العدد 57 - اقتصادي | ||||||||||||||
محمد علاونة توقعات البنك المركزي الأردني بأن يسجل معدل النمو الحقيقي في الاقتصاد الوطني عام 2008 نحو 6 في المئة بالأسعار الثابتة، تُناقض حالة الركود الحالية التي تعيشها قطاعات مالية وتجارية وعقارية. وبافتراض أن مساهمات القطاعات الاقتصادية التي يدخلها "المركزي" في احتساب معدلات النمو واقعية، فإن حالة التباطؤ في قطاع العقار والانخفاض المتوقع في أرباح الشركات مع نهاية العام الحالي بعد هبوط أسهمها في بورصة عمان، يعني تناقضا بين بيانات البنك المركزي والواقع الاقتصادي على الارض. أما لو كانت مقاييس النمو غير حقيقية، فليس هنالك جدوى من الحديث عنها، إذ إنها في هذه الحالة سوف تكون مضللة ولا تعكس واقع الأنشطة الاقتصادية الحقيقية مثل الزراعة والسياحة والصناعة والتجارة، وذلك بحسب الخبير الاقتصادي غسان معمر. "المركزي"، يعتمد معدلات الصناعات التحويلية وقطاع المال والتأمين وأصحاب الأعمال والنقل والتخزين والاتصالات ومنتجي الخدمات الحكومية في حساب الناتج المحلي الإجمالي، ليعكسه من ثم على معدلات النمو السنوية، وتجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم وصافي الضرائب على المنتجات. وبحسب الأرقام الرسمية الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة فإن من المتوقع أن تساهم قطاعات الصناعات التحويلية وقطاع المالية والتأمين وأصحاب الأعمال بنسبة 18.1 في المئة لكل منها في الناتج المحلي. بيد أن معمر يرى أن هنالك تناقضا واضحا بين الحديث عن معدلات نمو مرتفعة تصل إلى 6 في المئة، في الوقت الذي يتوقع فيه عاملون في تلك القطاعات ركودا قادما لا محالة، بسبب حالة الانكماش العالمية المتوقعة مع بروز الأزمة المالية العالمية. وذهب معمر أبعد من ذلك بقوله إن الحديث عن معدلات نمو أصبح من الماضي، فمساهمة قطاعات اقتصادية، وتحديدا المالية منها، هو مجرد أرقام مطلقة تتمثل في أداء المؤسسات المالية والبنوك التي لا تعكس واقع الحال، ولكنها، رغم ذلك تحتسب ضمن الناتج المحلي الإجمالي، "فأداء تلك المؤسسات يعتمد على منطق الأسهم والسندات، وهو ما يمكن وصفه بالاقتصاد الموازي أو الافتراضي" كما يقول معمر. يستند "المركزي" في توقعاته إلى أن الدول غير المنتجة للنفط، مثل الأردن، سوف تحقق مكاسب غير مباشرة من الطفرة النفطية من خلال تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتحويلات العاملين، بينما يتناقض ذلك وأسعار النفط التي هوت أكثر من 60 في المئة خلال الأشهر القليلة الماضية، وهو ما دفع دولا خليجية مثل الكويت والسعودية إلى الإعلان عن خفض حجم موازناتها، وهو ما يعني تأثر أحجام حوالات العاملين الأردنيين في الخارج، والتي تعني الكثير بالنسبة للاقتصاد المحلي. وفيما يتعلق بقطاع التجارة، تبين الأرقام أن القطاع سيسهم بنحو 0.12 في المئة في معدلات النمو، وذلك على عكس ما يرى نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق، الذي أكد أن القطاع يتعرض لضغوط شح السيولة المرتبطة أولا: بانخفاض القدرة الشرائية للمستهلكين، وثانيا: بتحفظات البنوك تجاه التسهيلات التي تمكن التجار من فتح اعتمادات لشراء مواد جديدة بغض النظر عن تغيرات الأسعار. وبيّن الحاج توفيق بأن المبيعات تراجعت بشكل عام، وبنسبة تجاوزت 20 في المئة خلال العام 2008. وقد لاحظ معمر بأن حجم الإنفاق الذي يحتسب في الناتج المحلي الإجمالي يتم، في جزء كبير منه، على شراء الأسهم والسندات، وهي قطاعات غير منتجة، ما يجعل من الخطأ إعطاءه أكبر من حجمه في معدلات النمو، كونه يعبر عن ثروة افتراضية، وهذا ما يعده معمر من الأخطاء الاقتصادية الشائعة التي تقع فيها أكثر من 80 في المئة من دول العالم. قطاع العقارات يعيش تباطؤا منذ بداية العام الجاري بسبب انخفاض الطلب مع ارتفاع الأسعار منذ بداية العام 2008، وذلك بعد أن قفزت أسعار مواد البناء إلى مستويات قياسية، لترتد خلال الشهرين الماضيين هبوطا بسبب الأزمة المالية العالمية، إضافة إلى إعلان شركات كبرى عن نيتها التأني في إنجاز مشاريعها نتيجة شح السيولة وصعوبة الحصول على تمويل. بيد أن رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان زهير العمري، يتوقع أن تزيد مساهمة القطاع في معدلات النمو، مدفوعا بتراجع أسعار النفط وانعكاس ذلك على أسعار المحروقات في الأردن، إلى جانب أن تراجع أسعار المواد المستوردة سيؤدي إلى انخفاض أسعار المواد الإنشائية. وأوضح العمري أن القطاع يمكن أن ينهض مجددا، كون السوق شهدت في الأشهر الأخيرة من العام 2008، نقصا في المعروض وفي المخزون، بنسب تجعلها غير كافية حتى نهاية العام الجاري، كون الشركات خفضت الإنتاج بنسبة 40 في المئة، لعدم قدرة المستهلك الشرائية وارتفاع كلف البناء بحدود 20 في المئة في شهري حزيران/يونيو، وتموز/يوليو 2008. الأرقام الرسمية تشير إلى أن قطاع المالية والتأمين والعقارات وأصحاب الأعمال قد ساهم بنحو 1.3 نقطة مئوية في إجمالي معدل النمو المتحقق، في حين احتلّ قطاع النقل والتخزين والاتصالات المرتبة الثانية بمساهمة بلغت 1.2 نقطة مئوية، تلاه قطاع الصناعات التحويلية بمساهمة مقدارها 0.9 نقطة مئوية، فقطاع تجارة الجملة والتجزئة الذي ساهم بما مقداره 0.8 نقطة مئوية، تلاه بند صافي الضرائب على المنتجات الذي ساهم بما مقداره 0.6 نقطه مئوية، ثم منتجو الخدمات الحكومية الذين بلغت مساهماتهم 0.5 نقطه مئوية. في حين ساهمت بقية القطاعات الاقتصادية بالجزء المتبقي ومقداره 1.2 نقطة مئوية. |
|
|||||||||||||