العدد 61 - ثقافي | ||||||||||||||
وليد الشاعر "رقصة فالس مع بشير " لن يُعرض في معظم الدول العربية، فالقانون في هذه الدول يمنع استيراد أفلام إسرائيلية أو عرضها. هذه العبارة لا تحمل جديداً في قاموس الثقافة العربية، لكن اللافت اختلاط الحابل بالنابل في الصحافة العربية حول فيلم الكرتون الذي يوثق مجزرة صبرا وشاتيلا. الناقد السينمائي اللبناني نديم جرجورة علّق على منع عرض الفيلم في لبنان في تصريح خاص لـ"السجل"، قال فيه: "لم تكن المرّة الأولى، ولن تكون الأخيرة. بهذا، يُمكن اختزال موقف الرقابة اللبنانية من الأعمال الفنية والثقافية. فالرقابة تختبئ خلف قوانين قديمة لم تنجح محاولات عدّة في تغييرها، أو إلغائها لمصلحة قوانين عصرية. والسلطة الحاكمة في لبنان خاضعة لمنطق التوافق الطائفي في قيادة البلد والمجتمع وشؤون ناسهما، وإن احتدمت نزاعات سياسية وأمنية بين الطوائف/ المذاهب "، موضحاً أن من الأسهل، بالنسبة إلى المنطق المذكور نفسه، إرغام الفن والثقافة في لبنان على دفع ثمن المصالحات الوهمية بين القيادات الطائفية الحاكمة. ما يفتح الباب نحو مزيد من الجدل، الاهتمامُ العالمي بالفيلم، إذ فاز "رقصة فالس مع بشير" بجائزة أفضل فيلم أجنبي في حفل "غولدن غلوب" السادس والستين،الذي أقيم في الثاني عشر من كانون الثاني/يناير الجاري، وهو مرشح لنيل جائزة الأوسكار أيضاً. فضلاً عن أن العمل مستوحى من ذكريات مخرج الفيلم آري فولمان، الذي شارك بوصفه جندياً في المجزرة، لكنه يؤكد أنه كان فقط مجرد شاهد عيان عليها، وساعد على تنفيذها فحسْب، وفقاً لتصريحاته. رغم الضجة الكبرى التي رافقت الفيلم في الساحة الثقافية العربية، بوصف عرضه أمراً يجلب الشبهة، فإن نقاداً كثيرين أشاروا للاحترافية العالية التي تميز بها صناع الفيلم، في الرسم والزوايا والإضاءة والموسيقى والأداء الصوتي على السواء. الرسائل السياسية كانت محور اهتمام الكتّاب والنقاد. وهي مصدر شبهة أخرى. يثير الانتباه الاختلاف على الرسالة السياسية الأبرز التي حملها الفيلم: من هو القاتل؟ على صفحات "النهار" الكويتية، رأى الكاتب عبد الستار ناجي أن "الفيلم يؤكد تورط إسرائيل في مجزرة )صبرا وشاتيلا(، ويتزامن مع احتفالات إسرائيل بالذكرى الستين لتأسيسها "، بينما يلفت الكاتب خالد سلامة إلى أن المخرج "عمد في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد انتهاء عرض الفيلم مباشرة في مهرجان )كان( السينمائي، إلى دفاعه عن عدم تورط قيادة الجيش الإسرائيلي أو عدم معرفتها بالمجزرة". "فيلمي ليس تاريخياً، إنما يحكي عن الذاكرة ". عبارة فولمان هذه، تفضي إلى تناقض حاد ما بين ذاكرته كجندي في التاسعة عشرة من عمره شاهدَ المجزرة وشهد عليها، وبين ذاكرة فلسطينية ولبنانية تحتمل تناقضات من نوع آخر في توثيق مجزرة لم يمض على إراقة آخر نقطة دم فيها سوى 27 عاماً، لكنها غير كافية لتثبيت الحقيقة. اختلافٌ عربي آخر حول قبول التعاطف الذي يبديه الإسرائيلي – أيّاً كان موقعه- مع القضايا العربية؛ فريق يرفض التعاطي مع ذلك التعاطف مهما كان حجمه أو دوافعه، بوصف ذلك "تطبيعاً"، وآخر يراه فرصة للحوار واختراق ثقافة الآخر. بين هذين الموقفين تندرج تفاصيل كثيرة وأسئلة دقيقة. جرجورة، أشار إلى أن مسألة منع الفيلم من عرضه التجاري في لبنان، مرتبطة بلائحة مقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية، لافتاً إلى أن "هذه اللائحة مكتوبة منذ عشرات السنين، في إطار منطق سياسي لبناني آخر، مرتكز على أن إسرائيل دولة عدوّة. ولا يُمكن مناقشة الجانب القانوني، لأن الأهّم، في هذا الجانب، كامنٌ في ضرورة إصدار قوانين جديدة وعصرية ". يضيف: "الفيلم مهمّ للغاية، إلى درجة يُفترض بالمعنيين الرسميين فيها أن يتيحوا للّبنانيين والفلسطينيين تحديداً فرصة مشاهدته، لتسليطه الضوء على أحد الفصول الدموية والعنيفة من التاريخ اللبناني الفلسطيني المشترك )الغزو الإسرائيلي للبنان، ومجزرة شاتيلا وصبرا في العام 1982 (، من وجهة نظر جندي إسرائيلي سابق، خدم بلده في تلك الحرب، فوقع أسير النقد الذاتي، إثر الأهوال التي عاشها، والتي ما زالت تقضّ مضجعه". جرجورة، لفت إلى ضرورة تجاوز المنحنى القانوني باتجاه المنطق الثقافي والإنساني والأخلاقي، المرتكز على ض |
|
|||||||||||||