العدد 57 - أردني | ||||||||||||||
نهاد الجريري مع نهاية العام 2008، وتحديداً في الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر، وفي افتتاح مؤتمر مناهضة العنف ضد المرأة في عمان، جلست نسرين، الصحفية المتدربة، في كرسي متأخر في القاعة تشاهد فيلماً عن سيدات تعرضن للعنف. وصفت سيدة كيف يضربها زوجها بالسوط، وتحدثت عن تحملها الإهانة بسبب عجزها عن أن تترك أولادها. سيدة ثانية تحملت الضرب والإهانة على مضض لأن زوجها «معذبها» هو معيلها؛ وتساءلت سيدة ثالثة: أين المفر؟ انتهى الفيلم. لكن صوره ظلت تتراءى لنسرين التي اختبرت للتو تجربتها الأولى «وجها لوجه» مع سيدات بقين حتى وقت قريب مجرد أرقام في جداول وإحصاءات، كانت تجد من يفندها ويشكك فيها. المتحدثون في ذلك اليوم حاولوا أن يسمّوا العنف باسمه الحقيقي، وأن يبحثوا عن حل بعد أن أُشبعت هذه «الظاهرة» بحثاً ورصداً. كان واضحاً أنه حتى يتم القضاء على العنف بمختلف أشكاله، لا بد من تفعيل تشريعات تقضي على أشكال التمييز ضد المرأة، وتضمن حقها في الحياة والعمل، كما يضمنها للرجل، وهو أمر عكفت عليه المنظمات والمؤسسات المعنية بشؤون المرأة طوال العام 2008، استكمالاً لحملات ومبادرات انطلقت قبل عدة سنوات. دراسة نشرها المجلس الوطني لشؤون الأسرة تموز/يوليو 2008 وجدت أن التشريعات الحالية ما زالت قاصرة عن حماية الأطفال والنساء من جميع أشكال الإساءة والعنف. اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة تقدمت في بداية العام بوثيقة «مطالب» إلى مجلس النواب تتضمن أحكاماً دستورية تحتاج إلى تعديل بما يراعي احتياجات النساء و«إزالة التمييز ضدهن عند صياغة قوانين جديدة وإزالة العقبات التي تحول دون تمتع المرأة الأردنية بحقوقها». من هذه المطالب ما يتعلق بالمرأة تحديداً مثل منح الجنسية لأولاد المتزوجة من أجنبي، وإقرار مشروع حقوق الطفل ومشروع قانون الحماية من العنف الأسرى، ومشروع قانون صندوق النفقة. ومنها ما يتعلق بالتمثيل السياسي للمرأة في البرلمان من خلال المطالبة بتعديل قانون الانتخاب ليكون «أكثر عدالة جغرافياً»، وبما يضمن زيادة حصة المقاعد النيابية للنساء بما لا يقل عن 20 في المئة. اللجنة طالبت كذلك بتعديل قانون الجمعيات الذي ترى أنه سيحد من نشاطات المنظمات النسوية والحقوقية بصيغته الحالية. تحقق للمرأة الأردنية من هذه المطالب إقرار قانون الحماية من العنف الأسري في آذار/ مارس الماضي. أمين عام اللجنة الوطنية لشؤون المرأة أسمى خضر، وصفت هذا القرار بأنه «إنجاز كبير»، وهي، وإن ظلت تطالب بتعديل بعض بنوده، فإنها اعتبرته من «أولى المبادرات على المستوى العربي». في الإطار نفسه، أطلقت اللجنة خطاً مجانياً «ساخناً» يتلقى شكاوى المرأة التي تتعلق بالعنف أو التمييز في المنزل أو العمل أو الشارع. رنا شاور، الناطق الإعلامي باسم اللجنة، أشارت إلى أنه سيصار مع مطلع العام 2009 إدراج هذا الرقم ضمن الهواتف الضرورية في جميع الصحف اليومية وفي وسائل الإعلام المختلفة. وتشير أيضاً إلى أن المكتب سيعمل بآلية تتعدى منهجية تفضي إلى حل المشكلة «الشكوى» من جذورها، وذلك بتحويلها إلى الجهات المختصة سواء إدارة حماية الأسرة أو وزارة العمل، أو غيرها. كما نجحت المرأة في العام 2008، بإدخال تعديلات على مشروع القانون الجديد «المنتظر» للضمان الاجتماعي، وبخاصة ما يتعلق بالسماح للمرأة الجمع بين راتبها التقاعدي من الضمان أو أجرها من العمل وكامل حصتها التي تؤول إليها من راتب زوجها المتوفى، إضافة إلى حقها في الاستمرار بتوريثها ثلاثة أرباع الراتب التقاعدي في حال عدم وجود ورثة آخرين لزوجها المتوفى. رائدة فريحات، مسؤولة البرامج القانونية في اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، تشير إلى بند آخر مهم في قانون الضمان الجديد يتعلق بتفعيل صندوق الأمومة بما يضمن دفع راتب للمرأة أثناء إجازة الأمومة، التي يستخدمها أصحاب العمل ذريعة لعدم تشغيل النساء. إلا أن العام 2008، لم يحقق نجاحاً على مستوى محوري يتعلق بإقرار تعديلات تضمنها قانون الأحوال الشخصية المؤقت لعام 2001. الحركات النسائية تطالب بإقرار ستة تعديلات ومنحها صفة الديمومة، وبخاصة بعد أن رفض مجلس النواب الرابع عشر النظر فيها فرحلت إلى المجلس الحالي. هذه النقاط تتعلق برفع سن زواج الذكر والأنثى إلى 18 عاماً، تثبيت حق المرأة في الخلع القضائي قبل وبعد الدخول؛ إعلام الزوجة الأولى بعقد الزواج المكرر بعد إجراء عقد الزواج، والتحقق من قدرة الزوج المالية على المهر، والنفقة في حالة الزواج المكرر؛ إقرار المادة المتعلقة بنفقة الزوجة العاملة؛ رفع قيمة التعويض للطلاق التعسفي من نفقة سنة في حده الأعلى إلى ثلاث سنوات، وضمان التساوي في حق الأم والولي في مشاهدة الصغير عندما يكون في يد غيره ممن له حق حضانته. فريحات تخشى أن يتكرر ما حدث مع مجلس النواب السابق، إذ إن النواب ما زالوا يركزون على مسألة «الخلع». في تشرين الثاني/نوفمبر، طالب نواب برفع هذه التعديلات إلى الإفتاء لتبيان الرأي الشرعي فيها. في الأثناء، أطلق المعهد الدولي لتضامن النساء حملة لجمع توقيعات تطالب بمنح الجنسية لأبناء الأردنية المتزوجة من أجنبي. الحملة على الموقع الإلكتروني أمان - الأردن amanjordan.org تحمل حتى الآن 352 توقيعاً كان أولها في آب/ أغسطس 2008. |
|
|||||||||||||