العدد 57 - اقتصادي
 

محمد علاونة

عاشت بورصة عمان أصعب أوقاتها خلال العام 2008 لينهي مؤشر السوق آخر يوم تعامل الثلاثاء 30 كانون الأول/ ديسمبر عند 2758.44 نقطة، مقارنة مع إغلاق العام السابق والبالغ 3675 نقطة، أي بانخفاض نسبته 24.9 في المئة.

المؤشر سجل أعلى مستوياته في شهر حزيران/ يوليو 2008 عندما صعد إلى 5043.7 نقطة، ليبدأ رحلة هبوط تكبد خلالها خسائر متفاوتة مع انخفاض معظم الأسهم، وسط تعاملات غلب عليها البيع مع إحجام عن الشراء ووجود مخاوف من مواصلة التراجع.

متعاملون في السوق قالوا إن العامل النفسي جراء أزمات عالمية لعب دورا أساسيا في السوق، لكن تبعات تلك الأزمات بدأت بالتأثير مع انخفاض أسهم لها علاقات مباشرة في قطاعات الصناعة والمال والتعدين، لتأخذ معها أسهما كان من المستبعد أن تتأثر مثل الخدمات.

فالأزمة الأولى التي بدأت مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية في شهري نيسان/أبريل و أيار/مايو2008 وما عرف بـ "أزمة الغذاء"، وأسبابها الارتفاع الحاد الذي شهدته أسعار النفط من جهة، ونية دول أوروبية استخدام الغذاء في توفير الوقود الحيوي، انعكس سلبيا على قطاعات الصناعة والنقل والأغذية التي تراجعت مبيعاتها وأعمالها نتيجة تقلص أعمالها داخليا وخارجيا.

وقد ساهمت تلك الأزمة في زيادة كلف التصدير لقطاعات واسعة وتراجع عمليات مصانع مع ارتفاع أسعار المواد الأولية من جهة، وانخفاض المبيعات محليا من جهة أخرى. مؤشر قطاع الصناعة خسر نحو 9 في المئة من قيمته خلال العام 2008.

أما الأزمة المالية والتي تكشفت خيوطها منتصف شهر أيلول / سبتمبر في الولايات المتحدة مع انهيار مؤسسات مالية كبرى، فقد تبعها انخفاض في أسعار النفط والمواد الخام، والتي كان لها تأثيرات على أسهم البوتاس والفوسفات والحديد.

أسهم البوتاس والفوسفات تراجعت بشكل ملحوظ مع انخفاض العائدات، وتبعتها خسائر لأسهم شركات الحديد التي كانت تحتفظ بمخزون وفير من مادة الحديد التي انخفضت عالما بنسبة تزيد على 50 في المئة، ما وضعها في مواجهة البيع بخسارة.

ورغم أن شركة البوتاس العربية استفادت من ارتفاع الأسعار عالميا وأظهرت أرباحا قياسية في الربع الثالث من العام 2008، وسجل سعر سهم الشركة نحو 99 دينارا كأعلى سعر في 12 شهرا، فإن تلك الأرباح يمكن أن تتقلص مع نهاية العام الجاري ومع دوران سعر السهم حاليا حول 33 دينار.

وتأتي شركة البوتاس في المرتبة الثانية من ناحية القيمة السوقية بعد البنك العربي حيث تشكل حصتها نحو 2.8 بليون دينار من إجمالي القيمة السوقية البالغة 25 بليون دينار.

من تأثيرات الأزمة المالية الأخيرة أيضا شح السيولة وسط تحفظات البنوك حيال تقديم تسهيلات لقطاع العقار، ما وضع الشركات العقارية تحت وطأة ضغوط تقليص مشاريع كانت قد أعلنت عنها وتأجيل أخرى، وهو ما ترك أثرا واضحا على أسهم قطاع شركات العقار.

