العدد 58 - اعلامي
 

أوقف التلفزيون الأردني بث برامجه الاعتيادية وخصص السواد الأكبر من ساعات بثه لتغطية ما يحدث في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي مستمر، كما أفردت وكالة (بترا) تغطيات خاصة للأحداث بالتزامن مع بث أخبار المسيرات والاعتصامات التي نظمتها مؤسسات المجتمع المدني.

يرى إعلامي، إن إدارة التلفزيون حاكت تجربة إدارة سابقة، إبان أحداث تفجيرات فنادق عمان العام 2005، التي شهدت تميزاً في تغطية التلفزيون للأحداث آنذاك وما رافقها، ما جعل وكالات الأنباء والفضائيات تنقل الأخبار والصور عن التلفزيون الأردني دون سواه.

هذا الحديث يتوافق معه مدير التلفزيون السابق عبد الحليم عربيات، الذي يرى في أن التلفزيون حاول محاكاة التجربة السابقة، بيد أنه يستدرك بالقول إن تغطية التلفزيون للأحداث في غزة إيجابية وجيدة وترقى لمستوى الحدث في كثير من الأحيان.

الفرق بين التجربتين أن الأولى في عمان وتتعلق بحدث محلي، وهذا ساعد المندوبين المحليين بأن يكونوا على تماس مع الحدث، أما التجربة الثانية، فإن التلفزيون كان يغطي وفقها تجربة بعيدة في غزة، وبإمكانيات متواضعة.

ولعل هذا أدى لقصور التغطية التلفزيونية عن منافسة الفضائيات وحصرها في الشأن المحلي فقط، إضافة لعدم وجود كادر مراسلين أكفاء في منطقة الحدث، والتردد في استضافة محللين من مختلف المشارب في الأستديو، او عبر الهاتف لإلقاء نظرة معمقة على الحدث.

يؤخذ على تغطية التلفزيون الأخيرة، وفق الإعلامي ذاته، تكرار الوجوه المستضافة ممن يحملون في غالبيتهم وجهات نظر حكومية ويدافعون عنها، ويحسب لها منح أحزاب معارضة وأصحاب وجهة نظر مستقلة من مؤسسات المجتمع المدني فرصة الظهور على الشاشة الفضية المحلية.

يثمن البعض ما اعتبروه تحولاً من قبل الإعلام الرسمي في متابعة الحدث، إذ يعتقد الرئيس الأسبق للمجلس الأعلى للإعلام إبراهيم عز الدين «أن تخصيص أستوديو مفتوح لمتابعة ما يحدث في قطاع غزة «نقلة إيجابية يجب أن تُكرس وتستمر».

إعلاميون يدعون التلفزيون للخروج من النمطية والانتقال للانفتاح على مكونات المجتمع ومؤسساته ونقاباته وأحزابه. وعدم قصر التغطية على الأمور الرسمية.

يُسجل للتلفزيون في تغطيته الأخيرة خروجه للشارع والالتقاء بالمواطن، ونقله بالصورة والصوت مهرجانات نظمتها أحزاب معارضة، لم تظهر على شاشة التلفزيون منذ ثلاث سنوات.

في العشرين من تشرين الأول/أكتوبر، قام رئيس الوزراء نادر الذهبي، بزيارة إلى مقر التلفزيون، وخلال الزيارة سمع المواطن بلسان الذهبي وعوداً بوضع استراتيجية جديدة يعكف على إعدادها مجلس إدارة المؤسسة، تتمحور في الانتقال بالإعلام الرسمي من إعلام حكومة إلى إعلام وطن.

لم تكن تلك المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن استراتيجية للإعلام الرسمي، إذ سبق لـ«وزير الإعلام» ناصر جودة أن تحدث عن ذلك في أكثر من مناسبة، بيد أن الاستراتيجية الموعودة لم تظهر حتى الآن ولم تتم مناقشتها، وبقيت حبيسة التصريحات الإعلامية، دون فعل حقيقي على أرض الواقع، ما يجعل العمل الإعلامي الرسمي يشهد أحياناً «هبات» دون تنظيم،وبغير استراتيجية واضحة ترمي، في نهايتها، لتطوير الأداء والارتقاء بالإعلام الرسمي والارتفاع به ليكون إعلام وطن.

في الإثناء واصلت اليوميات ووكالات الأنباء ومواقع إلكترونية التركيز على ما يحدث في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي متواصل، إضافة إلى مظاهر التأييد الشعبي والرسمي الأردني لصمود أبناء غزة.

لم يختلف تعاطي اليوميات مع الأحداث عن الأسبوع الأول، وواصل كتاب الأعمدة في الصحف اليومية كافة، الكتابة حول العدوان الإسرائيلي، والتأشير للموقف الأردني «رسميا وشعبيا»، بيد أن كل كاتب تميز بأسلوبه وطريقة تناوله للموضوع والزاوية التي اختارها لرؤية الحدث.

الفضائيات المحلية والإذاعات الخاصة كما اليوميات والمواقع الإلكترونية، سجلت حضوراً في التعامل مع الحدث، من خلال منح مساحات تحليلية كبيرة له، فضلاً عن نقل المسيرات وتغطية الفعاليات التي جرت في المملكة.

تميزت الفضائيات المحلية الخاصة عن التلفزيون الرسمي، باستضافتها لشخصيات معارضة وترك مساحة للحديث والحوار معها، ومنحها الوقت الكافي للتعبير عن مواقفها، وإظهار تباين موقفها من الموقف الرسمي، وبخاصة في موضوع قطع العلاقات مع إسرائيل.

لم تكن أحداث غزة هي الوحيدة التي انشغل بها الشارع الأردني، وإنما شهدت الساحة المحلية تطوراً ملفتاً تمثل في تغيير مدير المخابرات العامة.

بيد أن خبر تغيير مدير المخابرات وصدور الإرادة الملكية بتعيين اللواء محمد الرقاد مديراً للدائرة خلفاً لمحمد الذهبي، مر كـ«خبر عادي» في الصحف اليومية والمواقع الإلكترونية، دون أن يلقى متابعة أو تعليقاً أو تحليلاً.

ولم تظهر في اليوميات أو المواقع الإلكترونية، مقالات حول التغيير الذي حدث في دائرة المخابرات أو دراسة لأسبابه وأبعاده، يستثنى من ذلك التحليل المنشور في العدد السابق من «ے» للزميل سعد حتر، إضافة لمقالة أخرى نشرت الأحد الماضي في يومية «العرب اليوم» بقلم الزميلة رنا الصباغ.

تحليل «ے» نشر في موقعين إلكترونيين هما: «عمون»، و«سرايا»، بيد أن ما ميز الموقع الأول (عمون) عن الثاني (سرايا) هو إشارة «عمون» للمصدر، وهي صحيفة «ے»، فيما اكتفى موقع «سرايا» بنشر اسم الزميل سعد حتر مع كلمة (سرايا- خاص)، مع إغفال ذكر المصدر، غير ان الموقع عاد لاحقا وذكر المصدر.

مراسلو الصحف المهاجرة التي تصدر من لندن كـ«القدس العربي» و«الحياة» و«الشرق الأوسط»، كتبوا حول تغيير مدير المخابرات، بيد أنهم لم يتوسعوا في التحليل، واكتفى بعضهم بإعادة ما يتردد في الشارع، او على ألسنة نواب ووزراء متقاعدين بعيدين عن دائرة صنع القرار.

الحرب على غزة تستأثر باهتمام الإعلام والتغيير في المخابرات ينال أقل التعليقات
 
08-Jan-2009
 
العدد 58