العدد 57 - أردني | ||||||||||||||
السّجل - خاص
يرتبط مفهوم الديمقراطية في الرأي العام الأردني بالحريات المدنية والحقوق السياسية بشكل أساسي. أصبحت هذه معلومة مؤكدة من خلال الاستطلاعات الدورية التي يجريها مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية حول الديمقراطية في الأردن منذ 1993 وحتى الآن. ولكن التذبذب الحاصل في مستوى الديمقراطية في الأردن يعكس وعياً وإدراكاً شعبياً للمفهوم السياسي للديمقراطية أكثر من المفاهيم الأخرى. ويعتمد الرأي العام الأردني في تقييمه لمستوى الديمقراطية في الأردن في كل عام، على مستوى الحريات العامة مثل حرية الصحافة والرأي والتظاهر والاعتصام والانتساب للأحزاب السياسية، أكثر من اعتماده على المفاهيم الأخرى للديمقراطية مثل العدل والمساواة والتنمية والأمن. تحسُن تقييم الرأي العام الأردني لمستوى الديمقراطية في الأردن هذا العام مقارنة بالعام السابق يعكس حالة الانفتاح السياسي التي شهدتها البلاد من خلال السماح للتظاهرات والاعتصامات والمحاضرات العامة والندوات بشكل أكبر من السابق. إلا أن الكم الأكبر من الآراء المشكلة للرأي العام الأردني والتي تُعرف الديمقراطية بالحريات المدنية والحقوق السياسية هي الأقل تقييماً للأردن بأنه ديمقراطيي. عند مقارنة طرفي المقياس المستخدم في قياس الديمقراطية نجد أن نسبة الذين قالوا إن الأردن بلد ديمقراطي لأبعد الحدود (أي اختاروا الرقم 10 على المقياس) ممن يُعرفون الديمقراطية بالحقوق والحريات هي 44%، أي أقلية. في المقابل نجد أن نسبة الذين قالوا إن الأردن ما زال في أول الطريق نحو الديمقراطية (أي اختاروا الرقم 1 على المقياس) ممن يُعرفون الديمقراطية بالحريات المدنية والحقوق السياسية نحو 63%. الاتجاه الواضح هنا هو أنه كلما ازدادت نسبة الذين يُعرفون الديمقراطية بالحريات المدنية والحقوق السياسية كلما قل تقييم مستوى الديمقراطية في الأردن كما يبين الشكل المرفق. من جانب آخر، وفي مجال التعريفات الاجتماعية للديمقراطية، مثل تعريفها بالعدل والمساواة، نجد أن تقييم مستوى الديمقراطية في الأردن بإيجابية بين من يُعرف الديمقراطية بهذا المفهوم يرتفع بشكل ملحوظ عند مقارنة طرفي المقياس. إذ بلغت نسبة من يُقيمون مستوى الديمقراطية في الأردن بـ 10 من 10 على المقياس (أي أنه ديمقراطي لأبعد الحدود) ممن يُعرفون الديمقراطية بالعدل والمساواة 24%. وعلى الطرف الآخر من المعادلة نجد أن نحو 8% ممن يعرفون الديمقراطية بالعدل والمساواة يقولون أن الأردن ما يزال في أول الطريق نحو الديمقراطية. تثير هذه البيانات الكثير من الأسئلة حول ماهية التحولات التي ينبغي أن تحدث في الأردن لكي يتحسن مستوى الديمقراطية فيه من وجهة نظر الرأي العام الأردني. وللإجابة عن هذا السؤال لا بد من الوقوف عند تعريف الرأي العام الأردني للديمقراطية وتصنيفه لمستوى الديمقراطية في الأردن بناءً على هذا التعريف. في البداية يبدو أن مزيداً من الانفتاح على الآراء المعارضة لسياسات الحكومة والتعبير عنها بكل أشكال التعبير السلمي الممكنة، والتي ترغب هذه الجماعات المعارضة باستخدامها، قد يؤدي إلى تحسن تقييم المواطن الأردني لمستوى الديمقراطية في الأردن. خصوصاً وإن الرهانات على أن الأعمال الاحتجاجية تثير القلاقل وعدم الاستقرار لم تعد مقنعة في ظل الانضباط الفائق الذي شهدناه في الاحتجاجات خلال الأشهر القليلة الماضية وما نشهده هذه الأيام من تعبير عن الرفض والإدانة للمجازر الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. مزيد من حرية التعبير والسماح للآراء المعارضة بالظهور يخدم مستوى الديمقراطية في الأردن، ويساعد الحكومة على تطوير سياساتها، ويفسح مجالاً أرحب لتعزيز الثقة بين الآراء المخالفة للسياسات الرسمية المعارضة والمؤسسات الرسمية المعنية بتنفيذ هذه السياسات. وفي مجال تعريف الديمقراطية بالعدل والمساواة. تشير الاستطلاعات المتتالية إلى أن نسبة الذين يقولون إنه لا يوجد عدل ومساواة في الأردن على الإطلاق نحو 10% من مجمل السكان البالغين 18 سنة وأكثر. وأن نسبة من يقولون إنه يوجد عدل ومساواة إلى درجة قليلة هي 16%. وبالمجمل بلغت نسبة من يعرفون الديمقراطية بالعدل والمساواة نحو 20% من الأردنيين. تشير هذه الأرقام إلى أن الإحساس بالعدل والمساواة في الأردن قد يُحسن من تقييم الأردنيين لمستوى الديمقراطية في الأردن. وهذا يتطلب إجراءات على أرض الواقع لأن الرأي العام الأردني يستجيب للإجراءات وليس لإعلانات النوايا الحسنة. |
|
|||||||||||||