العدد 58 - أردني | ||||||||||||||
منصور المعلا في الوقت الذي انتقد نواب غياب الأعلام الأردنية وصور الملك عبدالله الثاني عن المسيرات الغاضبة التي تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة. كشف مصدر مسؤول في وزارة الداخلية لـ«السجل» أن الوزارة وجهت الحكام الإداريين الى حشد الفعاليات الشعبية (الوجهاء وشيوخ عشائر والفعاليات غير الرسمية) الى تنظيم مسيرات حاشدة يوم السبت المقبل من أجل تجديد البيعة للملك والمطالبة بإلغاء معاهدة وادي عربة. يأتي هذا التوجه غير المعهود بعد التصريح الحاد لرئيس الحكومة نادر الذهبي في مجلس النواب الأحد الماضي الذي هدد فيه إسرائيل «بمراجعة العلاقات». يتقاطع خطاب الذهبي مع مطالبة شعبية بقطع العلاقات وإنهاء معاهدة السلام المبرمة في العام 1994. وسط هذا الاندفاع الرسمي من خلال التغاضي عن عشرات المسيرات والتظاهرات الغاضبة التي خرجت دون الحصول على إذن رسمي تعالت أصوات نقابية وحزبية بإطلاق سراح الجندي احمد الدقامسة الذي قام بقتل عدد من الطالبات الإسرائيليات على الحدود الشمالية للأردن في صيف العام 1997 كجزاء من الرد الأردني على العدوان الإسرائيلي. في السياق ذاته جاملت عدد من المؤسسات الخاصة الحكومة من خلال الاستئذان في عقد مسيرات للتنديد بالعدوان، كما فعلت نقابة أصحاب المدارس الخاصة من خلال مخاطبة وزارة الداخلية بكتاب حصلت ے على نسخة منه جاء فيه « نتعرض منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة لـ«ضغوط» من عدد من المدارس التي تطالب بعقد مهرجان تضامني مع غزة. الكتاب طلب من وزارة الداخلية الموافقة على المهرجان وإبلاغ الجهات الأمنية من أجل إجراء هذه الفعالية. خلال الأسبوعين الماضيين ارتفعت عشرات الأعلام واليافطات في شوارع عمّان، غالبيتها اتخذت ألوان تنظيمات سياسية أو هيئات نقابية بينما كان العلم الاردني شبه غائب عن المسيرات التي خرجت تضامنا مع غزّة. هذا المشهد أثار انتقادات نواب تحت القبّة، إذ أبدوا استياءهم من «تغييب» الأعلام الأردنية وشح صور الملك عبد الله الثاني. النائب إبراهيم الحسبان، وتيسير شديفات، هاجما القائمين على المسيرات وطالبا الحكومة بـ«الضرب بيد من حديد على كل العابثين بالوحدة الوطنية الذين يرفعون علم فلسطين وصور رئيس الحكومة المقالة في غزّة إسماعيل هنيّة والرئيس العراقي الراحل صدام حسين». شديفات طلب من الحكومة «الحد من مظاهر الاعتداء على الأملاك العامة»، وقال: «سمعت من أكثر من صديق أن سياراتهم قد تعرضت للتحطيم في منطقة البقعة»، أكبر مخيمات اللاجئين في البلاد يقطنه أكثر من 120 ألف نسمة. على أن نوابا آخرين كان لهم رأي مختلف. إذ رد محمد أبو هديب على شديفات والحسبان بالقول: «إن المسيرات عمل حضاري يعبّر عن نبض الشارع ويتسم بالعفوية ما يعني وقوع المنظمين في بعض الأخطاء غير المقصودة». مع أن غالبية المسيرات والاعتصامات مرّت دون وقوع أحداث شغب أو احتكاكات، أحرق شبان غاضبون إطارات وألقوا حجارة في منطقة جسر عبدون، فتدخلت الشرطة لتوقيف عدد منهم. المشهد ذاته تكرّر قرب السفارة الإسرائيلية حين قذف جناح من المعتصمين قوات مكافحة الشغب التي استخدمت الهراوات وقنابل مسيلة للدموع وكذلك في مخيم الوحدات، شرق عمان. في مسيرة طلابية انطلقت عصر الأحد من دوار الداخلية إلى مجلس النواب هرع العديد من الشباب الملتحي الذين تعلو وجوههم ملامح العبوس إلى مقر جمعية الإخوان المسلمين المطل على مبنى القيادة العامة القديم ومجلس النواب من أجل تزويد الطلبة برايات الجبهة الخضراء. أحد عناصر الأجهزة الأمنية تساءل عن السبب وراء تهويل الإعلام لأعداد المشاركين في المسيرات. إذ يقدر بألف عدد المشاركين في مسيرة الطلبة في حين قدرتها وسائل الإعلام بـثلاثة آلاف. شاب يحمل حزمة من الرايات المعصوبة على ساريات خشبية قصيرة، قال إنه «يحاول أن يلبي طلب العديد من الطلبة والطالبات الذين يرغبون في حمل راية الإسلام»، على حد تعبيره. في تلك المسيرة رفع المشاركون وغالبيتهم من طلبة الجامعات أصبع «السبابة» اقتداء بشهداء غزة، على حد تعبير جهاد، الذي كان يهتف من فوق سيارة بكب محملة بالرايات ومكبرات الصوت. الهتاف الديني الداعي للجهاد تخلّله اتصال مع الناطق الرسمي باسم كتاب عز الدين القسّام في غزة، الذي أعلن عن «أسر جنديين إسرائيليين وإسقاط طائرة» وسط ابتهاج الجمهور والتكبير. هذا التصريح لم تؤكده إسرائيل أو حماس. هذه الصورة تتقاطع مع العديد من المشاهد في الكثير من المسيرات التي لم يلتزم فيها منظموها بإيقاع أو خطاب أو هتاف واحد. ففي حين ينقسم المشاركون كل حسب انتمائه يردد مناصرو الأحزاب اليسارية شعارات تدعو للوحدة الوطنية الفلسطينية، وتطالب بالعودة إلى الكفاح المسلح، والوحدة العربية وتتساءل عن دور الجيوش العربية. في المشهد الكلي، يبهت إطار الوطن وتظهر فسيفساء حزبية متناثرة اقتنصت اللحظة لتلميع شعبيتها في غياب البرامج والخطط الاستراتيجية. |
|
|||||||||||||