العدد 62 - كاتب / قارئ
 

إدارة التغيير هي الإدارة التدبيرية التي تعنى بعملية الانتقال من حالة معينة )الوضع الراهن الذي يشكل المشكلة( إلى وضع جديد )الوضع المرغوب الانتقال إليه، الذي يعدّ بمثابة الحل(. هذه العملية تتطلب إطارَ عمل يتمثل في اتباع خطوات، هي تشخيص المشكلة وتحليلها،تحديد الأهداف المنشودة، تنفيذ هذه الأهداف وتحقيقها، وضع خطة مفصّلة مبنية على رؤية معينة لعملية الانتقال بشكل منتظم.

الأسباب التي تدعو إلى التغيير هي: عدم الرضا عن الوضع الراهن، الشعور أن التغيير وارد كحقيقة لا بد منها، الوصول إلى وضع أفضل )كشغل وظيفة أخرى براتب أعلى مثلا(، وتحقيق طموحات ذاتية أو تحقيق الذات. أما أسباب فشل عملية التغيير فهي عديدة، أهمها مقاومةعاملي المؤسسات والشركات وموظفيها للتغيير. من الأسباب الكامنة وراء مقاومة الأفراد للتغيير، الاعتقاد أنه لا توجد هنالك حاجةحقيقية له، وأن التغيير له مخاطر تفوق فوائده، فضلاً عن أن عملية التغيير محكوم عليها بالفشل. معظم الأبحاث التي أجريت على موضوع التغيير، بينت أنه لا يمكن للمؤسسات الإبقاء على أداء متميز للعاملين فيها على المدى البعيد، ما لم تكن لديها فلسفة مؤسسيةراسخة، تشجع على ثقافة التأقلم أو التكيف مع بيئة عمل متغيرة. وقد توصلت دراسة أخرى إلى أن 60 في المئة من مشاريع إعادة هيكلة

الأعمال أو إعادة هندسة عملياتها، قد فشلت، بسبب مقاومة الموظفين لعملية التغيير. تفعيل عملية التغيير، وجعلها عملية نجاح ، يتطلب وضع

استراتيجية مدروسة ومحكمة جيدا، تأخذ في الحسبان جميع ردود الفعل المحتملة )مثل رفض عملية التغيير من أساسها، وبخاصة أثناء مرحلة الانتقال(. ويجب على « | وكلاء التغيير » مساعدة الموظفين على الانتقال من الحالة القديمة إلى الوضع الجديد بارتياح وثقة، وتوضيح الأهداف المرجوّة من عملية التغيير بدقة وشفافية، وطمأنتهم بأن التغيير لن يكون ضد مصالحهم الشخصية.

ولا بد أيضا لوكلاء التغيير أن يهتموا بتكوين فريق عمل متخصص، لعبور مرحلة الانتقال، وإنجاح عملية التغيير.

من المهارات التي ينبغي أن يتحلى بها وكلاء التغيير، المهارات السياسية. تتمثل هذه المهارات في الحكم على الأشياء وفقاً لما يفرضه الواقع الراهن. والمهارات التحليلية، مثل التحليل العقلاني والموضوعي للأمور. لكي تتكلل عملية التغيير بالنجاح، هنالك خمسة حواجز يجب اجتيازها، هي: الوعي أو الإدراك بأن التغيير مطلب ضروري، وأن تكون هناك رغبة قوية من الأفراد بدعم عملية التغيير والمشاركة الفاعلة فيها، والعمل على تنمية مهارات وسلوكيات جديدة تتناسب مع الوضع الجديد.

عملية التغيير تتطلب ما أسمّيه «ذكاء المسافر »، بمعنى أن تتخيل طبيعة الرحلة التي سوف تقوم بها، وطبيعة المكان أو الغاية التي تودالوصول إليها، الأمر الذي يتطلب رؤية وخيالاً وإبداعاً.

الوصول إلى الحالة المرغوب فيها يتطلب: تحديد الأهداف المراد تحقيقها بشكل واضح، وضع الاستراتيجيات المناسبة لتحقيق هذه الأهداف، تنفيذ هذه الاستراتيجيات تنفيذا جيدا وسليما. ليتذكّر المرء أنه يجب أن يضع ثقته دائما وأبدا في الله عز وجل، وإذا عزم فليتوكل على الله الذي لا يضر مع اسمه شيء، لا في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم.

إميل قسطندي خوري

إدارة التغيير بين الرفض والقبول
 
05-Feb-2009
 
العدد 62