العدد 63 - بلا حدود | ||||||||||||||
الحملة الوطنية لأجل حقوق الطلبة "ذبحتونا"، عُرفت على الساحة الطلابية بنشاطها المناهض لرفع الرسوم في الجامعات الأردنية. نمط عمل هذه الحملة يختلف عن وسائل العمل التقليدية التي دأبت عليها الحركة الطلابية والشبابية في المملكة. ارتأت "السّجل" أن تتعرف على ما تمثله الحملة من وسائل ورؤى جديدة، وتعرّف بها، من باب تسليط الضوء على اتجاهات التحديث والتطوير التي يشهدها المجتمع الأردني في عمل القطاعات الشابة الناشطة بالعمل العام فيه. لهذا حاورت "السجل" منسق حملة "ذبحتونا" وصاحب فكرتها فاخر دعّاس، وشارك اثنان من نشطاء الحملة: بثينة الفتياني، ومحمد الحساسنة في جانب من الحوار.
السجل: من أين جاءت فكرة إنشاء إطار للدفاع عن حقوق الطلبة باسم "ذبحتونا" ؟ - فاخر: بدأت فكرة الحملة في أيلول/سبتمبر2006. فقد نُشر خبر في الصحف يفيد أن وزير التعليم العالي، خالد طوقان آنذاك، شكّل لجنة لإلغاء البرنامج الموازي في الجامعات، والاستعاضة عنه برفع رسوم البرنامج العادي. بادرنا حينها في المكتب الشبابي لحزب الوحدة الشعبية بتشكيل لجنة لدراسة الموضوع، فوجدنا أن الأمر على قدر من الأهمية، ما يتطلب إجراء دراسة تفصيلية لموضوع الرسوم وموازنات الجامعات. الدراسة التي أعدتها اللجنة قُدمت في ملتقى عقد في 8 كانون الثاني/يناير 2007 ، بمشاركة ممثلين عن المكاتب الشبابية لأحزاب سياسية ونقابات ونائب في البرلمان، وخلص الملتقى إلى اعتبار أن المعالجة المطروحة لمشكلة الرسوم والبرامج الجامعية على قدر من الخطورة، وشجّع على التحرك لمواجهتها. وبعد سلسلة من لقاءات خرجنا بفكرة الحملة، وأطلقناها في مؤتمر صحفي يوم 31 آذار/مارس 2007 . السّجل »: من أنتم، إذاً، وكيف تعرفون أنفسكم؟ - فاخر : نقطة البداية كانت بمشاركة ممثلين عنّا في حزب الوحدة الشعبية وعن مكاتب طلابية وأحزاب سياسية مثل: الحزب الشيوعي الأردني وحزب البعث العربي الاشتراكي والحركة القومية والاتجاه الإسلامي وجبهة العمل القومي وممثلين عن نقابات مهنية. واستقرت الحملة الآن بصفتها إطاراً تنسيقاً بين مكاتب طلابية وشبابية، تابعة لأحزاب سياسية ومكاتب طلابية أخرى مستقلة في عدد من الجامعات. هناك انطباع عند بعض الناس أننا نعمل من أجل الرسوم فقط. لكن في الحقيقة نحن نعمل على ثلاثة محاور أساسية، هي: الرسوم الجامعية، الدفاع عن الحريات الطلابية، وإقامة الاتحاد العام لطلبة الأردن. تتغير الأولويات بين هذه المحاور حسب طبيعة الوضع. نحن لسنا بديلاً عن المجالس الطلابية المنتخبة، ونسعى للتعاون معها في حدود ما هو ممكن. السّجل: هل تتعرضون إلى محاولات تجيير الحملة لصالح أحزاب سياسية؟ وإلى أي مدى تمثل الحملة تجديداً وتطويراً في عمل الأحزاب؟ - فاخر: المجموعات المشاركة في الحملة تعمل بشكل منسجم. ونحن نحرص على حشد الطاقات الطلابية من أجل تحقيق أهداف الحملة. لكن لنكن واضحين؛ من دون الأحزاب السياسية ليس هناك وجود للحملة، ونحن جميعنا نعتز بانتماءاتنا الحزبية، لكن الحملة تحترم إطارها الخاص، وكل العمل يتم باسمها. هذا يعني أننا استفدنا من التجارب السابقة المتعثرة للأحزاب. لهذا فإن جميع المكاتب الشبابية منصهرة في الحملة، ولا علاقة للأحزاب في أمور الحملة الخاصة. وربما يكون أحد أسباب نجاح الحملة هو استقلاليتها في العمل. كذلك، الأحزاب باتت مهتمة أكثر من ذي قبل بتطوير أساليب عملها، لهذا صارت طريقة العمل أكثر مرونة، وأكثر ديمقراطية، وصار بوسعنا في الحملة إصدار مواقف قد لا تعجب القيادة. علاوة على ذلك لا يأخذ عمل الحملة طابعاً فكرياً، وهذا يمكننا من استقطاب اتجاهات طلابية مختلفة. السّجل: لنتحدث عن اسم الحملة، هل كانت هناك بدائل للاسم أو ملاحظات عليه؟ - فاخر: اسم الحملة جزء من نجاحها خصوصاً في البداية، بعد ذلك ليس للاسم أي أثر يذكر. عندما قمنا بإجراء الدراسة، ذهلنا لحجم الارتفاع في الرسوم، فمثلاً ارتفعت رسوم الساعة المعتمدة في تخصص تكنولوجيا المعلومات في الجامعة الأردنية من 10 دنانير إلى 47 ديناراً. لذلك كان يجب أن يعكس الاسم هذا العنف المسلط على الطلبة، سواء بما يتعلق بالرسوم أو بالحريات. فبماذا كان يمكن أن نصف مثلاً تعيين رؤساء الجامعة الأردنية لنصف مجالس الطلبة في الفترة الماضية؟ في البداية، عندما اقترحت الاسم أثار الضحك، كان البعض يبحث عن اسم "جدي"، كانت هناك بدائل مثل "كفى، ستوب، بكفي"، ومن وجهة نظري أن هذا الاسم جاذب لأنه أثار رغبة الناس في التعرف على حقيقة الوضع. بعض الجهات الرسمية أخبرتنا بأن الاسم منفر، وإذا ما تم تغييره فسوف يتعاونون معنا.. السّجل: ألم تفكروا عند اختيار اسم الحملة بمحاكاة تجربة "كفاية" المصرية؟ - فاخر: ربما يكون ذلك في اللاوعي، لكن صدقاً لم نفكر في محاكاة التجربة المصرية، لأن "ذبحتونا" شيء مختلف تماماً‘ فهي حملة تجمع أطراً شبابية وحزبية مختلفة وأهدافها محددة، وعندما تخاطب الحملة الطالب الجامعي، يجب أن تخاطبه بلغته وهمومه. السجل: ما هي أدواتكم في العمل، هل تكتفون بإصدار بيانات أم أن هناك أشكالاً أخرى من التحرك؟ - فاخر: أطلقنا الحملة في مؤتمر صحفي، ورغبنا بعد ذلك أن يكون هناك نشاط قوي ومتميز، فاخترنا الاعتصام أمام مجلس النواب، وكانت هذه هي الانطلاقة الفعلية للحملة. نحن نعمل في الأردن وليس في الدانمارك، ونعرف الظروف والذهنية الأمنية السائدة ونأخذ كل ذلك بعين الاعتبار. فمثلاً كان لدينا توجه بجمع تواقيع، وبما أن عمل ذلك داخل أسوار الجامعة يمكن أن يعرض بعض الشبان لعقوبات، عمدنا إلى جمع التوقيع خارج الجامعة. هذه الظروف تحكم عملنا، لهذا اتجهنا إلى صيغة التحركات الرمزية، فعندما نقيم اعتصاماً، لا نشرك فيه كثيرين، فالمهم هو إيصال رسالتنا. في اعتصام أمام رئاسة الوزراء، كان عدد أفراد مكافحة الشغب أكثر من المعتصمين. السجل: ما مدى استخدامكم للتكنولوجيا في نشاط الحملة؟ - بثينة: التكنولوجيا أصبحت توفر لنا فرصاً ومجالات جديدة في العمل، فالحملة مثلاً تستخدم طريقة إلكترونية في التواصل مع الطلبة من خلال "الفيس بوك". والآن يوجد في كل جامعة "group " ينظمه الطلبة لجامعتهم، وهذه أدوات جديدة يجب استخدامها، وإلا تخلفنا عن الركب. والآن كثير من عمليات الاتصال معنا، تتم من خلال موقع الحملة الإلكتروني. فالطلبة يتزودون بأرقام هواتفنا منه، ويتواصلون معنا. السّجل: هل تركزون في عملكم أكثر على الجامعات الحكومية أم الخاصة؟ - محمد: في موضوع الحريات الطلابية نحن نعمل على الجهتين، ونجد قبولاً لمواقفنا في الحملة. أما في موضوع الرسوم، فنركز على الجامعات الحكومية، مع أننا اشتغلنا على موضوع رسوم المواصلات في الجامعات الخاصة، وطالبنا بعدم رفعها، أيام ارتفاع أسعار المحروقات. السّجل: ما هي فئات الطلبة التي تتجاوب أكثر مع الحملة؟ - بثينة: الطلبة الذي يدفعون رسوماً عالية، يتجاوبون معنا أكثر. في البداية يكون الطلبة حذرين في التعبير عن رأيهم بالحملة، بسبب عامل الخوف، ثم نكسب ثقتهم شيئاً فشيئاً. نلاحظ أن ميل الطلاب للتفاعل مع الحملة ودعمها أكثر مما هو لدى الطالبات لأن عامل الخوف لديهم أضعف. أما الطلبة الحزبيون، فهم نشطون ودائماً في المقدمة. السّجل : هل تواجهون مضايقات في الجامعة؟ - محمد: لم أتعرض شخصياً إلى أية مضايقات، لكن أصدقاء لي تعرضوا لمضايقات. العمل من أجل الحملة هو جزء لا يتجزأ من برنامج عملي اليومي في الجامعة، إذ أتحدث لزملائي عن الحملة وعن الأوضاع العامة. وأنا أقوم بكل واجباتي تجاه الحملة بالطريقة المناسبة، مع مراعاة شيء من الحذر. فالأجيال السابقة تتحدث عن تدخلات أمنية في الجامعات، الآن استعيض عنها بكبت حرية الطالب من خلال الأنظمة. - بثينة: نحن نواجه مشاكل أحياناً مع الدكاترة، فقد رسبت في مادة بسبب نقاش مع الدكتور. شاب آخر فصل فصلاً تاماً، ولم يقبل الدكتور إرجاعه إلا بعد وساطات مضنية. بعض الدكاترة يقولون إن الانتماء إلى الأحزاب يعني عدم الانتماء إلى الأردن. السّجل: من أين تأتون بكل هذا الحماس للعمل في أجواء غير مشجعة ؟ - فاخر: طلبة الجامعات هم الذين يمدوننا بهذا الحماس، حين نراهم متحمسين أكثر للعمل، هذا يزيدنا إصراراً على مواصلة المسيرة. في إحدى الفعاليات عندما رأيت الطلبة متحمسين للغاية في الدفاع عن حقوقهم، أحسست بمسؤولية أكبر وكدت أبكي. كذلك نحن تلقينا تربية حزبية تجعلنا مخلصين لبلدنا وشعبنا، ولا نستطيع أن نكون منعزلين عن مشاكل الناس. عندما تنجح الحملة في إلغاء فصل طالب من الجامعة لأنه وزع ملصقاً، هذا يعزز قناعتنا بأهمية العمل الذي نقوم به. وقد حققت الحملة تراكماً في حضورها وفي إنجازاتها، ما يحفزنا على مواصلة المشوار. |
|
|||||||||||||