العدد 62 - اقليمي
 

معن البياري

يشد انتخاب رئيس جديد للصومال الأنظار، إلى هذا البلد العربي المنكوب بالحروب والصراعات الأهلية والإقليمية، عدا عن الفقر والتخلف والجوع، والموصوف بهشاشة الدولة المركزية فيه. وأن يكون الرئيس الجديد إسلامياً، هرب قبل نحو عامين من بلاده، فهذا يُغري، لبعض الوقت أيضاً، بالتملي في الحالة المستجدّة في هذا البلد الذي يغالب أوضاعاً معقدة، وتتناهبه أهواء وأطماع عديدة. ومع التمني بأن ينعطف الصومال مع تولي شيخ شريف شيخ أحمد صلاحياته إلى التشافي والنهوض وانتهاء حالة الاحتراب والتنازع المسلح الدائم فيه. فمما يبعث على الانتباه إلى هناك أن الاعتدال صفة السمت الإسلامي في الرئيس، المنتخب السبت الماضي 31 كانون الثاني/ يناير الماضي، وهو الذي بدأ مبكرا يغازل الولايات المتحدة، من قبيل قوله إن موقفها تجاه بلاده بات صادقاً. وكان في طور سابق موُصوف بالتشدد، وهو الذي ترأس «المحاكم الشرعية الإسلامية » في الصومال، التي بسطت سلطتها وفرضت حكمها في عموم البلاد لنحو عام ونصف العام، قبل أن يطيحها غزو أثيوبي في نهاية 2006 ومطلع 2007 ، أسند سلطة بديلة هي حكومة الرئيس عبدالله يوسف، الذي استقال في نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وكان غزواً مسنوداً

من الولايات المتحدة، ومسكوتاً عنه من الدول العربية.

ليس تحريم الفرجة على مباريات كرة القدم وحده، ما لفت إلى ما كانت عليه فتاوى وسياسات «المحاكم » في تلك الشهور، بل أيضاً قدرتها العسكرية والتنظيمية التي أهلتها للقضاء على «تحالف أمراء الحرب »، و «تحالف مكافحة الإرهاب »، في تلك الأثناء، عُرف اسم شيخ شريف شيخ أحمد ) 42 عاماً( زعيماً لمؤسسة ذات نفوذ شبهت بحركة طالبان في أفغانستان. وحاز هذا الشاب الذي نشط في التواصل مع وسائل الإعلام الخارجية على شيء من الشهرة، وبدا أن ثمة تمايزاً بينه وبين حليفه في قيادة «المحاكم » وتأسيسها وتوسيع وجودها في عموم الصومال، الشيخ حسن طاهر أويس، الذي وصمته واشنطن بالتورط في أعمال إرهابية. مع انهيارها أمام الاجتياح الأثيوبي، مضت ميليشيات المحاكم الإسلامية إلى مقاومة مسلحة ضده، وأربكت القوات الأثيوبية. وظل شيخ شريف يُلح، بعد هربه من العاصمة مقديشو، ثم من بلاده، على انسحاب هذه القوات شرطا لأي توافق، أو أي مصالحة وطنية سعت جهات ليست قليلة من أجلها، وقامت السعودية واليمن ومصر وجامعة الدول العربية ببعض المحاولات في هذا الخصوص. أدرك الشاب، المتدين والإسلامي النزعة، مفاعيل الجغرافيا ووظائفها المؤكدة بشأن الصومال المحاط بقوى ومحاور إقليمية في القرن الإفريقي، وأيقن أن موقع بلاده يفرض مقادير من المرونة قد تمكنها من التقاط أنفاسها، ومن العودة دولة غير معتلة

وغير متروكة للحروب ولصراعات الميليشيات ونفوذ زعاماتها والعشائرية. التقط شيخ شريف الجوهري في ذلك، وهو مّرس للجغرافيا في الأصل بعد دراسته في ليبيا والسودان، واختار الأخذ بالسياسة، والبحث عن المشترك في المحيط الإفريقي وبعض العربي، وحافظ في الوقت نفسه على ثباته على أولوية خروج المحتل الإثيوبي من الصومال. ويسّرت له كينيا وجيبوتي، وإريتريا بعض الوقت، وقطر أيضاً، والسودان أحياناً، فضاء رحباً نسبياً للتحرك والتواصل مع العالم، وكان لدوام حضوره على شاشة «الجزيرة » أثره في تعزيز موقعه، وبدا في الأثناء أن الولايات

المتحدة رأت أنها قد تجد فيه خياراً محتملاً في مناوأة الحركات الإسلامية شديدة التزمت الديني والسياسي. وساعد على «تعويم » شيخ شريف، وترويجه في الصومال قائداً ممكناً وطموحاً ومخلصاً لبلده، كفاحه في معارك شرسة ضد ميليشيات «تحالف محاربة الإرهاب »، ما أهله ليتم انتخابه رئيساً لاتحاد المحاكم الإسلامية في 2005 . ثم مواصلته مثل ه

رئيس إسلامي للصومال يمتدح الغرب
 
05-Feb-2009
 
العدد 62