العدد 59 - أردني | ||||||||||||||
نهاد الجريري يشهد له الجميع بأنه أفضل من يصنّع أثاثا خشبياً من بين عديد الورش التي تجاوره في أحد أحياء عمان الشرقية؛ أثاث محكم الصنع، أنيق، يباع بثمن معقول. لكن المقربين منه فقط يعرفون قصته. قبل خمس سنوات فقط كان نزيلاً في مركز إصلاح. قضى هناك 7 أعوام، بتهمة السرقة. التحول كان عندما أدرك أن في إمكانه أن يغيّر حياته إلى الأفضل هذه المرة. انخرط في دورة تدريبية في النجارة أقامتها إدaارة السجن. وبعد أن «تخرّج»، حصل على شهادة مزاولة المهنة التي لا تظهر فيها أي إشارة على أنه كان نزيل مركز إصلاح. وهكذا، أدى عقوبته، وأنشأ ورشة النجارة الخاصة به. ثمة نوعان من التأهيل الحرفي في مراكز الإصلاح الأردنية، الأول: يتعلق بتوفير فرص عمل، والثاني: التدريب على حرف مثل: النجارة، والحدادة، وصناعة الجلود، والميكانيك، وتجليس هياكل السيارات «البودي». أما ما يتعلق بتوفير فرص العمل، فبإمكان النزيل أن يعمل في المطبخ أو الكافتيريا «الكانتين» أو البقالة أو في عمليات التنظيف، أو أي من المرافق المماثلة التي قد تتوافر في مركز الإصلاح. في أحد هذه المراكز، يعمل 8 أشخاص في صنع الشاي والقهوة، والبيع في البقالة، وفي المطبخ. يتقاضون راتباً ضئيلاً لا يتجاوز 15 دينارا. يقول أحدهم إن هذا يكفيه لشراء حاجته من الدخان، فيما يقول آخر إنه بعمله هذا «يقضي الحبسة». لكن الفائدة تتعدى ذلك، إذ تقوم إدارة السجن بدفع ما يُستحق على هؤلاء من أقساط الضمان الاجتماعي. يُضاف إلى ذلك، أن إدارة السجن تعتبر هؤلاء «نخبة» الموجودين فتجمعهم في مهجع واحد لا يختلطون فيه مع النزلاء الخطرين أو مثيري الشغب. أما المشاغل، فهي متوافرة في 3 مراكز إصلاح من أصل المراكز العشرة المنتشرة في المملكة. معظم هذه المشاغل تتركز في سجن سواقة، ويعمل فيها 120 نزيلا، وفي سجن النساء بالجويدة، حيث تعمل 60 نزيلة، وفي قفقفا في منطقة جرش، ويعمل فيها 36 نزيلا. شريف العمري، مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، يقول إن الإدارة بصدد تشغيل مراكز حرفية في سجني الموقر وأم اللولو، متوقعا أن يتضاعف عدد النزلاء المستفيدين من هذه الخدمات سواء داخل السجن أو خارجه. وهنا يشرح العمري أن الإدارة شكلت لجنة داخلية لدراسة إمكانية إدخال تعديلات على قانون الإصلاح يسمح للنزيل بالعمل خارج السجن أثناء قضائه فترة محكوميته. كما يجري العمل حاليا على إيجاد وحدة متخصصة بالتشغيل ضمن إدارة المراكز. وتتنوع المراكز الحرفية بين نجارة وديكور، وحدادة وتشكيل معادن، وخياطة، وصباغة، ومنظفات كيماوية، وصناعة الحلويات والخبز. تُضاف إلى ذلك مشاريع الإنتاج الحيواني والنباتي كالعمل في حظائر الأغنام والأبقار وتصنيع الألبان والأجبان، وزراعة القمح والشعير والبرسيم وإنتاج الخضار. إنتاج هذه المشاغل يتم استهلاكه محليا؛ إما في مراكز الإصلاح المختلفة، أو في توفير الأثاث لأجهزة مديرية الأمن العام. العمري يقول إن المديرية تدفع لإدارة المراكز ثمن هذا الأثاث، ليتم استغلال الريع في تحسين بيئة السجون، بحسب العمري. هذه النشاطات توفر فرصة للنزيل ليشعر بأنه قادر على تعديل سلوكه ليكون شريكا في مكافحة الجريمة. كما أنها تضمن للنزيل فرصة لأن يكون عنصرا فاعلا بعد أن أدى «دَيْنه» للمجتمع. |
|
|||||||||||||