العدد 62 - الملف | ||||||||||||||
السجل - خاص شهدت الساحة الإعلامية خلال السنوات العشر الماضية تطوراً إعلامياً ملموساً من حيث الكم، وفي موازاة ذلك، لوحظ ارتباك حكومي واضح في إدارة الملف الإعلامي، والانتقال به من «إعلام حكومة » إلى «إعلام وطن »، بحسب الرؤية الملكية. بوادر التطور الكمي ظهرت من خلال ارتفاع عدد الصحف اليومية من ثلاث صحف ناطقة بالعربية هي «الرأي » و «الدستور » و «العرب اليوم » وواحدة بالإنجليزية هي «جوردن تايمز » إلى سبعة خلال العام 2008 ، وذلك مع صدور «الغد » التي شقت طريقها وأصبحت منافسة قوية لليوميات الأوائل و «الأنباط » و «الديار ،» ويرتقب صدور صحيفة ثامنة هي «السبيل »التي ستكون الذراع الإعلامي لحزب جبهة العمل الإسلامي. خلال الفترة نفسها، ظهرت محطات إذاعية خاصة وصلت إلى 33 إذاعة محلية، كما ظهرت مواقع إلكترونية عدة، زادت على 23 موقعاً إلكترونياً إخبارياً، ونشأت سبع محطات تلفزيونية خاصة، بيد أن تلك المحطات لم ترتقِ حتى الآن إلى حد منافسة التلفزيون الأردني في ظل إجهاض تجربة تلفزيون أيه تي في ) )atv الخاص.إجهاض هذه التجربة أدى، في نهاية الأمر، بمالك المحطة محمد عليان، وهو نفسه ناشر يومية «الغد »، لبيعها إلى شركة العجايب، التي قامت بعدئذ ببيعها، إلى المنتج طلال العواملة، على أمل أن يتم الترتيب لبث فضائي مستقبلي لها. أقرت الحكومة خلال السنوات العشر الماضية قانوناً جديداً للمطبوعات والنشر، تم بموجبه النص على «عدم توقيف الصحفي ،» وإن تم توقيف صحفيين من قبل محكمة أمن الدولة في قضايا ذات صلة بالمطبوعات والنشر، مثل: جهاد المومني، وهاشم الخالدي، وآخرين. يسجل إيجاباً إصدار قانون حق الحصول على المعلومة، الأمر الذي اعتبر تطوراً إيجابياً على المستويات المحلية والعربية والإقليمية كافة. التخبط الحكومي يظهر من خلال هنات في بعض جوانب إدارة التحولات الإعلامية، ظهر ذلك واضحاً من خلال إنشاء المجلس الأعلى لإعلام، ومن ثم الغاؤه، وإنشاء المركز الأردني لإعلام وإلغاؤه، وكذلك عدم وضوح الرؤية الحكومية بما يتعلق بطريقة إدارة «إعلام وطن »، وفصله عن «إعلام الحكومة »، من خلال تدخلات مباشرة في مجلسي إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون وبترا، باستثناء مرحلة زمنية قصيرة استطاعت فيها مؤسسة الإذاعة والتلفزيون رسم سياستها الإعلامية وتطوير أدائها من خلال مجلس إدارتها وبشكل مستقل. رافق الغاء وزارة الإعلام أيضاً، عدم وضوح الرؤية لدى الحكومات المتعاقبة في طريقة التعامل مع المؤسسات الحكومية الإعلامية المرتبطة بالوزير، فمرة يتم ربطها بوزير عامل في الحكومة ومرة أخرى يتم فصلها. يقول كاتب عمود فضل عدم الإفصاح عن اسمه، «شهدنا في مراحل جدلاً حول جدوى إلغاء وزارة الإعلام، ثم تم الغاؤها نظرياً، لكننا أبقينا وزيراً في كل الحكومات مسؤولاً عن ملف الإعلام، وله توقيع على معاملات دوائر الإعلام، كما صنعنا «جزراً »، يقال إنها مستقلة، مثل دائرة المطبوعات، وهيئة المرئي والمسموع، ومجلس إدارة الإذاعة والتلفزيون، ووكالة الأنباء، وتم تعيين مجالس إدارة بتكلفة مالية لنقول إنها مؤسسات مستقلة، وهو استقلال شكلي لأن كل الخيوط في يد الحكومات، فما تم إنتاجه هو «تفريخ » هيئات ومجالس ومسؤولين ومكافآت، وبقي وزير الإعلام موجوداً عملياً حتى وإن لم يحمل اللقب رسمياً. تطور الإعلام شهد خطوات إلى الأمام بالتوازي مع خطوات أخرى إلى الخلف، وبالتالي فإن العقلية التي تتعامل مع إدارة الإعلام ب « القطعة « » يجب أن تتغير أو تتطور »، يقول عضو مجلس إدارة سابق في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون. الملك يولي الإعلام عناية فائقة، وهو أكد في مرات ومناسبات عدة حرصه على تطوير الأداء الإعلامي ومنحه سقفاً من الحرية والتحرك، ولعل ما قاله خلال لقائه رؤساء تحرير صحف يومية، في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، من أن «توقيف الصحفيين في قضايا النشر لن يتكرر في الأردن »، يؤكد ما تم الذهاب إليه. في المحصلة خطت مؤسسات إعلامية رسمية خطوات معقولة؛ وشهدت نقلات يمكن البناء عليها مثل وكالة الأنباء الأردنية، وسقفاً معقولاً وحرية وحضوراً للرأي الآخر في التلفزيون في مراحل مختلفة، كان يتقدم ويتراجع، وفق نظرة مجالس الإدارة وقدرتها على طبع عملية التطور برؤيتها المهنية. الإعلام في نهاية الأمر بحاجة إلى استقرار في إداراته، وأن تكون معايير التعيين فنية مهنية، ومن المهنية أن يكون المسؤولون مؤمنين وقادرين على أداء سياسي وديمقراطي تقدمي يخدم تطلعات الدولة الأردنية. |
|
|||||||||||||