العدد 57 - أردني
 

محمد جميل خضر

لعل الدراما المحلية في مسلسلاتها التلفزيونية، ورغم إدارة التلفزيون الأردني ظهره لها، لم تحقق منذ أعوام طويلة ماضية، ما حققته خلال العام 2008.

فبعد سنوات من عودة وتيرة إنتاج المسلسلات والأعمال التلفزيونية، إلى زخمها الذي وصل ذروته ثمانينيات القرن الماضي، وبعد تصدي شركة خاصة، وهي تحديداً: المركز العربي للإنتاج الإعلامي، لمهمة إنتاج الدراما التلفزيونية، حصد مسلسل «عودة أبو تايه» سبع ذهبيات في مهرجان الإذاعة والتلفزيون في القاهرة وسط تنافس شديد مع عشرات المسلسلات العربية من مصر وسورية والخليج العربي، ونال المخرج إياد الخزوز ذهبية الإخراج عن مسلسل «سلطانة» الذي كتب السيناريو والحوار له الكاتب الراحل غسان نزّال مستفيداً من ثلاث روايات للروائي الأردني الراحل أيضاً غالب هلسا.

وقبل أن يمضي شهر على ذلك كان مسلسل «الاجتياح» الذي أنتجه المركز، من إخراج التونسي شوقي الماجري وتأليف رياض سيف العام الماضي، يحقق مفاجأة كبرى بانتزاعه جائزة إيمي العالمية للدراما التلفزيونية، بعد تنافس شديد مع 400 مسلسل مشارك من مختلف دول العالم، وصلت منها إلى التصفية النهائية خمسة مسلسلات، من بينها واحد أرجنتيني وآخر إنجليزي. وقد حمل مسلسل «الاجتياح» رسالة رئيسية تتلخص بإلقاء الضوء على الجانب الإنساني الكامن في ثنايا مأساة الشعب الفلسطيني.

وعبر عشرات الشخصيات الدرامية والحقيقية من مختلف الشرائح المجتمعية والمرجعيات الفكرية، طرح العمل الذي عرضته رمضان الماضي فضائيةLBC اللبنانية فقط، أكثر من قضية حول العلاقة بين السلطة الفلسطينية والشعب الفلسطيني من جهة وقوات وحكومة الاحتلال من جهة أخرى، وكذلك العلاقة بين قطاعات الشعب الفلسطيني نفسه وبين شرائحه المجتمعية وتنظيماته ومؤسساته وداخله وخارجه.

وتناول «عودة أبو تايه» تأليف محمود الزيودي وإخراج بسام المصري، سيرة حياة أردني من حملة راية الثورة العربية الكبرى من أبناء الجنوب هو عودة أبو تايه الذي أدى دوره الفنان منذر رياحنة. وشارك في العمل عدد كبير من نجوم وممثلي الدراما المحلية.

ورغم ما أثاره مسلسل «أبو جعفر المنصور» من إنتاج المركز العربي للإنتاج الإعلامي وإخراج شوقي الماجري وتأليف محمد البطوش، إبان عرضه رمضان الماضي من اهتمام عام، خصوصا بسبب حساسية ما يطرحه من صراع بين بني العباس وبني أمية (وهو الصراع الذي حمّله بعض متابعي المسلسل أبعاداً طائفية ومذهبية)، فإن ملاحظة كبرى تفرض نفسها منذ حلقاته الأولى، وتتمثل تلك الملاحظة بحصر الكاتب البطوش نفسه في سياقات الصراع السياسي وتبعاته العسكرية بين الدولتين الإسلاميتين الأهم: الأموية ومن بعدها العباسية، وهو ما جعل الأحداث ومساحة حركة المخرج، محدودة بالتالي في تلك الثنائية من الصراع ونتائجه.

ومما ميّز «أبو جعفر المنصور» محاولته خلق توليفة تاريخية درامية تقدّم أبطالها بصورة البشر العاديين الذين يُحبّون ويكرهون، يخطئون ويُصيبون، يفرحون ويحزنون، وقد تمتزج عندهم الأحقاد بالرغبات وتذوب الصرامة في البطش، ما يشدّ من إزرهم حيناً ويعمي بصيرتهم أحياناً.

وفي المسلسل البدوي الأردني «عيون عليا» من إنتاج المركز العربي للإنتاج الإعلامي أيضاً، تجلى المكان بوصفه بطلا ومحددا لمصائر الشخصيات ومجمل حراكهم الإنساني.

وعلى مدى حلقاته الثلاثين حاول المسلسل الذي كتب السيناريو والحوار له مصطفى صالح وأخرجه، بعد طول غياب، حسن أبو شعيرة، قراءة التأثير القيمي والنفسي الذي يمكن أن تخلقه البيئة المحيطة في ساكنيها.

وفي مغايرة لما حققته الدراما التلفزيونية، جاء الحراك المسرحي المحلي خلال العام 2008 عادياً. ولم يشهد حراكاً استثنائياً سوى ازدياد عدد المهرجانات المستقلة (غير التابعة لوزارة الثقافة أو أمانة عمان أو نقابة الفنانين ولكن المدعومة منها).

وتبنت فرقة طقوس إقامة مهرجان مسرحي عربي، بعد أن سبقتها فرقة المسرح الحر بثلاثة أعوام وفرقة الفوانيس بـ 15 عاماً. وفي موعد متغير كل عام أقامت وزارة الثقافة مهرجانها المحقق امتداداً عربياً منذ سنوات عديدة ماضية.

