العدد 62 - اقليمي | ||||||||||||||
داليا حداد
أشارت نتائج أولية لانتخابات مجالس المحافظات في العراق، التي جرت السبت 31 كانون الثاني/ يناير، وكذلك الأجواء الأمنية السلمية التي سادتها، والسلاسة التي تميزت بها العملية الانتخابية، رغم أن نسبة المشاركين لم تتعد 51 في المئة من مجموع المشمولين بالتصويت، تشير إلى تحول واضح في موقف الناخب من تأييد الأحزاب والتيارات الدينية )بشقيها الشيعي والسني(، إلى تأييد «معقول » للأحزاب والقوى والشخصيات العلمانية والمعتدلة. وكان كثير من الإسلاميين قد قرأ مسبقاً هذا التحول، قبل بدء الانتخابات بأشهر، فعمد إلى ارتداء لبوس العلمانية، والحديث عن ضرورة إنهاء المحاصصة الطائفية وبناء دولة القانون، وذلك في محاولة للتأثير على اتجاهات الناخبين،وكي لا يخسر المتحدثون مواقعهم في السلطة. لقد ظهر أن «المجلس الأعلى »، برئاسة عبد العزيز الحكيم، والحزب الإسلامي بزعامة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، هما أبرز الخاسرين في الانتخابات، حتى في معاقلهما. في وقت حققت فيه قائمة «ائتلاف دولة القانون » بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي تقدما في 6 محافظات جنوبية. ومن شواهد انهيار المجلس الأعلى الإسلامي في معقله بكربلاء فوز قائمة المرشح «العروبي » يوسف الحبوبي. جرت الانتخابات في 14 محافظة من أصل 18 محافظة، باستثناء كركوك ومحافظات إقليم كوردستان )أربيل و السليمانية ودهوك(، وشارك فيها 401 تنظيم سياسي يمثلها 14800 مرشح تنافسوا ما بينهم على 440 مقعدا في مجالس المحافظات التي ستتولى مسؤوليات واسعة منها ترشيح المحافظين الذين يتولون شؤون الإدارات المحلية لمحافظاتهم، والإشراف على مشاريع إعادة الإعمار وتمويلها، وتشكيل حكومات محلية تتولى العديد من الصلاحيات التشريعية والتنفيذية في مناطقها. وعاين هذه الانتخابات مئات المراقبين الدوليين، وآلاف المراقبين المحليين من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية، وهو ما حمل ممثل الأمم المتحدة في العراق )ستيفان دي ميستورا( على القول: «إن الانتخابات العراقية الحالية هي أكثر الانتخابات مراقبةً من قبل الأمم المتحدة في التاريخ الحديث .» وخلافاً لانتخابات سابقة فقد لوحظ في هذه الانتخابات: - أن مرشحين منهم أصحاب مال ونفوذ من المشاركين في العملية السياسية وبعضهم أثروا ثراءً غير مشروع في ظرف سنوات قليلة، لم يترددوا في الحديث عن نقص خدمات، الماء والكهرباء، وقام مُعظمهم بزيارات تفقُّدية، بطريقة استعراضية، إلى مدن وقصبات نائية فقيرة. وتستر معظم المرشحين- حتى أولئك الذين ينتمون إلى أحزاب السلطة- خلف شِعارات عامة وفضفاضة، لا تنطوي على أي التزام فعلي. فيما امتنع كثيرون ممّن هُم متهمون بالإثراء غير المشروع عن خوض السباق الانتخابي، وغيّرت قوى سياسية نافذة من وجوه مرشحيها. - انخفاض نسبة المواطنين في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية الذين توجهوا إلى صناديق الاقتراع مقارنةً بالانتخابات السابقة، فقد سجلت محافظة صلاح الدين الغربية ذات الأغلبية السنية النسبة الأعلى في المشاركة، فيما سجلت محافظة ميسان الشيعية الجنوبية أدنى نسبة.. - شاركت الأقاليم الساخنة كالأنبار، في الانتخابات بحماسة شديدة بعد تقهقر تنظيم القاعدة، وباقي الجماعات المسلحة هناك، لكن الصراع تحولت بوصلته إلى داخل السنة السياسية، بين مرشحي الصحوات، وهذا الأمر انسحب على مناطق سنية في بغداد، كالأعظمية، وخارجها في باقي المدن السنية المعروفة، كسامراء وحديثة. – تقدم تجمع المشروع العراقي الوطني بزعامة صالح المطلك، والقائمة العراقية الوطنية بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي على الحزب الإسلامي في محافظة ديالى، وتفوقت قائمة «ائتلاف دولة القانون » بنسية كبيرة على قائمة المجلس الأعلى. - أدار المواطنون ظهورهم إلى «المجلس الأعلى » الحاكم لأسباب عدة منها: فشله في تسيير مجالس المحافظات الجنوبية التي يسيطر على معظمها منذ الانتخابات السابقة، وتحالفه الوثيق مع إيران، وعدم معارضته للمحاصصة الطائفية ولم يشر اليها في حملاته الانتخابية، إضافة إلى تركيز المجلس على شعائر عاشوراء التي يرى الكثير من العراقيين الشيعة أنها لم تعد تتماشى ومتطلبات بناء دولة عصرية حديثة. - أن ائتلاف الأحزاب الدينية الشيعية، الذي حكم العراق طوال السنوات الثلاث الأخيرة، و «جبهة التوافق » التي تمثل القوى السياسية السنية، نتيجة الانسحابات والخلافات التي شهدتها خلال السنتين الأخيرتين، قد تفتتا وتراجع نفوذهما لصالح تيارات ليبرالية وعلمانية. وتشير التوقعات إلى أن أكبرالمستفيدين من ذلك سيكون القائمة الوطنية العراقية بقيادة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، وجبهة الحوار برئاسة صالح المطلك، والحزب الشيوعي بزعامة حميد مجيد موسى، إضافة إلى شخصيات مستقلة. |
|
|||||||||||||