العدد 60 - أردني | ||||||||||||||
السجل -خاص تحول لقاء حواري بين أقطاب نيابية إلى ساحة تبادل انتقادات من العيار الثقيل. هذه «المكاشفة» على بعد أسبوعين من نهاية الدورة العادية الثانية لمجلس النواب الخامس عشر، غير بعيدة الصلة عما اصطلح على تسميته، برفع «المظلة» الأمنية عن الأداء النيابي، ما شجع على رفع حرارة الانتقادات الموجهة ل»التيار الوطني» الذي يترأسه عبد الهادي المجالي رئيس المجلس، وللانتخابات التي أفرزت «قسرياً» كما وصفها أحدهم قبل أن يبدأ المجلس أعماله. تركزت مداخلة رئيس مجلس النواب على الدفاع عن أداء المجلس بشكل عام، وعن كتلة التيار الوطني (55 نائباً) بشكل خاص، فيما استأثر عبد الرؤوف الروابدة وبسام حدادين وممدوح العبادي، بدور محامي «الشيطان»، ومعهم من النواب الجدد: أحمد الصفدي ،مبارك أبو يامين ووصفي الرواشدة من كتلة الإخاء الوطني (19 نائباً). دافع المجالي على عراقة المؤسسة البرلمانية الاردنية «رغم ما تتعرض له احيانا من نقد يهبط بعضه الى حد التجريح والتشهير». وأضاف ان «المنهجية الديمقراطية الاردنية هدفها بلورة الرأي والرأي الآخر وفق مبدأ الأغلبية والأقلية أو المولاة و المعارضة، وهي بالفعل تجسد ذلك حالياً من خلال صناديق الاقتراع ولكن مع حاجة ملحة للوصول بهذه الصناديق الى مرحلة تستقبل فيها أوراقاً تصوت لبرامج سياسية لا إلى افراد»، معتقداً أن «الأردن يحث الخطى في هذا الإتجاه وفق الرؤية والطموح الملكي وانسجاماً مع الحاجة الوطنية للانتقال الى مرحلة العمل الجماعي، والى ان يتحقق لنا ذلك فسنبقى نواجه بعض الصعوبات في العلاقة بين الأغلبية والأقلية». اعتبر المجالي أن العلاقة بين الأغلبية والأقلية سارت بصورة مقبولة، يشهد بذلك حجم ونوع الإنجاز البرلماني في مجالات الرقابة والتشريع والدور السياسي كذلك. النائب ممدوح العبادي كان له رأي آخر في موضوع الأغلبية والأقلية، معتبراً أن «هذه التقسيمات غير موجودة في الأردن»، وأن الصحافة الأردنية هي التي اخترعتها، مذكراً أن 104 نواب دخلوا الى المجلس فرادى. وأن الحديث النظري عن الأغلبية في العالم يقترن بوجود أحزاب وبرامج . المجالي أكد على حق الأغلبية بإشغال المواقع الأكثر في البرلمان واعتماد مبدأ التوافق في اشغال المواقع البرلمانية في هذه المرحلة، بحيث تكون هناك مواقع للأغلبية وأخرى للأقلية. قال المجالي إن «الأقلية هي التي يمكن أن تكون حكومة ظل عندما تحكم الأغلبية» موضحاً أن «الوقت لم يحن للوصول الى مرحلة كهذه ما دامت الانتحابات تجري على أسس فردية لا على أسس حزبية»، متمنياً للأردن أن يصل الى مرحلة» تشكيل الحكومات على أساس اغلبية قادرة على استقطاب ثقة الجماهير أمام أقلية عليها القبول بذلك والمثابرة لإقناع الجمهور بالتصويت لبرنامجها». مقولة حكومة الظل لم تجد توافقاً حولها، فالعبادي أكد أن اعتبار المعارضين اقلية وحكومة ظل أمر غير وارد. يتفق حدادين مع العبادي من منطلق أن واقع العمل البرلماني، لا يسمح بالحديث عن تحالفات سياسية - برنامجية، وعليه، بحسب حدادين، «لا يمكن التأسيس لما