العدد 62 - حتى باب الدار
 

تبتهج السلطة الفلسطينية إلى جانب زميلاتها السلطات العربية مع أية إشارة قادمة من أميركا. مر زمان كان الناس فيه أكثر كرامة من هذا الزمان. كان الرضا الأميركي عن جهة ما يعتبر شتيمة بحق هذه الجهة، وبالمقابل كان الغضب الأميركي شهادة براءة للمغضوب عليه، وكانت زيارات السفارات الأميركية والتقاء المسؤولين الأميركيين تتم خفية وإذا كشفت، فإنها تبقى عاراً يلاحق مرتكبيها فاتح خط مع الأميركان ».. عبارة كانت تستخدم للتشهير بالخصوم. وحتى الحكومات كانت تستحي من المعونات الأميركية وتبقي مبالغها سراً غير معلن للعموم، وكانت المعارضة، على سبيل الترويج لمواقفها المعادية للحكومات، تقول إن هذه الأخيرة «تقبض من الأميركان .» «رائحة الدولار تفوح من كلامه أو من كتاباته »، عبارة استخدمها الكُتّاب والمثقفون فيما بينهم على سبيل الشتائم. وكان البيان أو التصريح أو المقال السياسي الذي يخلو من شجب السياسة الأميركية يعتبر رخواً غير ذي قيمة.

اليوم تغير الوضع، وصار السعي للأميركان والقبض منهم وتلقي معوناتهم أهدافاً مشروعة بل مرغوبة، لكن الغريب أنه تبين أن الأميركان طماعون كثيراً، فقد كانوا في السابق يوافقون على التستير على علاقاتهم بأصدقائهم ويستوعبون حرص هؤلاء على إخفائها، بينما هم اليوم يحرصون على أن تكون العلاقة مترافقة مع استحقاقاتها من المهانة.

تبدلات أميركية
 
05-Feb-2009
 
العدد 62