العدد 63 - اقليمي
 

وفاء يوسف

القدس - التقى الفلسطينيون والإسرائيليون في صعوبة اختيار أي المرشحين أفضل لرئاسة حكومة إسرائيلية جديدة. يرى الإسرائيليون أن الاختيار يتمحور بين اليمين المتطرف، واليمين، واليمين الوسط، وطغت قضايا الأمن والشؤون الداخلية على وجهة الاختيار.

وبينما ينتظر الفلسطينيون تشكيل الحكومة الجديدة للتأكد من مدى تأثير سياستها في حياتهم اليومية وفي عملية السلام، فإنهم يرون أن اليمين بجميع توصيفاته، سوف يركز جلّ اهتمامه على مقاومة ما يسميه «الإرهاب الفلسطيني »، وتوسيع الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية المحتلة، ووضع العراقيل أمام تسوية سلمية تنهي 42 عاماً من الاحتلال. وقد أظهرت الحرب الأخيرة على قطاع غزة الشهر الماضي، مدى توجه المجتمع الإسرائيلي نحو اليمين، حيث لم تظهر هناك أصوات «نشاز » ضد هدف إسرائيل «بضرورة تلقين حركة حماس والفلسطينيين عموماً درساً

قاسياً، لمنعهم من مواصلة إطلاق الصواريخ على أراضيها » ، وانضم اليسار الإسرائيلي إلى الأصوات التي شرعت الحرب على غزة.

لذلك لا يعوّل الفلسطينيون على الحكومة الإسرائيلية الجديدة، باتجاه تحقيق أي تقدم في عملية السلام أو تقديم أي خطوات جدية يقبلون بها ، وينتظرون أن تمارس الإدارة الاميركية الجديدة برئاسة باراك أوباما الضغوط على الاحتلال لوقف الاستيطان، الذي كان سبباً أساسياً في عرقلة المفاوضات السلمية طوال الفترة السابقة، ويهدد إقامة دولة مستقلة متصلة على الأراضي الفلسطينية التي أُحتلت العام 1967 . الأمل الذي ي يراود بعض الأطراف في السلطة الفلسطينية يبدو ضئيلاً للغاية، إذا ما تراجعت الحكومة الإسرائيلية الجديدة عن تبني مبدأ حل الدولتين الذي «أيدته » حكومتا شارون، وأولمرت، وفي هذه الحالة ستجد نفسها في مواجهة المجتمع الدولي، وخصوصاً الولايات المتحدة. يقول المحلل السياسي عبد المجيد سويلم: «إن تشكيل حكومة ائتلاف من الأحزاب الرئيسية الثلاثة: الليكود، وكاديما، والعمل، هي إشارة إلى أن هذا الائتلاف سيتشكل على حساب الحقوق الفلسطينية، وأن السقف السياسي لهذه الحكومة سيكون منخفضاً، وسنشهد تعقيدات على صعيد العملية السياسية، فإسرائيل تستخدم الانقسام الفلسطيني الجغرافي والسياسي، كذريعة لعدم التوصل لاتفاق نهائي، أو لعدم تنفيذ أي اتفاق يمكن التوصل إليه حول الوضع النهائي .»

ويرى كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات «أن الفلسطينيين يدعون اللجنة الرباعية إلى اعتبار أي حكومة إسرائيلية جديدة لا تعترف بحل الدولتين، ولا تجمد الاستيطان، غير شريكة في عملية السلام، فقد سبق للرباعية أن أعتبرت حركة حماس غير شريكة، وقامت بعزلها ومقاطعة الحكومة التي ترأستها بسبب عدم اعترافها بحل الدولتين ونبذ الإرهاب، فهل ستتخذ الرباعية موقفاً مماثلاً تجاه إسرائيل إذا ما اتخذت موقفاً مشابهاً لموقف حماس؟ .»