يمكن تسميته بحكومة الظل، فالمعارضة السياسية المنظمة هي التي تعرف ما تريد وما لا تريد، ومن الصعب ان تولد خارج صفوف نواب حزب جبهة العمل الإسلامي».. وقال المجالي «احترم دور الإعلام الأردني الرسمي والخاص في تناوله للمسيرة البرلمانية، مؤكداً أنه حقق قدراً عالياً من المهنية والرقي، لكن تخالطه بين الحين والآخر ممارسات «إما دخيلة أو متطفلة او ذات اجندات غير وطنية». ووجه النائب وصفي الرواشدة انتقادات لبعض الصحافيين «الذين لم يصلوا بعد إلى درجة الاحترافية بما تشتمل عليه من حيادية وموضوعية»، حسب رأيه. النائب العبادي انتقد في مداخلته الأغلبية التي تمثلها كتلة التيار الوطني، مذكراً ان «البرلمانات الأربعة السابقة لم تتجاوز أكبر الكتل فيها ثلث مجلس النواب». واعتبر أن الأغلبية في البرلمان تشكلت بطريقة قسرية . وقال العبادي ان» تشكيل الكتل النيابية تم بين نواب لا تجمعهم اي فكرة، وتعرفوا على بعضهم بعضاً بعد الانخراط في الكتلة ، خلافاً للاسلاميين، فعزام الهنيدي منذ الستينيات وهو في جماعة الاخوان المسلمين، وحين يجلس في البرلمان بجانب حمزة منصور فانه يعرفه ويعرف أفكاره». وقال العبادي إن هناك اسقاطاً لتسميات كالليبراليين الجدد او المحافظين الجدد وهم لا ليبراليين ولا محافظين ولاهم جدد. وشدد العبادي على ان» سمعة المجلس النيابي في الشارع ليست كما يجب وان الاداء غير مميز متميناً» ان يكون هناك تفاعل بين الكتل لتقديم ما هو صالح للبرلمان والبلد. النائب حدادين، وجه من جهته «سهامه» لمن أسماهم» مفاتيح النواب في البرلمان والذين تتسلل الحكومة من خلالهم لتمرير ما تريد بعد ان تقدم لهم خدمات، واصفاً إياهم بـ « المقاولين للسياسات الحكومية «، وانتقد حدادين النظام الداخلي لمجلس النواب مبينا ان قواعد العمل البرلماني قد شاخت لذلك نجدها تقوم على ادارة برلمان بلون واحد وهو ظل للحكومات ويدار عن بعد . وقال حدادين ان الحديث عن «الأكثرية والأقلية في البرلمان الأردني لا تنطبق على معايير الاكثرية والاقلية في البرلمانات الديمقراطية. ورأى حدادين ان مفتاح التغيير والارتقاء بالعمل البرلماني الاردني هو تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب بما يتضمن أسساً وقواعد في مقدمتها ترسيم الاعتراف بالكتل النيابية، واعتماد مبدأ التمثيل النسبي في تشكل اللجان والهيئات القيادية للمجلس. وختم حدادين بالقول ان الشرط الاهم هو جود نظام انتخابي يعلي شأن التنافس السياسي- البرنامجي، ويقلص اسس وقواعد التنافس الفردي- العشائري- الطائفي. لافتاً إلى ان المجلس الحالي تتوافر فيه ارادة سياسية لاعادة النظر في النظام الداخلي اكثر من اي مجلس سابق. النائب عبد الرؤوف الروابدة قال ان» الديمقراطية بحاجة الى تعددية والتعددية تريد حزبية والحزبية العقائدية ليست حزبية لأنها في نهاية الأمر تتحول الى الحزب الواحد ، فالأصل أن تقوم الأحزاب على البرامج وفي كل الوطن العربي لا يوجد حزب واحد قائم على البرامج». وحول الكتل النيابية، قال الروابدة «تشكلت كتلة قسرية .. وقسرية جدا وفوقها