العدد 63 - أردني
 

منصور الزيودي

"عقدة "غزّة وتداعيات العدوان الإسرائيلي الأخير عليها، تلقي بظلالها على الساحة الحزبية في الأردن، إذ ظهرت بوادر تصدّع في "تنسيقية "أحزاب المعارضة، على خلفية اتهامات ساقها حزبيون للحركة الإسلامية بـ"عدم التنسيق، ومحاولة التفرد بالزخم الشعبي غير المسبوق ."

أبرز تجليات ذلك التنافر، دار إبان تأسيس ما سمي «الهيئة الأردنية لدعم وإسناد المقاومة ،» التي تغيّب عنها معظم الفعاليات الحزبية والنقابية، باستثناء نقيب المهندسين وائل السقا، بدعوى أن الإسلاميين عّدوا مشاركة هذه الفعاليات تحصيل حاصل. الناطق باسم تنسيقية المعارضة أمين

عام الحزب الشيوعي منير الحمارنة، يقول إن الشركاء في المعادلة الحزبية لم يستطيعوا تبيُّن شكل المبادرة التي يسعى الإسلاميون إلى إطلاقها. ويضيف حمارنة: «هناك ضبابية حول مبادرة الإسلاميين »، مؤكدا أنه «لم يتم التطرق بعد إلى عمل اللجنة، ومدى التزام جبهة العمل تحت مظلتها .»

الاجتماع التأسيسي لهيئة إسناد المقاومة أوصى بتحويل هذه الهيئة الأردنية إلى هيئة عربية أردنية للمقاومة، فيما دعا المجتمعون إلى «اعتصام مفتوح أمام السفارة المصرية لفتح معبر رفح .» مشاركون في الاجتماع انتقدوا تركيز شعارات الاعتصامات والمسيرات بيد إسلاميين، ركزّوا مطالبهم ضد السلطات المصرية والفلسطينية، فيما غابت أي مطالب متعلقة بالأردن، باستثناء «إفشال التوطين والوطن البديل »، وهو مطلب يتقاطع مع موقف الحكومة.

لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة تتألف من: حزب جبهة العمل الإسلامي، حزب الشعب الديمقراطي «حشد »، حزب الوحدة الشعبية،

الحزب الشيوعي، الحركة القومية للديمقراطية المباشرة، وحزبَي البعث، التقدمي والاشتراكي. في السياق نفسه، تسعى جبهة العمل الإسلامي، بحسب أمينها العام زكي بني ارشيد، «إلى طرح مبادرة ضمن تنسيقية المعارضة، وليس خارجها »، تقضي بتوسيع الجهات المنضوية تحتها لتشمل فعاليات شعبية وشبابية غير مسجلة كأحزاب، ولكنها «تشترك في الموقف مع تنسيقية الأحزاب المعارضة .» التحفظ الحزبي ظهر ابتداء في مهرجان خطابي طغت عليه الشعارات الإسلامية، وصفه الكاتب اليساري موفق محادين في صحيفة «العرب اليوم » بأنه: «مهرجان مؤسف ومحزن بكل المقاييس، وتفوح منه رائحة مقايضة مسبقة الصنع مع الحكومة .» محادين انتقد ما وصفه بأنه «تركيب » لشخصيات «غير معروفة بتاريخها الوطني أو المعارض على ظهر الشارع الأردني بوصفها شخصيات وطنية ». حضر المهرجان عدد من شيوخ العشائر الذين تدعمهم الحركة، من بينهم النائب السابق يسري الجازي وطراد الفايز.

خلال المهرجان، وجّه شبان سؤالاً إلى الحركة لم يتم الإجابة عنه. يقول السؤال: «لماذا لم يشارك الإسلاميون مرة واحدة في مسيرات الرابية، احتجاجاً على سفارة العدو هناك .»بني ارشيد يؤكد أن الحزب وجّه الدعوات للجميع، إلا أن أمناء عامين لأحزاب أخرى رأوا أن ذلك لم يكن كافياً، وأن القوى السياسية كانت تنشد «التنسيق المسبق، وليس المشاركة كضيوف »، على حد تعبير شخصية وطنية فضّلت عدم ذكر اسمها. أمين عام حزب الوحدة الشعبية سعيد ذياب يقول من جانبه: «كنا نطمح أن تكون مبادرة تشكيل لجنة لدعم المقاومة من قبل الملتقى أو لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة، لتوسيع دائرة المشاركة من الأحزاب السياسية والفعاليات المختلفة .»

أمين عام حزب الشعب الديمقراطي «حشد ،» أحمد يوسف يضيف أن «الإسلاميين تفردوا بالمبادرات التي أُطلقت منذ الحسم العسكري لحماس في غزة، وبالتالي فإن الأحزاب السياسية غير معنية بمثل هذه الاجتماعات أو المبادرات .» الاستياء ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ يتهم يوسف الحركة الإسلامية بأنها قامت ب »تجيير أعمال الملتقى لصالحها ». إلا أن بني ارشيد يردّ بالقول: «كنا نود لو شاركت هذه الفعاليات في مختلف النشاطات والبرامج، إلا أن ذلك يبقى خياراً .» مسؤول سابق ينقل عن مسؤول بارز انتقاده في جلسات خاصّة لما يصفه ب »جنوح خطباء الإخوان إلى تكفير النظام والدولة خلال العدوان الإسرائيلي على غزّة »، ما دفع السلطات إلى التدخل بعد أن سمحت ل 20 خطيبا إخوانيا باعتلاء المنابر مجددا في شهر رمضان )خريف العام الماضي(. يرد النائب حمزة منصور على تلك الدعاوى بالقول إن نهج الإسلاميين «واضح، فهم ضد التكفير »، لكنّه يستدرك قائلا: «لكن هذا لا يمنعنا من واجب تقديم النصيحة والموعظة الحسنة، فهو واجب شرعي ضمن معادلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

بوادر شرخ في "تنسيقية" أحزاب المعارضة
 
12-Feb-2009
 
العدد 63