العدد 59 - أردني
 

منصور المعلا

في شهر آذار/مارس من العام الماضي أعلن مدير السجون العقيد شريف العمري، أنه سيصار قريباً إلى تطبيق «الخلوة الشرعية» للسجناء مع زوجاتهم في مختلف السجون الأردنية.

غير أن القرار لم يطبق بعد، فإدارة السجون في الأردن تتعذر بعدم وجود حيز داخل السجون لتطبيق الخلوة الشرعية للنزلاء، في الوقت الذي تعتبر فيه مراكز حقوقية وناشطون في مجال حقوق الإنسان أن إدارة السجون غير جادة في تطبيق الفكرة.

الناشطة الحقوقية إنعام العشي، تعتبر الخلوة الشرعية حقا إنسانيا وشرعيا مكتسبا، وأن على إدارة السجون توفير الموارد المالية والأماكن المناسبة من أجل تطبيق هذا الحق.

العشي تعتبر أن تطبيق الخلوة سوف يسهم في الحد من ظاهرة انتشار «الشذوذ الجنسي» في السجون والذي عبرت عن قناعتها بأنه في نطاق محدود، بالإضافة إلى تطبيق نظام العزل للسجناء بحسب تصنيفهم الجرمي والبنية الجسدية للنزيل.

العمري أشار في حينه إلى أنه جرى تجهيز مساكن الخلوة الشرعية في مختلف السجون، وأن العمل بها «سيكون بعد إقرار اللجنة العليا لمراكز الإصلاح والتأهيل لنظام الخلوة الشرعية، الذي لا يجوز تطبيقه إلا بنظام»، غير أن القرار أوقف بعد ذلك بذريعة «عدم وجود إجماع بين السجناء على تطبيقه».

مدير سجون أسبق بيّن لـ«ے» أن الخلوة الشرعية في السجون تحتاج إلى ثقافة عامة والى تطوير للبيئة التشريعية، مشيرا إلى أن «انتشار الشذوذ الجنسي» بين نزلاء السجون موجود أصلا. ودلل على ذلك بأن بعض «زعماء المهاجع» كانوا يقومون بممارسة اللواط مع نزلاء آخرين علنا وبمعرفة من النزلاء وإدارات السجون، وأن بعض هذه الممارسات وصلت حدا أشبه بالزواج الذي كان يتم بين بعض السجناء المعروفين بهذه الممارسات، بل وقيام «الزوج» بتأجير النزيل الذي يقيم معه هذه الممارسة إلى نزلاء آخرين.

مدير السجون الأسبق، أوضح أن رسالة وجهها أحد السجناء، في أواسط العام 1998، إلى الملك الراحل الحسين شرح فيها ظروف السجناء، بما في ذلك انتشار الشذوذ الجنسي على النحو المشار إليه، ما دفع الملك إلى مخاطبة مدير المخابرات في حينه، سميح البطيخي، ومدير الأمن العام نصوح محيي الدين للعمل على إعادة ترتيب أوضاع السجون لمواجهة هذه الظواهر.

في هذا الإطار، صدرت فتاوى عن عدد من رجال الدين تنص على «أن عدم تطبيق الخلوة من شأنه جعل السجين أكثر عرضة للانحراف والعدوانية تجاه الآخرين»، وذلك انطلاقا من أن المفترض في العقوبة أنها شخصية، وأن حرمان زوجة المسجون من اللقاء الشرعي بزوجها يعد «عقابا لها على جريمة لم تقترفها».

ويرى الحقوقي محمد عثمان «أن العقوبة التي يقضيها المسجون هي عقوبة شخصية، بسبب خطأ وقع منه، هو أو مخالفة ارتكبها، وبالتالي فإن أثر العقوبة يجب ألا يشمل أسرته، وبخاصة الحقوق الجنسية للزوجة».

واعتبر أن «الرغبات والغرائز لا يصح إغفالها، لأنه لا بد من الاعتراف بوجودها، وغاية الأمر أنها موجودة في صور مهذبة، والغريزة الجنسية موجودة لدى الرجل المحكوم عليه بالسجن، فلا يصح تجاهلها وإلا أدت إلى تأثيرات نفسية وسلوكية غير سوية».

الأصل في القرار تهذيب غريزة نزيل السجن، وعدم حرمان زوجته من حق طبيعي لها، وذلك بأن يسمح بلقاء خاص بينهما مرة كل أسبوعين أو ثلاثة، على أن يتم ذلك في حجرة خاصة مهيأة لذلك.

الباحث الاجتماعي معتز أبو جابر، يرى أن زج الموقوفين على قضايا أخلاقية نتيجة «لانحرافهم» وخصوصا في القضايا الأخلاقية يجب أن يتم في بيئة متكافئة تـمكن طاقم الأمن العام من مراقبة سلوكهم والسعي الى إصلاحه .

أبو جابر يرى أن العادات الاجتماعية وانغلاق المجتمع يسهمان في تزايد «الشاذين جنسيا» وخصوصا في المجتمعات المحافظة، إلا أنه يعود ويتهم الإعلام في الترويج لمظاهر «الانحراف» من خلال بث البرامج التي تعتبر هذا السلوك جزءاً من الحرية الشخصية.

الخلوة الشرعية: حق للسجين وزوجته ومنع لانتشار الانحراف
 
15-Jan-2009
 
العدد 59