العدد 58 - أردني
 

السّجل – خاص

في تحرك فرعي غير معهود على الساحة الأردنية، نظم رؤساء الكنائس مسيرات واعتصامات على ضوء الشموع تضامنا مع سكان غزة الذين يتعرضون منذ أسبوعين لقصف إسرائيلي متواصل. ففي مادبا انطلقت مساء الأحد 4 كانون الثاني/يناير الجاري مسيرة صامتة، نظمتها طوائف مسيحية (لاتين وروم كاثوليك وروم أرثوذكس).

هشام عزيزات، أحد سكان مادبا قال إن المشاركين أوقدوا الشموع في المسيرة التي انطلقت من ساحة كنيسة قطع رأس يوحنا المعمدان للاتين.

وفي الفحيص، قال ياسر عكروش، أحد سكان المدينة، إن أنوار شجرة الميلاد أطفئت، وعلقت جميع مظاهر الاحتفال بالعيد، كما أقامت البلدية في اليوم نفسه بالتعاون مع رؤساء الكنائس الكاثوليك والروم الأرثوذكس واللاتين اعتصاما صامتا أمام دوار البلدة، أوقد المشاركون فيه الشموع وأقاموا صلاة على أرواح الشهداء، كما نظموا حملة لجمع التبرعات.

مسيرة أخرى صامتة شارك فيها المئات من أبناء الطوائف المسيحية في إربد والحصن جابت شوارع المدينة مساء الخامس من كانون الثاني/يناير الجاري، ندد فيها المشاركون بالعدوان. المشاركون أضاءوا الشموع في المسيرة التي انطلقت من كنيسة الروم الكاثوليك باتجاه كنيسة الروم الأرثوذكس.

قد تبدو غريبة تحركات كهذه تعلن تضامناً مسيحياً مع من تحكمهم حركة إسلامية أصولية توصم في المحافل الدولية بالإرهاب، لكن الأب بولص حداد، كاهن رعية الروم الكاثوليك في الفحيص ومرج الحمام، قال إن الهدف من هذه المسيرات هو إعلان التضامن مع الإنسان بغض النظر عن دينه، «فما تقوم به إسرائيل من انتهاك لحرمة الإنسان، هو انتهاك لإنسانيتنا جميعا».

أكاديمي في الجامعة الأردنية رفض نشر اسمه استنكر بشدة هذه المسيرات، التي اتخذت طابعا دينيا، وقال إن مظاهر التضامن مع غزة قد تأطرت عشائريا وطائفيا الأمر الذي يكشف «حقيقة أننا ما زلنا مجتمعاً غير مسيس، وستكون له أبعاده السياسية والاجتماعية السلبية، إذ إنه يعمق الشرخ في المجتمع الأردني».

لكن إبراهيم عثمان، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، لا يرى أن في المجتمع الأردني انقساما بين المسلمين والمسيحيين، لتكرسه فعاليات كهذه: «المسيحيون كانوا تاريخيا جزءا من المنطقة، ومن حراكها الاجتماعي والسياسي، وشكلوا دائما جزءا أساسيا في بنية أحزابها».

وهو الأمر الذي يؤكده الأب حداد الذي يقول إن التعايش الإسلامي المسيحي في الأردن لم يكن يوما موضع تساؤل، وأن تجاوب المؤسسات الدينية مع الأحداث ينسجم مع هذه الحقيقة.

تقدَّر نسبة المسيحيين في الأردن بـ 4 في المئة من إجمالي عدد السكان الذي يبلغ ستة ملايين نسمة.

الملاحظ أن هذه المسيرات، ورغم أنها اتخذت طابعا مسيحياً، إلا أن المشاركين فيها كانوا مسلمين ومسيحيين، ذلك أن منظميها كانوا حريصين على أن يوجهوا الدعوة للجميع.

عثمان من ناحية أخرى يرى لهذه التظاهرات وجها إيجابيا فهي: «توصل رسالة ثمينة إلى الغرب، تقول إن الموقف العربي تجاه ما يحدث في غزة هو موقف موحد بمسلميه ومسيحييه».

ظاهرة جديدة يشهدها الشارع : مسيحيون ينتفضون تضامناً مع غزة
 
08-Jan-2009
 
العدد 58