مؤشر قطاع العقار تكبد خسائر ملموسة خلال العام 2008 مع انخفاض معظم أسهم الشركات العقارية في السوق؛ 17 شركة تعرضت لضغوط إضافية بسبب ارتفاع عدد الأسهم المصدرة منها وبنسبة 78.3 في المئة لتصل 421.3 مليون دينار وحتى الربع الثالث من العام 2008.

أما الخاسر الأكبر في السوق فكان شركات الخدمات المالية التي تشكل أكثر من 50 في المئة من تعاملات السوق، فمع التراجع الحاد الذي اجتاح معظم الأسهم فإن محافظ تلك الشركات تقلصت وتعرضت لخسائر حادة يمكن أن تظهر جليا مع في نتائج أعمالها للعام ككل.

وبذلك كان قطاعا العقارات والخدمات المالية المتنوعة هي الأكثر انخفاضا حيث تراجعت أسعار الأسهم فيها بنسبة 50.4 و 47.6 في المئة على التوالي.

التنافس الواضح بين البنوك في سعيها للحصول على مزيد من السيولة أدى إلى زيادة درجة الإرباك والتذبذب الحاصل لدى الجهاز المصرفي والمالي، حيث أدى الرفع الكبير لفوائد الإيداع إلى سحب المزيد من السيولة العاملة لدى أسواق المال، ما أدى إلى انخفاض أحجام السيولة المتداولة بشكل كبير.

بورصة عمان واصلت الانخفاض بعد شهر أيلول / سبتمبر، متجاهلة الأرباح التي أعلنتها الشركات في الربع الثالث من العام 2008، حيث أظهرت البيانات الصادرة عن 136 شركة مجموع رؤوس أموالها 4.217 بليون دينار، نحو 1.364 بليون دينار للفترة المذكورة.

القيمة السوقية للأسهم المدرجة وصلت نهاية العام 2008 إلى 25.4 بليون دينار، أي بانخفاض نسبته 13 في المئة مقارنة مع نهاية عام 2007 ولتشكل مـا نسبتــه 226 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وشركات الخدمات تلعب دورا أساسيا في السوق، بيد أن اتجاه معظمها للمضاربة التي أصبحت تشغل أكثر من 80 في المئة من تعاملات سوق عمان، بحسب مدير شركة وساطة، أسعد الديسي، تعرضت لضربة قاسية مع تقلص السيولة.

وتلك الشركات بالتالي باتت تشكل ضغطا على العملاء لإغلاق الحسابات، خصوصا مع نهاية كل شهر، ما كثف عمليات البيع وبأسعار متدنية.

وعلى المستوى القطاعي، فقد انخفض الرقم القياسي لأسعار أسهم القطاع المالي بنسبة 29.7% ولقطاع الخدمات بما نسبته 17.7%، ولقطاع الصناعة بنسبة 11.7%. ومما يذكر أن القطاعات الفرعية شهدت تراجعا في أسعار أسهمها باستثناء قطاعي الأغذية والمشروبات، والصناعات الاستخراجية والتعدينية اللذين ارتفعا بنسبة 7.5% و 1.6% على التوالي.

أظهرت مؤشرات أداء البورصة أن حجم التداول بلغ خلال عام 2008 20.3 بليون دينار، أي بارتفاع نسبته 65 في المئة مقارنة مع العام الماضي.

وارتفع عدد الأسهم المتداولة بنسبة 22 في المئة مقارنة مع العام 2007 ليصل إلى 5.4 بليون سهم.

وصاحب هذا الارتفاع في حجم التداول وفي عدد الأسهم المتداولة ارتفاع في عدد العقود المنفذة ليصل إلى نحو 3.8 مليون عقد، أي بارتفاع نسبته 9 في المئة عن العام السابق، فيما ارتفع معدل دوران الأسهم في البورصة إلى 91.5 في المئة مقارنة مع 91.2 في المئة للعام 2007. كما ارتفع عدد الشركات المدرجة في البورصة إلى 262 شركة مقارنه بـ 245 شركة بنهاية العام 2007.

2008: أزمتان تطيحان بمؤشر بورصة عمان
 
01-Jan-2009
 
العدد 57