العدد 9 - ثقافي
 

مقالة الزميلة هيا صالح (السّجل، 27 كانون الأول) أثارت حفيظتي لما جاء فيها على لسان المسؤولين الثقافيين عن احتفالية إربد والتي لي معها حكاية. فالمنسق الثقافي والفني للاحتفالية محمد مقدادي، الذي بحثت عنه يوم طلبته فلم أجده، يقول إن “مقتل التجربة يكمن في أن القرار وضع بيد أشخاص لا ينتمون إلى الوسط الثقافي، والآلية التي حكمت المشروع عانت من البيروقراطية والانحياز للأجندات الشخصية”. وأقول من جانبي إن كل من تعاملتُ معهم على مدى سنة ونصف من الجري خلف حلم منحوتة “سهل حوران” هم من أهل الثقافة والإبداع الحكومي سواء في عمان أو إربد. و يقول الرسام والناقد التشكيلي حسين دعسة، المنسق السابق للملف الإعلامي لوزارة الثقافة: “لقد وضعوا العربة أمام الحصان”. أما أنا فأقول: “إنهم أطعموا العربة للحصان”. فنحن نرصد التمويل للعمل الثقافي والاستخدام المبدع ولكننا نصرفه لتشغيل موظفي الحكومة ومستشاريها ولجانها ومسؤوليها. وكنت قد عقدت الآمال في نهايات عام 2005 على إشاعة سرت بين بعض الفنانين والفنانات، مفادها أن هذه المدينة تنعم بتوجه جديد في بلديتها لتبني المشروعات الفنية العامة، فقصدت الأديب هاشم غرايبة الذي كان آنذاك مديرا لدائرة الثقافة بإربد. وأمضيت طوال عام 2006 أراجعه في مكتبه وخارجه في دار البلدية ومبنى نقابة المهندسين. وقدمت له مشروعي على نسختين في أول زيارة، فأبدى إعجابه به. ولم أستلم منه ولو قصاصة برقم متسلسل تثبت تعاملنا المهني والرسمي بشأن المشروع. وبعدها بفترة راجعته هاتفياً بعد أن علمت بتداوله لفكرتي في مكان عام بدون ذكر اسمي. فطمأنني بأنه كان مع صفوة منتخبة وأنه إنما فعل ذلك من جانب الإعجاب ليس إلا. وعدت لزيارته لاحقاً عاتبة لقراءتي خبر احتفالية جديدة في إربد للقمح، وهي جزء من موضوع مشروعي ونقاشي معه في جدواه. وهو، كعرف دوائرنا الثقافية، نقاش حول أمر لم يعقد بصدده اجتماع ولم يدوَّن محضر فيه، على الرغم من الحديث المهني الحساس من ناحية الملكية الفكرية. وعاتبته لأنه لم يدعني. فطمأنني بأن الأمور حصلت على عجل وأنها كانت احتفالية صغيرة تجريبية وجهت لها الدعوة شفويا، وفي حيز إربد فحسب. وعاودت المراجعة لدى الدائرة جيئة وذهاباً في سفري المتكرر لمشروع آخر في سوريا. وأثناء مراجعاتي المتعددة للدائرة الثقافية لإربد، لم أتسلم اي رد رسمي مكتوب أو سواه بشأن مشروعي. ولم أحصل على أية مقابلة رسمية إلا مع ذلك المدير. وعندما تغيرت الشخوص التي كانت تحتل مواقع القرار في الدائرة والبلدية، خسرت كل جهودي لعام كامل. وفي بداية 2007، استجبت لإعلان رسمي لتقديم الأعمال بمناسبة احتفالية إربد وقدمت مشروعي من جديد، آملة أن أحظى هذه المرة ولو بمقابلة مبدئية مع “اللجنة” المعنية، وما زلت أنتظر.

و قد فوجئت كثيراً بما جاء في المقالة من أن الروائي هاشم غرايبة كان هو المنسق العام للاحتفالية لسنة 2006. ففي ترددي لمراجعته في مكتبه طوال ذلك العام، لم أدرك ذلك، ولم يأت في سياق أي من أحاديثنا، ولم اتسلم أو أقرأ على جدران دائرته أي شيء مكتوب، سواء عن الاحتفالية أو لجانها ومشروعاتها أو تمويلها أو الشخوص القائمة عليها أو التواريخ الرسمية لها، بل لم أعرف إلا بمئوية إربد وتصميم الشعار لها حيث سألني رأيي فيه. ولم أعلم بالاحتفالية حتى مطلع عام 2007 عندما علمت من أستاذنا المدير أنه قد ترك وظيفته الحكومية.

لقد عانينا من أن أدنى شروط التنسيق لم تتخذ في التعامل معنا كمبدعين أو مثقفين أو كجمهور عادي. فأين الإعلانات الحثيثة والمبكرة بطلب الأعمال، سواء في الصحف أو حتى على لوحات إعلانات الجدران إن وجدت في الدوائر المختصة؟ وأين المسابقات الحرة للعمل العام؟ إن من أهم مسببات الفشل أننا نعطي الفرصة تلو الأخرى للتجربة نفسها، ونوعية الشخوص نفسها. والأهم هو: ما الذي يخسره هؤلاء إذا أعادوا كرة الفشل، وما الذي نخسره نحن؟

إنهم لم يضعوا العربة أمام الحصان، بل أطعموا العربة للحصان: الأجندات الشخصية تحكم التعامل في الثقافة – مها أبو عواش
 
10-Jan-2008
 
العدد 9