العدد 58 - حريات | ||||||||||||||
بثينة جوينات سعت "ے" على مدى العام الماضي، 2008، لرصد عدد جرائم الشرف التي تقع في المجتمع الأردني، بغية التنبيه لخطورة هذه الظاهرة، ولا أخلاقيتها، وضرورة التصدي لها حفظاً للكرامة الإنسانية والحق في الحياة. لهذا الغرض، وضعت الصحيفة عدّاداً لهذه الجرائم، وقد انتهى الزملاء الذين أجروا الرصد على مدار العام، استناداً لما يُنشر من معلومات حول تلك الجرائم في وسائل الإعلام، إلى أن عدد جرائم الشرف في الأردن للعام 2008، هو 11 جريمة. ولدى الاستفسار، في نهاية العام، عن دقة هذا الرقم من المركز الوطني للطب الشرعي، الذي يتولى استقبال جثث ضحايا هذه الجرائم والتعامل معها، فقد ظهر أن ثمة فارقاً مقداره ست حالات بين الرقم الذي خلصنا إليه، والرقم المسجل لدى المركز، الذي قال إن عدد ضحايا جرائم الشرف في العام الماضي، هو 17. هل يعني هذا أن هناك جرائم شرف تقع، ولا تُنشر أخبارها في الإعلام؟ وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يحدث هذا؟ الطبيبة الشرعية إسراء طوالبة، من المركز الوطني للطب الشرعي، أوضحت أن الإعلان عن وقوع هذه الجرائم، يتم في العادة عن طريق الأمن العام، أو الأشخاص أصحاب العلاقة، أما إذا تم الإعلان عن طريق المركز، فإن الأمر يكون منوطاً بمديره، لكن بعد الانتهاء من الإجراءات المطلوبة للتأكد مما إذا كان دافع الجريمة هو "الشرف" أم لا، ذلك أن هناك بعض الجرائم قد تبدو للوهلة الأولى أنها من جرائم الشرف، ثم يتضح لاحقاً وبعد أن الجريمة حدثت على خلفية نزاعات عائلية من نوع آخر. طوالبة تنفي أن وجود اعتبارات اجتماعية أو عشائرية، تدفع لإخفاء أن الجريمة هي من جرائم الشرف، وتقول موضحة: "على العكس، فجميع جرائم الشرف تكون معلنة، لأن العشيرة عادة ما ترغب في الإعلان عن الواقعة بسبب الضغوط التي تكون قد تعرضت لها من قبل المجتمع المحيط". الدكتور مؤمن الحديدي، مدير عام المركز الوطني للطب الشرعي، عزا بدوره هذا الاختلاف في الرصد إلى عدم وضوح ماهية بعض الحالات وقت وقوع الجريمة، فقد تعوّد المجتمع أن يقوم مرتكب جريمة الشرف بالاعتراف مباشرة أمام المدعي العام أن دافعه هو تطهير شرف العائلة، لكن هذا لا يحدث دائماً، وعندها لا يصل للإعلام خبر وقوع "جريمة شرف"، ويتم التعاطي مع الحالة على أنها جريمة قتل عادية. لكن، في وقت لاحق، يتضح أن الجريمة كانت بدافع الشرف، فيتم حينها تسجيلها على أنها جريمة شرف. يضيف الحديدي موضحاً، أن هناك حالات يتم فيها قتل الفتاة من قبل أبيها أو أخيها، لمجرد أن تكون تغيّبت عن بيت العائلة، متجاوزة تقاليد وأعراف البيئة التي تعيش فيها. حالات كهذه قد لا يُنظر إليها على أنها من جرائم الشرف، فلا تظهر في بعض الإحصائيات. لهذا السبب، يُطالب الحديدي بإنشاء قاعدة معلومات حول قضايا العنف الأسري، يتم فيها الاتفاق على التعريفات والمصطلحات بين الجهات ذات العلاقة، في القضاء، والأمن العام، والطب الشرعي، ومؤسسات المجتمع المدني المعنية. من جهة أخرى، يوضح الحديدي أن بعض ضحايا جرائم الشرف يكونون من الذكور. في حالات كتلك، قد لا يُنظر للقتيل في إحصائيات الجهات القضائية، على أنه توفي نتيجة جريمة شرف، بل باعتباره ضحية جريمة قتل عادية، على عكس الحال في سجلات المركز الوطني للطب الشرعي، التي تُسجل الضحايا من الإناث والذكور، سواءً بسواء. من هنا قد ينشأ بعض التفاوت. لا بد من التوضيح، أخيراً، أن عدّاد "ے" للعام الماضي عمد إلى تسجيل عدد الجرائم، لا عدد الضحايا، وهكذا فإن الجريمة التي وقعت بتاريخ 9 آذار/ مارس، حين أقدم رجل على قتل شقيقته ومعها شاب يعمل راعياً للأغنام، كان يوجد معها في محمية الشومري بالأزرق، بإطلاق الرصاص عليهما، بحجة أنه "ضبطهما في وضع غير لائق"، قبل أن يكشف الطب الشرعي أن الفتاة كانت عذراء، سُجلت لدينا على أنها جريمة واحدة، فيما سُجلت لدى المركز الوطني للطب الشرعي على أن نتيجتها ضحيتان. "ے"، تعد قرّاءها بمتابعة رصد هذه الظاهرة وملاحقتها، في هذا العام الجديد، وأن تراجع آلياتها في الرصد، وصولاً إلى أرقام أكثر دقة، وشرح أكثر توسعاً لكل جريمة تقع، لا سمح الله. |
|
|||||||||||||