مظلة»، متسائلاً: هل يعقل أن يتفق 50 او 60 نائبا خلال شهر والى اليوم لا يعرفون اسماء بعضهم .. هذه عملية قسرية» عن الانتخابات النيابية الأخيرة، اشار الروابدة إلى انها» لم تجر بشكل حقيقي» كما ان الكتل تشكلت اثناء الانتخابات. وأضاف أن لها الحق في أخذ مقاعد المكتب الدائم واللجان والسفرات ،لكن ليس من حقها ان تفرض علينا رأيها وختم، « لا يزعلوا على رأينا فيهم «. المجالي رد على الروابدة والعبادي بأن النواب التفوا على فكرة التيار الوطني، وكان قرار انشاء الحزب قبل الكتلة وبين أنه خلال 4 دورات صمدت الكتةل ، مضيفاً «وأنا كنت فيها وكانت قوية وتتنافس مع غيرها «. النائب احمد الصفدي سجل مفاجأة في رده على الزميل بسام بدارين حين فسر تغيير المواقف والخطاب في كتلة الاخاء بقوله : « كما قال دولة ابو عصام رفعت المظلة «. النائب السابق نبيل النهار أبدى عدم فهمه للمصطلح، مستفسراً «عن أي مظلات يتحدث النائب؟». وتعقيباً على اثر قانون الانتخاب الحالي على وضع المجلس النيابي، قال النائب مبارك ابو يامين إن «شروط انتاج الديمقراطية في الاردن غير صالحة .. وإن الخوف من قانون انتخابات جديد يتمثل في الواقع السكاني وإشكالية حل القضية الفلسطينية». ووصف الرواشدة الاغلبية والاقلية، بأنها» تقسيمات مصطنعة»، وهذا ما يجعل العلاقة بين الكتل غير مستقرة لأنها غير سياسية، وهي تقوم، وخصوصا بالنسبة للاغلبية- على روابط تتعلق بالمصالح داخل المجلس من حيث توزيع المناصب أو من حيث توقع التأثير السياسي الشخصي. وأوضح أنهم في كتلة الاخاء الوطني، «اختاروا ذلك من اجل ان يكون هناك حراك سياسي داخل المجلس. واعتبر أن من سلبيات الكتل أنها تؤدي احياناً الى تشنجات غير مبررة واحياناً الى استئثار نواب بمواقع ربما لا يكونون مؤهلين لها، ولكن بالمقابل، هناك ايجابيات منها امكانية التوافق على سياسيات وقرارات اجتماعية، طالما أن الانقسام الى كتل هو غير سياسي بل تحكمه عوامل، مثل السن والخبرة والميول الذاتية. واضاف «بما ان الكتل تشكلت بعد الانتخابات وليس قبلها ولاعتبارات غير سياسية، فلا اعتقد انه من حقها الاستئثار بالمواقع الاساسية في البرلمان». وقال الصفدي ان البرلمانات المنتخبة على اساس حزبي او قوائم سياسية او حتى على اساس فردي مرتبط ببرامج سياسية تعطي اللعبة الديمقراطية ديناميكية سياسية. وأضاف أن تجربة الكتل في البرلمان خطوة في الاتجاه الصحيح، خصوصا اذا عمقت الحوارات السياسية ما بينها وتواصلت داخل البرلمان وخارجه وربما أدى ذلك لتحالفات في الانتخابات المقبلة، لا سيما اذا تزامن هذا الجهد، مع اعادة النظر في قانون الانتخابات الحالي، باتجاه يسمح ببلورة احزاب وقوائم سياسية، فان ذلك سيعطي هذا التحول الزخم اللازم، ويبلور دور الاغلبية والاقلية. واقترح الصفدي نظاماً داخليا للمجلس يحدد اصول وقواعد تشكيل الكتل على اسس سياسية صارمة. نخبة من الصحفيين والنواب السابقين شاركت في الحوار، الذي أداره منتدى الإعلام البرلماني المنبثق عن مركز حرية الصحفيين، يوم 20 كانون الثاني/يناير الجاري. |
|
|||||||||||||