العدد 62 - الملف | ||||||||||||||
دلال سلامة ربما لم يشهد الأردن زخما من المبادرات مثلما شهده خلال عقد من حكم الملك عبد الله؛ فبعد عامين من توليه مقاليد الحكم أطلقت مبادرة الأردن أولا في العام 2002 ، وفي العام 2005 أطلقت مبادرة الأجندة الوطنية، وبعد ذلك بعام واحد أطلقت مبادرة كلنا الأردن. وكان ملاحظا أن هذه المبادرات تقاطعت إلى حد كبير مع بعضها بعضا، فكلها رصد التحديات التي يواجهها الأردن على مختلف الأصعدة، وكلها شكلت لجانا لدراسة الأوضاع وقدمت توصيات في شأنها. السؤال الذي يطرح نفسه هو أنه بعد مرور كل هذا الوقت على تلك المبادرات، أين أصبحت الآن؟ وما هي الدلالة التي يحملها تتابعها من دون فواصل زمنية حقيقية، وأنها تدعو لتطبيق برامج عمل متشابهة؟ كثير من المشاركين في صياغة هذه المبادرات يرون أنها وضعت في واقع الأمر "على الرف". موسى المعايطة العضو في لجنة الأحزاب السياسية في مبادرة الأردن أولا، يرى أن ما نفذ من المبادرات على أرض الواقع كان محدودا جدا، فالأجندة الوطنية مثلا، التي شارك في إعدادها 200 عضو من القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني ومجلس الأمة والصحافة، عملوا لثمانية أشهر للخروج بتوصياتهم، لم ينفذ منها إلا ما هو محدود جدا كما يقول، ومن ذلك على سبيل المثال قانون الكوتا النسائية التي تمخض عن منح النساء ستة مقاعد من أصل اثني عشر مقعدا، وكان هو ما اقترحته الأجندة. عبد اللطيف عربيات، أحد المشاركين في مبادرة الأجندة الوطنية، يرى أن الحكومات المتعاقبة همّشت البنود المتعلقة بقضايا مفصلية، وبالتحديد القضايا المتعلقة بالإصلاح السياسي، ومن أهمها: قانون الانتخاب والتجمعات والحريات العامة. عربيات الذي يشير إلى أن قانون التجمعات الذي هو "أكثر رجعية من قانون 53 "، يحمّل الحكومات ومجلس النواب مسؤولية وأد هذه المبادرات، وإن كان يعتقد أن الوزر الأكبر يقع على مجلس النواب، فهو لم يقم بمهامه في محاسبة الحكومات ومراقبة أدائها، وكان مجرد "متفرج على تقصيرها". هذا التناقض بين مبادرات عصرية وقوانين تعود بالحياة السياسية إلى الخلف، ينبه إليه المعايطة، مشيرا إلى قانون الأحزاب الذي ساهم في رأيه في تراجع الحياة الحزبية في الأردن، عندما اشترط 500 عضو كشرط لترخيص الحزب، "قانون الأحزاب الأخير تضمن إصلاحا شكليا، والإصلاح الحقيقي لا يكون إلا بقانون انتخابات عصري، يفتح المجال لتعددية سياسية تقود إلى أغلبيات برلمانية حقيقية". التخوف من الإصلاحات السياسية، في رأي هاني الدحلة رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، يعني أنه "ليس هناك اتجاه حقيقي لجعل المواطن شريكا في القرار، ويعني أيضا أن الأجهزة الأمنية هي المسيطرة على الحكم، وليس العكس". أمين محمود مقرر لجنة التعليم العالي والبحث العلمي في الأجندة الوطنية، وعضو في هيئة كلنا الأردن، يروي تجربته مع البيروقراطية فيقول إن لجنته وضعت استراتيجيات وتوصيات سلمت إلى الملك في حكومة عدنان بدران، ولكن بدلا من إقامة ورش عمل تناقش التوصيات وتخرجها إلى حيز النور "فوجئنا بحكومة معروف البخيت، التي خلفت حكومة بدران، تعلن أنه تم تشكيل لجان أخرى كلفت بالمهمة نفسها، وهو وضع استراتيجيات وتوصيات في القضايا نفسها، ثم ذهبت حكومة البخيت وجاءت حكومة أخرى لتشكل لجان أخرى بدأت أيضا من الصفر". المفارقة هي أن اللجان الجديدة خرجت بالطروحات نفسها التي خرجت بها اللجان القديمة. محمود يفسر ذلك بعدم وجود تقليد لدينا بأن "يبني المسؤول على إنجازات من سبقه، بل يسعى دائما لتسجيل إنجازات خاصة به". لكن عريب الرنتاوي الذي كان عضوا في لجنة الأح |
|
|||||||||||||