العدد 58 - أردني
 

عدي الريماوي

يشكل قطاع غزة الذي يحمل اسم أكبر مدنه، غزة، المنطقة الجنوبية من الساحل الفلسطيني على البحر المتوسط، ويتخذ القطاع شكل شريط ضيق شمال شرقي شبه جزيرة سيناء، وتشكل مساحته نحو 1.33 في المئة من أرض فلسطين التاريخية، ويمتد القطاع على مساحة 360 كم مربع، ويحد القطاع إسرائيل شمالا وشرقا، بينما تحدها مصر من الجنوب الغربي.

تعتبر غزة من أقدم مدن العالم، وقد ذكر اسمها لأول مرة في مخطوطة للفرعون تحتمس الثالث (القرن 15 ق.م)، كما ورد اسمها في ألواح تل العمارنة. بعد ذلك بنحو 300 سنة نزلت إحدى قبائل الفلسطينيين الذين قدموا من جزيرة كريت وسكنت المدينة والمنطقة المجاورة لها.

أطلق عليها الفرس اسم «هازاتو»، أما اسم غزة، فقد أطلقه عليها العبرانيون الذين خاضوا مع سكانها الفلسطينيين حروبا طاحنة. وفي إحدى هذه الحروب أسر الفلسطينيون القائد العبراني شمشون، وأذلوه وفقأوا عينيه وربطوه إلى عمود أحد معابدهم. وبحسب العهد القديم، فإن شمشون أزاح بقوته الجبارة أعمدة المعبد فسقط على رأس الفلسطينيين فقتلوا وقتل شمشون معهم، في مشهد يعتبره بعض المؤرخين أقدم عملية انتحار في التاريخ.

بدأ تاريخ غزة العربي قبل ظهور الإسلام، فهي كانت ممرا تجاريا بين الجزيرة العربية ومصر، وهذا ما يفسر وجود قبر هاشم بن عبد مناف، وهو الجد الثاني للنبي محمد، وهو ما أعطى المدينة تسمية «غزة هاشم»، الذي توفي فيها وهو عائد بتجارته إلى الحجاز. ويذكر أن

القافلة التي هاجمها المسلمون في بدر كانت عائدة من غزة.

فتحها المسلمون في العام 635 ميلادية بعد معركة «داثن» بقيادة عمرو بن العاص في خلافة أبي بكر.

خلال فترة الحملات الصليبية سيطر الأوروبيون على المدينة، لكنها عادت إلى المسلمين بعد أن انتصر صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في معركة حطين عام 1187.

في القرن السادس عشر دخل القطاع تحت حكم الخلافة العثمانية الإسلامية، وبقيت تحت حكمهم حتى سنة 1917، عندما استولت عليها القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الأولى بعد معارك ضارية. ويذكر أنه في الحرب العالمية الأولى، صمد لواء واحد من الجيش العثماني مؤلف من أقل من ثلاثة آلاف جندي فلسطيني، في وجه فرقتين بريطانيتين أمام غزة، وكبدهما خسائر فادحة وأرغمهما على التقهقر حتى العريش العام 1917. ثم أصبح القطاع جزءاً من منطقة الانتداب البريطاني على فلسطين، حتى نهاية الانتداب في 15 أيار/مايو 1948 عند إقرار خطة تقسيم فلسطين، حيث كان القطاع ضمن أراضي الدولة الفلسطينية، وخلال حرب 1948 احتلت القوات الإسرائيلية أقساما واسعة من الأرض المحيطة بغزة، ولم يبق سوى قطاع ضيق لا يزيد طوله على 40 كيلو مترا بعرض يراوح بين 8 و15 كيلو متراً، هو المعروف اليوم باسم قطاع غزة.

وكان من نتائج الحرب تلك أن أعدادا كبيرة من سكان القرى والمدن القريبة من غزة لجأت إلى هذا القطاع الذي قدر آخر إحصاء أجري في فلسطين العام 1947 عدد سكانها بنحو 40 ألف نسمة، فتضاعف عدد السكان فيه، حتى أصبح أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم (26.400 نسمة لكل كم مربع).

بين 1948 و1956 خضع القطاع لحكم إداري مصري، وفي 1956 احتلت إسرائيل القطاع لمدة 5 أشهر في مستهل هجومها على مصر خلال العدوان الثلاثي الذي بدأ في تشرين الأول/أكتوبر 1956، وفي آذار/مارس 1957 انسحب الجيش الإسرائيلي منها وعادت غزة إلى الحكم الإداري المصري، وفي حرب 1967 أعاد الجيش الإسرائيلي احتلال القطاع ومعه شبه جزيرة سيناء التي عادت إلى مصر في العام 1982 بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، وبقي القطاع تحت الاحتلال الإسرائيلي.

يعيش في القطاع نحو 1.5 مليون فلسطيني، معظمهم لجأ إليها بعد حرب 1948. وأهم مدن القطاع، إضافة إلى غزة، رفح، خزاعة، بيت لاهيا وبيت حانون. ولكن فيه عدد من مخيمات للاجئين الفلسطينيين هي:

- مخيم جباليا (شمالي القطاع بين بلدتي جباليا وبيت لاهيا)

- مخيم الشاطئ (غربي مدينة غزة)

- مخيم البريج (في وسط القطاع)

- مخيم النصيرات (في وسط القطاع)

- مخيم الشابورة (جنوبي القطاع قرب رفح)

- مخيم دير البلح (في وسط القطاع)

- مخيم خان يونس (جنوبي القطاع قرب خان يونس)

- مخيم المغازي (في وسط القطاع)

وتوجد في مدينة غزة عدة جامعات هي: الجامعة الإسلامية، جامعة الأزهر، جامعة الأقصى، جامعة فلسطين وجامعة القدس المفتوحة التي تعتمد نظام التعليم المفتوح. وتحتوي غزة على العديد من مباني العبادة القديمة من أبرزها الجامع العمري ومسجد السيد هاشم، حيث قبر جد النبي محمد. كما توجد الكنيسة اليونانية الأرثوذوكسية التي تعود إلى القرن الخامس الميلادي.

تستخدم في القطاع ثلاث عملات مختلفة، هي: الدينار الأردني، الدولار الأميركي، والشيكل الإسرائيلي. ويمكن الوصول إلى مدينة غزة بواسطة الجو عبر مطار غزة الدولي، الذي يبعد 40 كم جنوبي المدينة، لكن إسرائيل التي دمرت المطار العام 2002 عادت وقصفته خلال حملتها الأخيرة على غزة. ويمكن الوصول إلى غزة برا من خلال المعبر الشمالي (معبر بيت حانون)، والمعبر الجنوبي مع مصر (معبر رفح).

غزة: بناها الكنعانيون وفيها هدم شمشون المعبد “عليه وعلى أعدائه”
 
08-Jan-2009
 
العدد 58