العدد 59 - كتاب
 

العديد من الفعاليات السياحية الأردنية الأهلية في مختلف فروع النشاط السياحي، في مكاتب السياحة، وفي قطاع الفنادق، والمطاعم والخدمات السياحية المساندة، التقطت وتلمست عدة مؤشرات عن بداية اتجاه هبوطي سياحي، يتركز في بروز تراجع ملموس في أعداد وحجوم ونوعية الحجوزات السياحية المبكرة للقادمين قياساً بفترات موازية سابقة أو/و حتى إلغاء حجوزات سابقة.

وخلافاً لوزارات ومؤسسات حكومية أخرى تجاهلت تحديات صعبة وحالات تعمق وامتداد مظاهر ووقائع أزمة في فروع وشرايين الاقتصاد الأردني بحجة عدم إثارة التخوف وإضعاف الثقة العامة، فإن وزارة السياحة، وهيئة تنشيطها، شاركت فعاليات القطاع الخاص السياحية في تخوفها من حدوث تباطؤ سياحي متزايد في المستقبل القريب.

وبادرت الوزارة إلى الدعوة إلى عقد لقاءات واجتماعات تشاورية مشتركة لرصد وتقييم مختلف مظاهر واتجاهات التراجع في السياحة، ما تحقق منها فعلاً، وما يمكن أن يتحقق قريباً بداية من العام 2009، ولتحديد الأسباب والعوامل المؤدية إلى ذلك سواء كانت من منطلقات ومرتكزات محلية أو بسبب عوامل خارجية، واقتراح وتبني إجراءات ومسارات لمواجهتها أو على الأقل الحد أو التخفيف من آثارها وتداعياتها السلبية على معظم فروع النشاط السياحي ووكالاته وشركاته ومرافقه والعاملين فيه.

الفعاليات السياحية الأهلية والحكومية أكدت في لقاءاتها وبياناتها على أنه كان وسيكون للأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية في الأقطار الرأسمالية الأميركية والأوروبية والآسيوية والخليجية تأثيرات صعبة على إمكانيات التحرك السياحي الوافد، إذ إن مخرجات هذه الأزمة من حيث تراجع أو انعدام النمو والاستثمار والتمويل، وتوقف أعداد متزايدة من البنوك وشركات التأمين والسيارات والخدمات، وارتفاع معدلات البطالة، وتدني أو فقدان الدخول من شأنها جميعاً أن تحد من قدرات المواطنين هناك على الإنفاق السياحي الخارجي.

هذه التوقعات تسري على مسار السياحة الأجنبية الوافدة، وعلى زخم السياحة الخليجية العربية القادمة بعد أن تأثرت إيرادات الاقتصادات الخليجية في موازاة تدهور سعر نفطها الخام بأكثر من 70 في المئة، منذ آب/أغسطس من هذا العام وحتى الآن.

وحتى مع افتراض استمرار أفواج سياحية قادمة من حيث الحجم، فإن الفعاليات السياحية المحلية توقعت في مداولاتها أن يكون مستوى العائد منها أقل نظراً لإمكانية تقصير مدة إقامتها السياحة في البلاد، وتقليص إنفاقها على مشتريات الشخص والمنتجات وعلى مختلف الخدمات السياحية المكملة والمساندة.

كما تحسبت الفعاليات السياحية بحق من اشتداد إشكالية التمويل السياحي وانسداد أقنية الإقراض المصرفي لمشاريع إنشائية سياحية لم تكتمل، ولتفعيل وتسيير خدماتها الجارية.

وفيما يمكن أن تتجاوب الحكومة في حدود ضيقة مع مطالب دعم السياحة المباشر أو غير المباشر، بإقرار تخفيضات متواضعة في بعض الرسوم والضرائب، فإنه يجب عدم الاكتفاء بذلك، لأن الحكومة والبلاد تواجه أزمة عامة متعددة الجوانب، اقتصادياً واجتماعياً، ومن ثم فإن عبء المواجهة والمعالجة يقع على كاهل القطاع السياحي الأهلي، ومدى كفاءته، وطريقة إدارته للأوضاع المتفاقمة، وقبوله بمستويات وهوامش ربحية أقل، وتقليص كلفته باللجوء إلى عمليات اندماج وتكامل وتعاون مؤسسي يؤدي إلى وفورات النشاط والإنتاج والخدمات الكبيرة.

أحمد النمري: تَحَسُّب سياحي مبكر لركود محتمل
 
15-Jan-2009
 
العدد 59