وعلى مدى أسبوعين تواصلت فعاليات المهرجان في المركز الثقافي الملكي والجامعة الأردنية، وقدمت فلسطين والكويت والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وتونس والعراق وسورية والجزائر والبحرين والسودان إضافة إلى الأردن 18 عرضاً مسرحياً منها ستة عروض محلية: «أحلام مقيدة» الذي افتتح عبره محمد بني هاني إعداداً وإخراجاً وسينوغرافيا فعاليات المهرجان، «قاتل ومقتول» إخراج علي الجراح، «إشارات وتحولات» إخراج وإعداد زيد خليل مصطفى، «رق الدم» تأليف جمال أبو حمدان وإخراج لينا التل، «لم نعد جواري لكم» تأليف وإخراج عبد اللطيف شمّا، «هند الباقية في وادي النسناس» تأليف إميل حبيبي وإخراج يحيى البشتاوي و«أسود وأبيض» إخراج وسينوغرافيا وكيريوغرافيا مجد القصص وتأليف نوال العلي ومجد القصص.

واشتملت فعاليات المهرجان على عقد ورش عمل في فن تكوين الممثل أشرفت عليها الفنانة التونسية رجاء بن عمار وفي فن السينوغرافيا أشرفت عليها الفنانة شادية زيتون. وأقيمت خلاله ندوات حول المرأة والمسرح والمضامين الفكرية في الأدب المسرحي النسوي والمرأة وحركة التمثيل والإخراج المسرحي.

وفي سياق التركيز على المرأة في دورة هذا العام كرّم المهرجان سبع فنانات ومخرجات وكاتبات وشاعرات محليات: رفعت النجّار ومجد القصص وداليا الكوري وسميحة خريس وسوسن دروزة ونبيلة الخطيب، وقُدمت خلاله شهادات إبداعية من الفنانات الأردنيات قمر الصفدي ونادرة عمران وسوسن دروزة.

وشاركت عربياً في المهرجان عروض: «من هو من» الكويتية إخراج أحمد الشطّي، «العشاء الأخير في فلسطين» الفلسطينية إخراج وسينوغرافيا سيمون رو، «الفنار البعيد» تأليف وإخراج محمد الجعفري، «عنبر» الإماراتية إخراج مروان عبد الله صالح، «حارة عم نجيب» المصرية إخراج وإعداد وتمثيل أحمد أبو حلاوة، «حر الظلام» التونسية إخراج منيرة الزكراوي، «حقل أحلام» العراقية إخراج عزيز خيّون، «إيقاعات رملية» السورية إخراج سلمان صيموعة، «مستابا الرقصة الأخيرة» تأليف وإخراج عطا شمس الدين، «انسوهيروسترات» الجزائرية إخراج حيدر بن الحسين و«الكرسي» البحرينية.

ولم تمنع المشاركة العربية الواسعة بالمهرجان (تسع دول غير الأردن شاركت بعروض إضافة لثلاثة مكرمين من ثلاث دول عربية أخرى)، من تسجيل ملاحظات عليه، ومن تعدد وجوه هذه الملاحظات، وصولاً إلى طبيعة المكان الذي اختير لإقامة الوفود العربية المشاركة.

وتنقّل الفنان غنام غنام بعرضه «أنا لحبيبي» كاتباً ومخرجاً من جامعة اليرموك إلى مهرجان الرقة السوري، و«أنا لحبيبي» مونودراما جمعت غنام مع الفنان خالد الطريفي ممثلاً.

وأظهرت فرقة المسرح الحر عبر لياليها «مهرجان ليالي المسرح الحر الثالثة» التي نظمت في شهر أيار (مايو) الماضي تقدماً على مستوى إدارة المهرجان وحسن اختيار العروض العربية المشاركة. وقدمت ضمن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان «ليالي المسرح الحر» عروض أردنية وتونسية ولبنانية ومغربية. واختتمت «ليالي المسرح الحر» بأمسية لفرقة شرق واستذكار للفنان الأردني الراحل محمود حمادة.

وعرضت يوميا مع وجبة الإفطار في فندق الأردن إنتركونتيننتال المسرحية الرمضانية المحلية «شفناكم شوفونا» إخراج خالد الطريفي وتأليف محمد الصبيحي ووفاء بكر وآخرين وبطولة أمل الدباس وزهير النوباني.

كما قدّم الفنان نبيل صوالحة طوال أيام شهر رمضان مسرحية «نشرة غسيل لايف» في نادي ديونز ـ طريق المطار، وشاركته بطولتها ابنته الفنانة لارا صوالحة.

وعقدت الهيئة العربية للمسرح ومحترف رمال للفنون في الربع الأخير من العام الحالي ورشة مسرحية تحمل عنوان «الجسد وهندسة الفضاء المسرحي» بإدارة المخرج الأردني خالد الطريفي.

ونتج عن الورشة التي وَقّعت إدارة محترف رمال والمعنيون في الهيئة العربية للمسرح اتفاقية إقامتها، عرض مسرحي بعنوان «حلم ليلة طين».

وظلّ الحضور السينمائي الأردني اللافت مقصوراً على الأفلام الوثائقية التي نالت المخرجة سوسن دروزة من خلال واحد منها (فيلم هويات)، جائزة عالمية في مهرجان أقيم في إسبانيا، كما نالت المخرجة الشابة داليا الكوري الجائزة البرونزية لمهرجان قرطاج السينمائي 2008 عن فيلمها الوثائقي «ابتسم أنت في جنوب لبنان».

تميّز تلفزيوني، إضاءات سينمائية والمسرح يراوح مكانه
 
01-Jan-2009
 
العدد 57