العدد 58 - ثقافي | ||||||||||||||
محمد جميل خضر ما يجري في قطاع غزة، يعيد السؤال حول جدوى الفن على وجه العموم، والدراما بخاصة، ويستدعي البحث في مدى تمثيل الدراما لحراك الشارع العربي، وتجسيدها له، وقدرتها بما تتناوله من موضوعات وتملكه من أدوات الانتشار، على الانتقال بالإنسان العربي إلى حالة الفعل، وإعادة الوهج لقضية العرب المركزية: قضية فلسطين. الممثل المصري عزت العلايلي يعتقد بجدوى الفن، ويؤمن برسالةٍ له «يمكن أن تسهم في رفع وعي حراك الشارع العربي، وتوجيه هذا الحراك في بعض الأحيان»، فيما يرى الممثل السوري بسام كوسا أن الوضع الذي وصلته الأمة العربية لم يعد تجدي فيه الدراما. وكشف صوته أثناء اتصال «ے» به حداً بليغاً من الألم واليأس من الشارع العربي ومجمل الواقع العربي، وهو ما دفعه للقول: «نحن أمة وصلت حداً غير مسبوق من الرداءة والانحدار». كوسا يضيف: «لن تنقذنا دراما ولا شموع ولا شجب ولا استنكار ولا مشاعر التفاعل الحميمة مع أهل غزة»، ويزيد بنبرة غاضبة: «أشعر بالخجل من كل شيء؛ من ردود الفعل الاستعراضية، ومن كرنفالات التضامن، ومن موسم الصراخ الذي يبدو أنه لا ينتهي». العلايلي يتفق مع كوسا على فداحة ما يجري، وعلى بؤس الواقع العربي، وانعدام الأفق فيه، ويتحدث عن وقوع الشعوب والحكومات العربية في «الفخ الذي وضعته لهم الرأسمالية العالمية»، إلا أنه رغم ذلك كله، ما زال يؤمن في الفن الذي «يعكس الواقع بأمانة وصدق»، بوصفه محرّكاً مهماً للمجتمعات، وخادماً مؤثراً لتوجهاتها. هذا ما يراه أيضاً الممثل الفلسطيني المقيم في سورية عبد الرحمن أبو القاسم، الذي يقول إن الفن العربي بعامة والفلسطيني بخاصة، «يتلمس منذ 60 عاماً دوراً فاعلاً له في المواجهة الجوهرية والتحريرية بين العرب وأعدائهم، وبخاصة الاحتلال الإسرائيلي». أبو القاسم يرى أن وجوه التعبير الفني التي شكّلت أقانيم التفاعل بين الفن وبين القضية منذ النكبة الأولى، تتمثل في «اللوحة، والقصيدة، والأغنية، والمسرحية، ووسائل الفن الأخرى وحقوله المختلفة». الروحانية التي تحدث بها أبو القاسم، كانت غائبة تماماً عن كلام كوسا، الذي حذّر من مخطط تتوالى مفاصله ومفرداته بدقة، فيما الناس «يصرخون في الشوارع، ويكتفون بالخطب النارية والشعارات التي تملأ الشوارع، والعبارات التي تجري على مختلف أسنة المتضامنين والمتعاطفين». موقف كوسا، هو نفسه موقف المنتج الأردني المقيم في مصر إسماعيل كتكت (منتج مسلسليّ «الملك فاروق» و«أسمهان»)، الذي رد على اتصال «ے»، معتقداً أن المأساة القائمة حالياً أكبر من الدراما وأكبر من حراك الشارع. وهو يرى أن ما جرى يكشف عن «الانفصام المؤلم والمأساوي والمروّع بين الحاكم والمحكوم في الوطن العربي»، وهو الانفصام الذي يدفعه إلى عدم التفاؤل بخصوص أي تغيير في المشهد العربي: «ينبغي أن يكونا: الحاكم والمحكوم، في جديلة واحدة؛ بحيث يتصرف الحاكم كما يأمل المحكوم». ويعود كتكت في نهاية مداخلته إلى المربع الأول: ما الذي يمكن أن يفعله الفن حالياً؟ بعيداً عن المعاينة المحدقة بعمق في الواقع العربي، والناظرة بألم شديد لما يجري، يرى المنتج الأردني محمد ياغي أن الدراما تحتوي على أهمية، ولها دور كبير في تحريك الشارع في أي قضية، وليس فقط القضية الفلسطينية. ويعبّر عن تفاؤله بأن السماح للدراما بتناول صادق وصادم للقضية في مداها المعاصر والمعاش حالياً سيؤدي دوراً في «تذكير الناس بالقضية العربية المحورية، وتعريفهم ببعض أبعادها، وسيكون لذلك الأثر الكبير في استعادة تعلق الناس بها». |
|
|||||||||||||