العدد 9 - ويأتيك بالاخبار
 

من وحي الرقص الصوفي، الذي يعد شكلاً من أشكال التأمل الصافي في الوجود من خلال الحركة الإيقاعية لدوران الجسم المتصلة بابتهال الروح وتحررها وسموها، تقدم التشكيلية المصرية رنا شلبي في معرضها المقام على جاليري رؤى، 53 لوحة تحاكي هذه الأجواء، تتنوع أحجامها بين الكبيرة المنفذة بالزيت والمواد المختلفة على القماش، والمتوسطة والصغيرة المنفذة بالفحم والأحبار على الورق.

تحاول شلبي في تجربتها هذه، الكشف عن السطح الذي ينفَذ المتأمل من خلاله إلى عمق الذات الإنسانية وتجليها الروحي، بما يؤشر على ربط العالَم المعاصر بتفاصيله ومفرداته التي تبدو غالباً سطحية، بعالَم آخر يتمظهر بكامل لبوسه في لوحاتها، وهو عالَم التأمل الصرف الذي يقدمه التصوف في بعده الأساسي: الرقص والدوران.

أعمال شلبي بهذا المعنى بمثابة دعوة للنفاذ إلى العمق من خلال التعرف على السطح؛ القشرة الخارجية التي تخبئ تحتها عالَماً من الغرابة الراقية.

تكشف شلبي من خلال حركة الجسم والأيدي المتناسقة معها، ألواناً من الأحمر والأزرق والأخضر وتدرجاتها، تستحوذ على المُشاهد بطريقة شفافة غامضة تُسائل الحياة والذات في ارتقائهما الروحي. كما تكشف خطوط شلبي في تعرجاتها وانحناءاتها عن بُعد هندسي، وهي تتسم بالقوة والتحديد باللون الأسود، إذ تلجأ الفنانة في عدد من لوحاتها إلى استخدام اللونَين: الأسود (لون الحبر) لتحديد هيئة الراقص؛ والأبيض (لون ورقة الرسم) الذي يرمز إلى الصفاء والطهر، بما يخلق تناقضاً يحقق التوازن الجمالي والاشتغال على مفردات الظل والنور.

وتعبّر خلفيات لوحات شلبي عن خصوصية المكان الذي يحتضن الرقصَ الصوفي والحالة النفسية التي تتأثر بطقوس الرقص من تهليل وترديد وإنشاد، وكأنما هي تُصور اللاشعور: أنفاس الراقص، أفكاره الذهنية، وتسبيحه وتهليله، وتسعى إلى خلق حالة تفاعلية بينه وبين المتفرج.

وتبرز الفنانة ملابس الراقصين وطرابيشهم الحمراء غالباً وقطعة القماش الدائرية التي يتلاعب بها الراقص مشكّلاً حلقات ودوائر يتوزع اللون بداخلها بفسيفسائية مدروسة، بما يجعل أعمالها على صلة وثيقة بالأفكار المستمدة من الواقع والحياة بما فيها من ممارسات مختلفة على الأصعدة: الاجتماعي والثقافي والديني.

رقص صوفي بألوان "شلبي" – السجل خاص
 
10-Jan-2008
 
العدد 9