العدد 62 - اقتصادي
 

السجل – خاص

تعددت خطط الإنقاذ التي طرحتها الحكومة في الآونة الأخيرة، بعد أن اقتنعت السلطة التنفيذية أخيرا بأن الأردن لن يكون بمنأى عن تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية.

أول المؤشرات التي تؤكد تأثر الاقتصاد بالأزمة، كان تراجع حجم التسهيلات خلال الشهر الأخير من العام الماضي بمقدار 200 مليون دينار، بحسب البيانات الصادرة عن البنك المركزي، وهو رقم وإن بدا صغيرا مقارنة بالحجم الإجمالي، فإنه كان يسهم في دعم آلاف المشاريع، لا سيما الصغيرة ومتوسطة الحجم. وكانت الحكومة أعلنت دعم القطاع العقاري، فيما أعلن رئيس الوزراء عن ضمان ودائع البنوك المحلية خلال العام الحالي، إضافة إلى إعلان وزارة السياحة خطة طوارئ للحد من تأثير الأزمة العالمية على الاقتصاد الوطني.

كما يشير تراجع حجم الودائع خلال هذه الفترة بمقدار 23 مليون دينار، إلى قيام بعض أصحاب الأموال بسحبها وتحويلها إلى دول أخرى، أو توجيهها إلى استثمار أكثر أمنا من البنوك، حيث بدأ بعض الأفراد بالتوجه للذهب كملاذ آمن للاستثمار، بحسب ما أكده أمين سر نقابة تجار الذهب

ربحي علان. الاعتراف الحكومي جاء متأخرا بتأثير الأزمة، إذ إن إطلاق أكثر من خطة يستجلب انتقاد الاقتصاديين الذين يرون أن دعم القطاعات كل على حدة يمكن أن يؤثر في خزينة الدولة في ظل محدودية مواردها. المشهد المحلي بما ينطوي عليه كان يدعو إلى وضع استراتيجية شاملة لمختلف القطاعات تضمن عدم تبعثر الجهود، كما يرى وزير التخطيط الأسبق جواد العناني. ويرى العناني أن «نتائج الخطط لكل قطاع على حدة تحقق أهدافا أقل من تلك التي يمكن تحقيقها في ظل وجود خطة شاملة تنضوي تحتها .» الحكومة قدمت أخيرا مبادرة لإنقاذ قطاع العقار لاستكمال مشاريع مجمدة لشركات عقارية جراء أزمة السيولة، وبينت اللجنة المالية والاقتصادية في البرلمان أن حجم الدعم الحكومي لخطة الإنقاذ المالي

مبدئيا يناهز 200 مليون دينار، توجه لدعم 30 شركة عقارية كبرى ومساهمة عامة. بدوره، أوضح وزير السياحة الأسبق منير نصار، أن «قطاع السياحة ملزم بالخروج بخطة طوارئ تحاكي مشاكله ،» مشيرا إلى ضرورة جمع الخطط في خطة وطنية متكاملة، بخاصة وأن معظم القطاعات تحتاج إلى دعم من الحكومة. وأوضح نصار «أن القطاعات في حاجة إلى دعم سواء بزيادة النفقات أو تقليصها، فأي تأثير على السياحة، يؤثر على الخزينة وأداء الحكومة المالي .» وبحسب وزارة السياحة والآثار تم الانتهاء تقريبا من إعداد خطة مواجهة الأزمة المالية العالمية للحد من تأثيرها على القطاع السياحي، وذلك من خلال الحفاظ على أسعار الخدمات المقدمة في القطاع، والعمل على تخفيض أسعار شركات النقل السياحي بناء على انخفاض أسعار النفط العالمية. من جهة أخرى، ذكر رئيس الوحدة الاستثمارية للضمان الاجتماعي السابق مفلح عقل أن وجود عدد كبير من الخطط في ظل محدودية موارد الدولة غير مقبول، إذ «لا بد من استخدامها بالشكل الأمثل دون توزيعها على القطاعات بدون فائدة .»

ولفت عقل إلى أن وجود أكثر من خطة يشتت جهودها، فلا بد من جهة مركزية واحدة تتمتع بالمعرفة الفنية القادرة على تقييم عمل المؤسسات، وتحديد كفاءة الشركات التي تحصل على الدعم، بالإضافة إلى الشروط والضمانات على هذه الشركات، واقترح أن يقابل الدعم الذي تقدمه الحكومة ضمانات وممثلون في الشركات وفريق يعمل على تقييم حاجة الشركات وقدرتها على البقاء بعد الدعم. خطة الطوارئ الاقتصادية الهادفة إلى

مواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية، ترتكز على إعادة النظر في أولويات الإنفاق في حال تأثرت واردات الخزينة، حيث قدرت النفقات الجارية بمبلغ 4.7 بليون دينار في سنة 2009 بزيادة نسبتها 3.3 في المئة عن مستواها في العام 2008 ، في حين قدرت النفقات الرأسمالية بمبلغ 1.3 بليون دينار، أو ما نسبته 9 في المئة من الناتج المحلي. وشدّد عقل على دراسة خطة الإنقاذ الوطني بعناية، لتشمل المؤسسات القابلة للاستمرار والمؤثرة بالاقتصاد الوطني من خلال تحسين إداراتها، داعيا إلى تجميد دعم الشركات التي ساهمت في الأزمة، حيث تتشارك الحكومة والبنوك بالخطة، إذ تقدم الحكومة الكفالات وتقدم البنوك الأموال. وتهدف خطة الطوارئ إلى مواجهة سيناريوهات انخفاض الإيرادات الحكومية عن المستويات المقدرة في موازنة العام المقبل، جراء دخول الاقتصاد العالمي مرحلة انكماش عميقة، ما قد يرتب تداعيات على عدد من القطاعات التنموية. العناني شدّد على وجود فريق واحد يسمى مجلس طوارئ اقتصادي، يضم ممثلين عن القطاعين الخاص والعام، يجتمع يوميا لمراجعة أوضاع الأردن الاقتصادية أولا بأول. وهو يؤكد أن خطة الإنقاذ الوطني يجب الاّ تعكس بالضرورة أزمة بقدر ما تعكس تقلبات الاقتصاد الدولي، كتلك التي يشهدها سوق العملات، رغم أن دول الاتحاد الأوروبي أعلنت حالة الانكماش الاقتصادي.

عشوائية خطة إنقاذ الاقتصاد تضعف القدرة على تحقيق الأهداف
 
05-Feb-2009
 
العدد 62