العدد 62 - حريات
 

بثنية جويحان

يبرر أبو خالد، وهو تاجر في الخامسة والخمسين من العمر، إجباره شقيقاته على التنازل عن إرثهن له ولأشقائه، بعد وفاة والدهم، بقوله إن المرأة حين تتزوج «تقع مسؤوليتها على زوجها، الذي سيرث أملاكاً من والده، ولا يحق له من ثم أن يمتلك ما لغيره ». وحتى لو كان الزوج بلا ميراث مُنتظر، وتعيش زوجته معه حياة غير ميسورة، فإن ذلك –بنظره- لا يبرر حصوله على مال غيره، لأن «كل شيء قسمة ونصيب ». أبو خالد،

بذلك، يرى أن أملاك أخته لن تكون من حقها في كل الأحوال: فهي إما ستكون لزوجها، أو ستكون لأخيها، وهو يفضّل الثانية!.

الحال ليست كذلك طبعاً، سواء كانت المرأة متزوجة أو لم تكن. شيرين عباس ) 45 عاماً(، وهي سيدة متزوجة، توفي والدها قبل عشر سنوات، تاركاً ميراثاً قيّماً من الأراضي والمال، يمكن أن تكون فيه حصّة كل واحدة من بناته الست، نحو خمسين ألف دينار. رفضت الأم توريث بناتها، مفضّلة تقديم المال كله لولديها المقيمين في الولايات المتحدة، وخيّرتهن بينها وبين الميراث، فوافقت البنات على التنازل عن حقهن كي لا يغضبن أمهن، باستثناء شيرين التي أصرت على الحصول على المال لأن أسرتها بحاجة ماسة له، فضلاً عن أن ذلك المال من حقها، لا من حق إخوتها الذين سيحصلون على حصة مضاعفة. أخذت شيرين حصّتها واشترت شقة لأسرتها الصغيرة، لكنها في المقابل تعرّضت لمقاطعة من عائلتها وأمها، في حين آلت كل الأموال، في نهاية المطاف، لأخ واحد، لأن الآخر يقيم في مصحة للمعالجة من الإدمان، في أميركا!.

مها أيضاً، وهي الآن في الثلاثين من عمرها، توفي والدها قبل ثلاث سنوات. ليس لمها أشقاء ذكور، بل أعمام أرادوا ما تركه والدها لها ولشقيقاتها الست ولأمها من أموال وأراضٍ وشركات، فأجبروهن على التنازل عن الميراث بضغط من العائلة بحجة أنهن موظفات ولا حاجة لهن بالمال، فضلاً عن عدم قدرتهن على إدارته. ما تزال العائلة تمنع الحديث في أمر الميراث، إذ تسمعهن كلاماً جارحاً ومهيناً كلما أرَدْنَ الحديث في أمر

المال الذي أُخذ عنوة. الحال نفسها تنطبق على لمياء أكرم ) 55 عاماً(، وهي موظفة متقاعدة وغير متزوجة، فقد تنازلت وشقيقاتها عن ميراثهن للأشقاء الذكور، بحجة أنهن موظفات ولا حاجة لهن بالمال، فضلاً عن كونها غير متزوجة وسيتكفل إخوتها باحتياجاتها الإضافية من المال. ما حصل تالياً أن لمياء بعد تقاعدها باتت أشبه ب"لخادمة »، بحسب تعبيرها، إذ تتنقل بين بيوت إخوتها بحسب احتياجاتهم، وعندما ترفض أو تتذمر من المساعدة، فإنها تسمع كلاماً مؤذياً عن «تحملهم » لها، متناسين أن ما أخذوه منها من مال، يفوق كثيراً ما قدموه لها.

بينما تطالب لمياء كل النساء بالإصرار على تحصيل حقوقهن، لتفادي ما تسميه «ذل الزمان »، فإن السيدة السبعينية أم علاء خ

خداع وتخجيل لحرمان المرأة من الميراث
 
05-Feb-2009
 
العدد 62