العدد 63 - الملف | ||||||||||||||
نهاد الجريري كان الزوجان الشابان على حافة الطلاق. كثرت المشاكل بينهما بالرغم من قصة الحب العنيفة التي عاشاها قبل الزواج. وبعده رزقا بطفل وطفلة لا ينفكان يتحدثان عن «النهفات » التي تأتي منهما كلما رغب الصغير بالحصول على «البونبون » أو أطالت الصغيرة الوقوف أمام المرآة على صغر سنها. لكنهما لم يكونا بمنأى عن الصعوبات المادية التي ألمت بكثير من العوائل الأردنية في الفترة الأخيرة. زادت الأعباء، وسيطر التوتر ودخلت «العصبية » إلى حياتهما الهادئة. كل شيء وأي شيء، مهما صغر، كان كفيلاً بأن يجعلهما يتعاركان ويتخاصمان، ولأيام أحياناً. بعد أن عجز الاثنان عن «التواصل » وفهم طبيعة ما كان يحدث بينهما، قررا اللجوء إلى طرف ثالث، شريطة ألا يكون قريباً أو حتى صديقاً. هي سمعت في الراديو اختصاصياً نفسياً يتحدث عن المشاكل بين الزوجين. وهكذا طلبا مساعدة مستشار في العلاقات الزوجية. الطريف أن الاثنين يتفقان على أن الطبيب لم يحل لهما مشكلة؛ لكنه في النهاية ساعدهما على اتخاذ خطوة أولى في اتجاه فتح حوار ثنائي بينهما. بعد أشهر قليلة من الزيارة الأولى عادت المياه إلى مجاريها. الاستشارة الزوجية أمر حديث على مجتمعنا الأردني. الاختصاصي النفسي عز الرشدان يقول: «إنه ليس من السهل على الرجل تحديداً أن يطلب مساعدة آخرين لحل مشاكل تقع في عقر داره؛ وذلك بخلاف المرأة التي تستغل الفرصة إن لاحت لها. هذا الأمر يحد من رغبة الزوجين، سواء أثناء الزواج أو في مرحلة الخطوبة، في التحدث إلى طبيب متخصص .» ويزيد الرشدان: «أن كثيراً من الأزواج ممن يراجعون العيادة يحضرون بادىء الأمر لحل مشكلة ليست بينهما ». وهو يذكر أن زوجين حضرا إليه بسبب عدم قدرة الزوجة على التعامل مع ابنة زوجها. اتضح لاحقاً أن المشكلة الحقيقية كانت بين الزوجين، الأمر الذي انعكس على علاقة الزوجة بالطفلة. ويلحظ الرشدان أن ما يقوم به لا يشتمل على تقديم «حل » للمشاكل بين الزوجين، وإنما على تعريفهما بمهارات للتواصل فيما بينهما، تؤدي في نهاية الأمر إلى «توحيد » الرؤية تجاه أي شيء قد يشكل نقطة خلاف. ويضرب مثلا بأن الزوجة قد تقرر أن تولم لأهلها، لكن الزوج قد يرد بأنه مشغول ولا يستطيع الحضور لاستقبال الضيوف. الزوجة قد تشعر بأنه يقلل من احترامها ويحرجها أمام أهلها. وهو قد يشعر أنها تحرجه لأنها لم تستشره في موعد الوليمة. ما يحدث في عيادة الاستشارات الزوجية هو تقريب وجهات النظر بحيث لا ينظر الاثنان إلى الأمر على أنه انتقاص من شخص الآخر. وتشتمل مهارات الاتصال على بنود عدة أهمها: التعبير عن المشاعر سواء كانت إيجابية أو سلبية، والتفكير الإيجابي بمعنى أن ينظر الزوجان إلى أي خلاف على أنه قابل للحل، واستكشاف حاجات اجتماعية عند الشخص المعني وعند الآخر، ومحاولة إشباعها لدى الطرفين. احتياجات مثل التقدير والحب والأمان. «الحل قد يكمن أحياناً في أن يرفع الزوج سماعة الهاتف ليقول لزوجته )أحبك واشتقت إليك(، وكذلك بالنسبة للزوجة »، يضيف الرشدان. تطور مسألة «عدم التواصل » إلى مشكلة تعكر صفو الحياة الزوجية بما قد يؤدي إلى الطلاق، لا يحدث فقط أثناء الزواج. فلاح التميمي، اختصاصي الطب النفسي، يقول: «إن المشاكل تبدأ عندما يخفق أحد الزوجين في التعرف على طباع الآخر من مرحلة الخطوبة ». ويضيف إلى ذلك عدم القدرة، أو الافتقار إلى المرونة، بهدف تعديل سلوكيات الطرفين بما يضمن تراضيهما. ويخلص إلى أن توافر الإرادة والرغبة في الاستمرار بالحياة الزوجية هو الكفيل بالحيلولة دون تفاقم أي مشكلة مهما صغرت أو كبرت إلى طلاق. |
|
|||||||||||||