العدد 63 - الملف | ||||||||||||||
نهاد الجريري يذكر محمد عطية أنه في العام 1999 ، وجد نفسه مضطرا إلى تربية طفليه: ولد يبلغ ستة أعوام، وبنت تبلغ تسعا؛ فقد ألفى نفسه وحيدا بعد وقوع طلاق بينه وزوجته. يقول عطية: "تربية الأطفال صعبة جدا جدا بوجود الأبوين، فما بالك عندما تجد نفسك تقوم بهذه المهمة وحيدا"؟ بالصدفة المحضة، اكتشف عطية أن صديقا له وجد نفسه هو الآخر مضطرا لتربية أربعة أطفال، ولكن بعد أن توفيت زوجته في سن مبكرة. وصدف مرة ثالثة، أن التقى الاثنان بصديقة مطلقة مسؤولة عن طفلين. هكذا برزت الحاجة إلى إيجاد "هيئة" تعنى بشؤون الآباء والأمهات الذين يجدون أنفسهم يقومون، وحيدين، بتربية أطفالهم لغياب شركائهم إما بسبب الطلاق أو الوفاة. هكذا ولدت "جمعية الأسر أحادية الوالدين"، التي تضم بين صفوفها فقط المطلقين والأرامل ممن لديهم أطفال. المفارقة في هذه الجمعية التي تدخل عامها العاشر، أنها حددت هدفها الرئيسي بالعمل على "الحد من ظاهرة الطلاق، لما لها من أثر سلبي بالغ على الأطفال". يضيف عطية أن الجمعية تسعى إلى تقديم العظة للآخرين بأن يتجنبوا الطلاق حفاظا على الأولاد. الهدف الثاني للجمعية هو "تحسين ظروف المشاهدة"، أي عندما يرغب الأب أو الأم في مشاهدة أبنائه، فبدلا من اللجوء إلى مركز الشرطة "لمشاهدة" الأولاد. الجمعية تسعى إلى توفير مكان ملائم يرتاح فيه الأبوان والأولاد على حد سواء. إضافة إلى ذلك، توفر الجمعية لأعضائها ما يسمى "علاجا بالمشاركة"، أو ما Group Therapy ، بهدف تحسين نفسية المطلق/ة أو الأرمل/ة من خلال الاطلاع على تجارب الآخرين. ويؤكد عطية أن هذا الأمر ساعد على وجه الخصوص السيدات والرجال الذين خاضوا تجربة الطلاق. "هؤلاء يعانون من عزلة بسبب نظرة المجتمع السلبية لهم، لكن الجمعية، ومن خلال المشاركة، أثبتت لهم أنهم ليسوا وحيدين". في موازاة ذلك، تقيم الجمعية أنشطة عائلية موجهة للأطفال، ذلك أن الطفل، وفي حالات الطلاق تحديدا، كثيرا ما "يخجل" من البوح بطلاق والديه؛ وهو ما قد يظهر أثره في تراجع تحصيله المدرسي. عطية يقول إن "دمج" هؤلاء بأطفال مثلهم يعيشون ظروفا مشابهة يعطيهم دفعة إلى الأمام. بشارة البشارات رئيس الجمعية، يقول إن كثيرا من الأولاد الذين كبروا الآن وصاروا شبابا وشابات ما زالوا يتواصلون فيما بينهم بعد أن تعارفوا في إطار الجمعية في وقت عصيب. يبلغ عدد أعضاء الجمعية حاليا 110 أعضاء. لكن البشارات يلحظ أن هذا الرقم لا يمثل كل الأعضاء الذين انخرطوا في الجمعية على مدى السنوات التسع الماضية. ويقول "ناس بتدخل وناس بتطلع". ويشرح أن المطلقين حديثا يعانون من وضع صعب يحتاجون فيه إلى خدمات الجمعية؛ لكن الحال تتغير بعد أن تتحسن أحوالهم النفسية وتتطور قدراتهم على التكيف مع وضعهم الجديد وعلى التعامل مع أولادهم بمعزل عن الشريك؛ "فسرعان ما يستغنون عن الجمعية". وفي جانب آخر، يشير البشارات إلى حالات كثيرة اختار فيها المطلقون شركاء جددا من أعضاء الجمعية نفسها. والطريف هنا أن اقتران عضو الجمعية بشريك لا ينفي عنه صفة الأب أو الأم الوحيد أو single parent ، ذلك أنه/ا يظل محتفظا بهذه الصفة لوجود أولاد له/ا من زواج سابق. بالرغم من هذه النجاحات، لا تزال الجمعية من دون مقر بالرغم من مخاطبتها أمانة عمان لتوفير مركز "مشاهدة" بإشراف الجمعية، على أقل تقدير. |
|
|||||||||||||