العدد 60 - حتى باب الدار | ||||||||||||||
الرِّجْل ومثناها رجلان، عضو مهم في الجسد، ولذلك فإنها وضعت بالتساوي مع «شمة الهواء» في قولنا: «الحمد لله على شمة الهواء والمشي على الرجلين»، وهي بذلك قُدّمت على الأنف والفم، رغم ضرورتهما للتنفس والتغذية على التوالي، ولكن ما حدث أن إمكانية التنفس والتغذية على الأجهزة أصبحت متيسرة للكثيرين، بما يعني إمكانية الاستغناء عن الأنف والفم ولو إلى حين. بالطبع توجد أجهزة تساعد على المشي، لكن الواحد منها يسمى «رجلاً صناعية»، بينما لا تسمى أجهزة التنفس والتغذية أنوفاً أو أفواهاً صناعية. اللافت أن الإنسان في أرذل العمر لا يتمنى، بالدرجة الأولى، سوى أن يستمر واقفاً على رجليه، بينما تجده طيلة عمره يحرص ما أمكنه على وضعية «رجل على رجل». أن تجد لنفسك «محط رجل» يعني أنك حققت لها مكاناً ومكانة، وإذا أردت أن تقدم على أمر ما بثقة فعليك أن تأتيه على «رجل ثابتة»، على أن تدرك أنك بعد أن تعتاد على هذا الأمر، سيقال عنك: «رجله سلكت». إذا غضبت من شخص ولم تعد تتحمل رؤيته، فعليك أن «تقطع رجله»، وإذا أردت عيشاً كريماً، فعليك أن تحرص على أن لا تكون «بين الرجلين»، ومن أطرف الشتائم واحدة توجه للمرأة وصيغتها: يلعن أبو رِجْلِك!. لا تعش بين الأقدام حتى لو كانت «أقدام المساواة»، عبارة تصلح أن تكون حكمة معاصرة. ** في قلة الموت وكثرته
أسوأ أنواع العيشة أن تكون من صنف: «عيشة من قلة الموت»، وهو صنف معروف ومشهور ويعيشه كثيرون بشكل مؤقت أو دائم. لكن الوقائع الحياتية تشير إلى أن توافر الموت بالنسبة لمن يعيش «عيشة من قلة الموت» لا يعني بالضرورة أنه سوف يقايضه بالحياة، وهذا يعني أن مشكلة أصحاب هذا الصنف من العيشة لن تحل بزيادة المعروض من الموت، وهذا بدوره يعني أن الطلب على الموت الوارد في تلك العبارة هو طلب وهمي لا يعكس حقيقة سوق الحياة والموت، لأن أوضاع هذا السوق تتحدد أساساً بالمقارنات بين «العيشات»، أي بمستوى العدالة في توزيع أصناف الحياة. على الصعيد نفسه هناك من يفضل تصنيفاً آخر للعيشة باعتماده صيغة: «عيشة مثل عيشة الكلاب»، لكن تطورات عيشة الكلاب في العالم تجعل من هذه الصيغة متعددة المعاني، فهناك كلاب تعيش عيشة يتمناها كثير من البشر على الأقل من حيث المستوى المادي، ومن المحتمل أن الكلاب المطلعة على أنواع عيشة الناس، تنبح ما بينها بالمثل «الكلبي» القائل: «عيشة مثل عيشة بني آدم»، وهو مثل يشكل معادلاً موضوعياً للمثل البشري قيد البحث أي «مثل عيشة الكلاب». كما ترون أن حب الموت أو حب الحياة من المسائل المعقدة بعض الشيء!. |
|
|||||||||||||