشارع الجامعة، وذلك في ظل التفاوت الملحوظ في الأنواع والأسعار، فقد وصل متوسط سعر غرفة النوم ما يقارب ألف دينار، وفي بعض الأحيان يصل سعر الغرفة إلى خمسة آلاف دينار، بينما يمكن الحصول على غرفة نوم متوسطة المستوى من مناطق شعبية نظير ألف دينار. ويقر خالد الصعوب، صاحب محل مفروشات في عمان، بارتفاع سعر الأثاث الأردني مقارنة بالأثاث الصيني المستورد، الذي يمثّل تحدياً كبيراً أمام المنتج المحلي،

وذلك بسبب ارتفاع ثمن الأخشاب المستوردة، فضلاً عن ارتفاع ثمن الدهانات والأيدي العاملة في ظل ارتفاع الأسعار عموماً، غير أنه يؤكد أن الأثاث الأردني، بخاصة المشغول يدوياً، ما زال يحظى بإقبال محلي وعالمي في دول العالم المختلفة. لكنه يؤكد أن صناعة الأثاث، على رغم النجاحات التي حققها، ما زال في حاجة إلى تطوير يزيد من قدرتها، ويفتح لها آفاقاً جديدة على مستوى العالم.

صناعة الأثاث المحلي، تم إدراجه أخيراً ضمن قائمة السلع السلبية، أي تلك التي سيتم تأجيل تطبيق التخفيض الجمركي عليها ضمن اتفاقية التجارة الحرة المزمع توقيعها مع تركيا بهدف الحفاظ على تنافسية صناعة الأثاث في المملكة. خزينو، أوضح أن الجمعية وضعت خطة عمل للعام الجاري، تتضمن البحث عن أسواق جديدة للصادرات الوطنية، والمشاركة في المعارض الدولية المتخصصة لبناء شراكات استراتيجية مع المصنعين العالميين، وتكثيف الدورات التدريبية المتخصصة لأعضائها وتوفير قاعدة بيانات حديثة لها. ويبقى ازدهار صناعة الأخشاب والأثاث رهنا بنشاط قطاع الإنشاءات، ومحاولات دخول أسواق جديدة في ظل منافسة حادة من قبل الأثاث المستورد.

الأثاث: ورش صغيرة في الخمسينيات وصادرات بالملايين في 2008
 
12-Feb-2009
 
العدد 63