وبينما ينتظر الفلسطينيون الذين فقدوا الأمل بأي تحرك سياسي وبعروض إسرائيل، التي لا تلبي أدنى احتياجاتهم وحقوقهم، عودة المبعوث الأميركي جورج ميتشيل، في يارته الثانية إلى المنطقة نهاية شباط/فبراير الجاري، وذلك للاستماع إلى تفاصيل خطته للتحرك باتجاه وقف الاستيطان، وما إذا كان بإمكانه ممارسة الضغط على إسرائيل للحد من معاناتهم اليومية بإزالة الحواجز العسكرية التي قطعت أوصال الضفة الغربية، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية.

في المقابل يلوّح الفلسطينيون بانتهاج خطة تفاوضية جديدة، تقوم على اشتراطات جدية قبل العودة إلى مفاوضات الحل النهائي، وهي تجميد الاستيطان، واعتراف إسرائيل بالمبادرة العربية للسلام، لمنع تفرد إسرائيل بالفلسطينيين، واعتبار القضية الفلسطينية قضية العرب.

يقول سويلم: «مع أهمية إعطاء الأولوية لحل القضية الفلسطينية، فإذا لم يتواز ذلك مع إجراءات على الأرض، تعطينا مؤشرات جادة على تحول حقيقي في سلوك إسرائيل، فإن أي تصرف آخر لن يفضي إلى نتيجة .» وقد دعت مصر لجولة من الحوار الوطني بين الفلسطينيين في الثاني والعشرين من شباط/ فبراير في محاولة لإنهاء الانقسام، الذي تسبب في سيطرة حماس على قطاع غزة، ما بات يهدد المشروع الوطني، وأدى

بالتالي إلى انقسام عربي - عربي، غير أن المؤشرات لا تدل على تضييق الهوة بين حماس المسيطرة على قطاع غزة، وفتح التي تقود السلطة في الضفة الغربية. وفي ظل الانقسام الفلسطيني يحاول القادة الإسرائيليون تطويع الفلسطينيين للقبول بدولة ممزقة، والإصرار على ضم ما بين 8 - 10 في المئة من الضفة الغربية، وهي أراضٍ أقيمت عليها مستوطنات كبرى، حيث يرفض أي رئيس وزراء إسرائيلي تفكيكها، خوفاً من استثارة غضب المستوطنين المدعومين من اليمين المتطرف. وفي هذا السياق، يؤكد مسؤول إسرائيلي: «إن أية حكومة في إسرائيل لن يكون باستطاعتها، ولو بعد عشرين عاماً، التراجع عن ضم تلك المساحة من الضفة الغربية التي تضم مستوطنات وجداراً عازلاً، ولن يحصل الفلسطينيون على كل الأراضي التي أُحتلت العام 1967 ، ولذلك فمن الأجدر بهم عدم إضاعة الوقت والقبول بالعرض الإسرائيلي اليوم إذا كانوا يريدون حلاً .» وكان الرئيس محمود عباس، قد رفض عرضاً من رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق أيهود أولمرت بضم إسرائيل ما مساحته 7 في المئة من أراضي الضفة الغربية أقيمت عليها مدن استيطانية يهودية كبيرة. وأكد عباس في تصريحات أدلى بها مؤخراً أن لا مفاوضات مع الاستيطان، بينما أبدى رئيس الوزراء سلام فياض، تشاؤمه من مستقبل عملية السلام «في الوقت الذي لا يعرض فيه قادة إسرائيل صيغة مقبولة للحل .» وقال فياض: «لن نقبل بالطرح الإسرائيلي، فقد قدمنا تنازلاً تاريخياً مؤلماً لعام 1988 ، ومنذ ذلك الوقت إلى هذا اليوم ، فإننا لا نرى أفقاً لحل يلائم تطلعاتنا الوطنية،

فلا يوجد أحد في النظام السياسي الإسرائيلي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار من هو مستعد لتقديم صيغة ترقى إلى مستوى مقبول وطنياً لدينا، فهم يتحدثون عن دولة كنتونات مقطعة الأوصال يأكل الجدار 10 في المئة من أراضيها، ولن نقبل بهذا الطرح، وبصراحة لا يوجد أفق.

لا أفق للسلام مع حكومة إسرائيلية جديدة
 
12-Feb-2009
 
العدد 63