العدد 59 - أردني | ||||||||||||||
سعد حتّر تمشي الدبلوماسية الأردنية على حبل مشدود، إذ تتحاشى الإعلان الآن عن خيار المشاركة بأي من قمتين متناقضتين، الدوحة أم الكويت، وسط انشطار في العمل العربي المشترك عمّقه الاجتياح الإسرائيلي لقطاع غزّة. بينما اتخذت غالبية الدول العربية موقفا واضحا يحدّد اصطفافها إلى جانب أحد «الخندقين»، اكتفى الأردن بالإشارة، على استحياء، إلى أنه مع أي «إجماع عربي إن وجد». السعودية ومصر، قطبا ما كان يعرف بـ»رباعية الاعتدال العربي» إلى جانب الأردن والإمارات العربة المتحدة، رفضتا ضمناً المشاركة في قمّة طارئة دعت إليها الدوحة، الجمعة (16 كانون الثاني/يناير). إذ فضّلتا -أغنى الدول، وأكثفها سكانا-، مناقشة ملف غزّة المتفجر على هامش قمة الكويت العربية الاقتصادية المقررة الاثنين (19 كانون الثاني/يناير). جاء ذلك في ختام قمّة ثنائية في الرياض، التي زارها الثلاثاء (13 كانون الثاني/يناير) الرئيس المصري حسني مبارك. وانضمت تونس، والبحرين، والكويت، إلى موقف الرياض والقاهرة في رفض حضور قمّة الدوحة. عشية سفره إلى العاصمة السعودية، هاتف الملك عبد الله الثاني مبارك، في أول تواصل علني بين الزعيمين منذ اندلاع حرب غزّة. كان أمير قطر من أوائل الزعماء العرب الذين اتصل بهم عبد الله الثاني، في بداية الغارات الإسرائيلية، ضمن سياسة الجسور الدبلوماسية المفتوحة مع جميع العواصم العربية. لكن الأوساط السياسية توقّفت عند تأخر الاتصال على مستوى القمّة بين عمّان والقاهرة، العاصمتين العربيتين الوحيدتين المرتبطتين بمعاهدتي سلام مع إسرائيل. مع أن البلدين يؤكدان على عمق العلاقات بينهما، ترشح أنباء عن صدور مذكرة احتجاج رسمية من الخارجية المصرية إلى نظيرتها الأردنية، عقب مسيرة حاشدة أطلقت لعنات على مبارك، أمام مقر السفارة المصرية في عمّان في 28 كانون الأول/ديسمبر الماضي. لوحظ أن الزحام الدبلوماسي الغربي والروسي على أبواب الشرق الأوسط، استثنى عمّان من محطات توقف غالبية الزعماء الذين جالوا المنطقة بحثا عن مخرج دبلوماسي، وبخاصة الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي. رغم صخب الأردن الرسمي ضد إسرائيل، أبلغت الحكومة الأردنية نظيرتها المصرية، بحسب دبلوماسي عربي في عمّان، أنها لا تنوي سحب سفيرها من تل أبيب أو طرد السفير الإسرائيلي، علما أن علي العايد ويعقوب روزين يتواجد كل منهما الآن في بلده. في المقابل، أعلنت 14 دولة تصنَّف ضمن خانة «الممانعة»، في مقدمتها سورية والسودان، عزمها على حضور قمّة الدوحة، ما يعكس حجم الشقاق العربي بينما يتسارع «عدّاد» احتساب ضحايا الاجتياح الإسرائيلي صعودا إلى 1000 في أسبوعه الثالث. يتطلب عقد قمّة طارئة موافقة 16 من 22 دولة عربية على الأقل. شعارات مؤيدي لقاء الدوحة تتوافق في العلن مع أفكار المطالبين بقمّة جانبية في الكويت؛ حقن الدماء في غزّة وتحقيق المصالحة العربية. على أن الطرفين يسيران في اتجاهين متعاكسين. الأردن، الذي يتحاشى إغضاب الرياض –كبرى العواصم المانحة لخزينته- ارتأى النأي عن الطرفين. فبعد طول انتظار، أعلن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة أن «الأردن دائما مع الإجماع العربي والعمل العربي المشترك ووحدة الصف العربي. ولهذا فانه مع الإجماع العربي في موضوع القمة إن تحقّق". معروفٌ أن الإجماع العربي لم يتحقق ولن يتحقق، علما أن الأردن كان سارع لدعوة مجلس وزراء الخارجية العرب إلى الانعقاد في القاهرة في بدايات الغارات الإسرائيلية. لكن ذلك الاجتماع فشل في بلورة توافق يفضي إلى عقد قمّة طارئة. |
|
|||||||||||||