العدد 63 - أردني | ||||||||||||||
عطاف الروضان مرة أخرى يتصدى الملك عبدالله الثاني بنفسه لحسم جدل أقلق الأردنيين منذ أيار/مايو الماضي ،حين أعلن مطلع الأسبوع في الذكرى العاشرة لرحيل والده الملك الحسين أن "مدينة الحسين الطبية" باقية، وسوف يتم ضخ 200 مليون دينار لتطويرها بعد ثلاثة عقود على إنشائها. باستحضار إرث والده الراحل في ذكرى رحيله، حسم الملك نهائيا مستقبل هذا الصرح المرتبط باسم الحسين، بعد أن كانت أدرجت ضمن مساحات ما يعرف بـ"مشروع بيع أراضي دابوق المجاورة". الملك عبدالله الثاني أكّد احترامه لإنجازات والده ومشاعر شعبه حين قال: «مدينة الحسين الطبية كانت هدية الحسين لأبناء وبنات هذا الشعب الخير المعطاء، ولها مكانة خاصة في ضمير ووجدان كل أردني وكل أردنية ». وأردف قائلاً: «من الوفاء للحسين، والتزاماً بواجبنا تجاه بلدنا وشعبنا، سنحافظ على هذا الرمز، وسنعمل على تطوير وتحديث هذا الصرح الطبي الكبير .» في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية )بترا( منتصف العام الماضي، تحدث الملك عن إمكانية نقل أجزاء من المدينة الطبية إلى منطقة الماضونة جنوبي شرقي عمان. مديرة مكتب وكالة الصحافة الفرنسية في عمان رندا حبيب، كانت ضمن تيار إعلامي ضاغط ضد ملف خصخصة المدينة الطبية، تقرأ في الإعلان الأخير «استمرار الملك على خطى والده والحفاظ على إرثه ». تقول الزميلة حبيب: «هذا إغلاق نهائي لملف بيع المدينة الطبية، الرمز والشاهد على شؤون تتعلق بمحطات الأردن التاريخية، عولج فيه الراحل ياسر عرفات، وسلّم الملك الحسين روحه لبارئها فيه .» تصف حبيب الاحتفال في مبنى المدينة الطبية ب «الأنسب وله رمزية خاصة، ليس فقط بتأكيد المحافظة عليها وإنما بحسمه بعد ما تردد عن احتمالات نقلها إلى مكان آخر »، وذلك في إشارة إلى تكهنات سابقة حول شراء أراض في منطقة سحاب «تبين لاحقاً أنها لغايات نقل القيادة العامة »، بحسب ما ذكرته مصادر أمنية. في اجتماع عاصف لمجلس النواب في أيار/ مايو الماضي، تعرضّت حكومة نادر الذهبي إلى انتقادات نيابية رفع من وتيرتها مطالبة النائبين: ناريمان الروسان وصلاح الزعبي باستقالة رئيس الوزراء، بسبب السياسة التي تتبعها الحكومة في ملف بيع أراضي الدولة. اتهم نواب آنذاك الحكومة بالتخطيط ل «بيع أراضي وأملاك الدولة » ورأوا في هذا النهج محاولة «لتفكيك الدولة ومسّاً بهيبتها .» أصبع الاتهام وجه آنذاك إلى رئيس الديوان الملكي باسم عوض الله، الذي أقاله الملك أواخر العام الماضي. مصادر مطلعة على ملف الخصخصة رفضت التصريح باسمها ل «حساسية الموضوع » تقول إن التوجه لبيع المدينة كان «قائماً بالفعل. لكن الشركة التي كانت تنوي شراء المدينة الطبية تعرضّت لنكسات مالية أدت إلى إفلاسها »، وفق المصادر ذاتها. على أن نوابا ومسؤولين يستبعدون وصول الأمر إلى درجة عقد صفقة. تقول النائب فلك الجمعاني: «يبدو أنه من الأساس لم يكن هناك بيع للمدينة وإلا كيف استرجعوها؟ ». وتتابع الجمعاني: «هبّة الناس بوجه هذا الأمر أفادت، وإعلان الملك قطع الطريق بشكل نهائي أمام الاستمرار فيه. أحس الملك بعواطف الناس تجاه إرث والده باعتباره رمزاً من رموز الدولة « .» المدينة بترول الأردن » تضيف النائب التي عملت في الخدمات الطبية الملكية وتدرجت في الترقيات إلى أن تقاعدت برتبة لواء. جرّاح القلب داود حنانيا، أول مدير لمدينة الحسين لدى تأسيسها العام 1973 ، يرى في كلام الملك الأخير «طمأنة، ليس فقط للجسم الطبي وإنما للمواطنين كافة .» يفنّد حنانيا، عضو مجلس الأعيان، ما نشر أخيراً من «أن أبنية المدينة تقادمت واستنفدت عمرها الهندسي »، ويجادل بأنها «مجموعة مستشفيات تتراوح أعمارها ما بين صفر )مستشفى الأطفال الذي يبنى حالياً( إلى خمس سنوات، أقدم الأبنية هو مستشفى الحسين الذي شيد قبل 36 سنة »، وهو عمر حديث مقارنة بالمستشفيات العالمية، بحسب الطبيب الجرّاح. يستذكر حنانيا مستشفى سانت بيرز لندن التعليمي، الذي تخرج فيه، مؤكداً أن عمره 150 عاماً وشهد اختراع البنسلين. وحول الجدل المتعلق بوجود موقع المدينة الطبية، البالغة مساحتها 650 دونماً، في وسط عمّان، يرد حنانيا بالقول: شخصياً لا أرى أجمل أو أوسع منه ويسهل الوصول له من الجهات الأربع ». ويتابع: «الأصل في المستشفيات أن تكون في منتصف المدينة .» طبيب القلب يوسف القسوس، يرى من جانبه أن إعلان عبدالله الثاني «دليل على تواصل ملكي بإرث وإنجاز يجب المحافظة عليه، كما أن تكريم الأطباء في ذكرى وفاة الحسين له رمزية خاصة لن ننساه مدى الحياة ». القسوس تدرج في السلم الوظيفي في المدينة الطبية حتى شغل نصب مديرها، إلى أن وصل مديراً للخدمات الطبية الملكية قبل أن يتقاعد برتبة لواء. ويرى الدكتور القسوس أن تحديث المدينة الطبية مشروع وطني كبير لرفد المدينة الطبية التي أسماها «الدرة » بأحدث الأجهزة والتقنيات. ويفسر رصد 200 مليون لعملية التحديث بأنها «ستخصص لتحديث البنية التحتية الطبية .» وأكد القسوس أهمية مأسسة جمع التبرعات التي أعلن عنها الملك عبدالله الثاني من أصدقاء الأردن وأصدقاء الحسين. |
|
|||||||||||||