العدد 57 - أردني | ||||||||||||||
حسين أبو رمّان في جلسة نيابية خصصت مساء الأحد (28/12) لبحث الموقف من العدوان الإسرائيلي على غزة، وفر نواب مشهداً يكاد لا يختلف عن "مقطع" من مسيرة شعبية في الشارع، بإقدامهم على عمل غير مسبوق تحت القبة، إذ قام خليل عطية وخالد بكار بإحراق العلم الإسرائيلي، وسط استحسان عدد من زملائهما، فيما رفع رسمي الملاح وجعفر العبداللات يافطة تطالب بطرد السفير الإسرائيلي من عمان. مجلس النواب حرص على التعبير بقوة عن إدانة واستنكار المجازر الوحشية التي تقترفها آلة الحرب الصهيونية ضد أهالي غزة. وطالب بوقف العدوان فوراً ورفع الحصار وفتح المعابر كإجراءات عاجلة. وأعرب النواب عن تطلعهم إلى عقد قمة عربية سريعاً للخروج بقرارات تكفل حماية الشعب الفلسطيني ووقف العدوان ضده. لكن قسماً كبيراً من المداخلات اتسم بشعبوية مفرطة، رغم أن قوى المجتمع المدني والأوساط الشعبية لم تكن تنتظر الكثير من المجلس النيابي، وليس أدل على ذلك من أن شرفة المجلس كانت شبه فارغة كالمعتاد. تتطلب جرائم إسرائيل البشعة الشجب والاستنكار والعمل على وقفها ومحاكمة المسؤولين عنها، لكن هذا ليس مبرراً لانزلاق عدد من النواب إلى لغة التحقير بإطلاق نعوت حيوانية على العدو، لأن هذا يسيء إلى المتحدث أكثر مما يقوي حجته. بعد البيان الموجه إلى رئيس المجلس من "أغلبية نيابية" الذي تلاه رئيس مجلس النواب عبد الهادي المجالي، ثم كلمة رئيس الوزراء نادر الذهي ووزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال ناصر جودة، ألقى حازم الناصر أولى الكلمات النيابية في الجلسة باسم كتلة الإخاء الوطني (19 نائباً). ميّزت كتلةالإخاء موقفها عن بيان الأغلبية في اتخاذها موقفاً أكثر تشدداً حيال موضوع الطلب من السفير الإسرائيلي مغادرة المملكة. ففي حين دعا بيان الأغلبية، الحكومة إلى النظر في العلاقات الأردنية الإسرائيلية، بما في ذلك "استدعاء السفير الأردني من إسرائيل، والطلب من السفير الإسرائيلي في عمّان مغادرة أرض المملكة"، إذا ما واصل المحتل الإسرائيلي عدوانه ورفض رفع الحصار عن قطاع غزة، طالب بيان كتلة الإخاء "بطرد السفير الإسرائيلي من عمّان، وسحب سفيرنا لدى إسرائيل". ورغم أن الذين طالبوا بطرد السفير الإسرائيلي واستدعاء السفير الأردني من تل أبيب، كانوا أقل من نصف المتحدثين الذين بلغوا 60 نائباً ونائبة، إلا أنها أعطت انطباعاً قوياً بأنها ذات ثقل واسع. تصدرت كتلة نواب جبهة العمل الإسلامي الموقف المطالب بقطع العلاقات نهائياً مع إسرائيل وإلغاء معاهدة السلام. وجاء في الكلمة التي ألقاها محمد عقل أن الكتلة "تقدمت مع عدد من الأخوة والأخوات في بداية الدورة الأولى لهذا المجلس بمشروع قانون لإلغاء معاهدة وادي عربة وما زالت حبيسة أدراج المجلس". باستثناء كتلة نواب جبهة العمل الإسلامي وعدد من النواب منهم صلاح الزعبي ،موسى الزواهرة ،علي الضلاعين ومحمود الخرابشة، فإن الغضب النيابي والرغبة في تصعيد الموقف ضد إسرائيل وجرائمها النكراء، لم يدفع بنواب كثيرين إلى المطالبة في كلماتهم بإلغاء المعاهدة الأردنية الإسرائيلية. مع ذلك، جرى أثناء الجلسة على عجل تدوير مذكرة جمعت حوالي 20 توقيعاً، طالبت الحكومة يإلغاء اتفاقية وادي عربة، رغم أن عدداً كبيراً من هؤلاء ليسوا من دعاة هذا الموقف. لكن كانت هناك مطالبات أخرى وإن أقل تشدداً. فقد طالبت الكتلة الوطنية (9 نواب) بلسان محمد الكوز أبو الرائد، بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، ووقف كافة أشكال التطبيع، وطالب وصفي الرواشدة ويوسف البستنجي ومحمد الزريقات "بتجميد العلاقات" ، فيما دعا خالد البكار إلى "قطع العلاقات الدبلوماسية ومحاربة كافة أشكال التطبيع". مداخلات عديدة غير متوافقة معاً تم طرحها، ومنها كلمة كتلة الإخاء التي طالبت بطرد السفير الإسرائيلي وفي الوقت نفسه إرسال مستشفى عسكري ميداني إلى غزة، وكذلك فعل يوسف القرنة، في حين طالبت ناريمان الروسان بفتح "جسر جوي لتأمين كل احتياجات الصمود". في مقابل ذلك، أكد نواب ضرورة اتخاذ مواقف واقعية. فها هو عدنان العجارمة، يقول بأن هناك معاهذة صلح بيننا وبين إسرائيل لا نستطيع إلغاؤها، ولكن العلاقات يجب أن تكون "في أدنى مستوياتها". أما صالح الجبور، فيطلب تحكيم العقل قبل العواطف، لافتاً إلى ان النواب يطلبون من الأردن أكثر من طاقته، ويؤكد "هذا هو الظلم ، فالأردن هو الرئة الوحيدة لفلسطين تتنفس من خلالها". الدعوة لوحدة الفلسطينيين، احتلّت حيزاً كبيراً في جلسة التضامن مع غزة، فقد ناشد العديد من النواب القوى الفلسطينية للتوحد في مواجهة العدوان. فقد دعت كتلة الإخاء جميع الفصائل إلى "نبذ الخلافات والانقسامات"، و"تقديم مصلحة الشعب الفلسطيني على جميع المصالح الضيقة والفئوية". في هذا الاتجاه، طالب وصفي الرواشدة بالتدخل لعمل "مصالحة فلسطينية فوراً"، ودعا يوسف القرنة إلى تشكيل "حكومة وحدة وطنية من جميع الفصائل"، وناشد عدنان العجارمة الشعب الفلسطيني رص صفوفه لمواجهة الاحتلال، و"إعلان جبهة وطنية عريضة لإدارة الأزمة"، وتمنى يوسف البستنجي ونواب آخرون على "الأخوة في حماس وفتح وجميع التنظيمات الفلسطينية الارتقاء إلى مستوى المسؤولية" لإفشال المخططات الصهيونية. ضمن مطالبتها بعقد قمة عربية فوراً، دعت كتلة جبهة العمل الإسلامي إلى "رعاية مصالحة فلسطينية فلسطينية"، لكنها حدّدت شرطاً لها بأن تتم "على قاعدة المقاومة واحترام سائر الشرعيات الفلسطينية والوقوف على مسافة واحدة من مكونات الشعب الفلسطيني". لكن النائب محمد القضاة عضو الكتلة خرج عن هذا السياق في كلمته، مطالباً الأردن بـعدم استقبال من وصفهم بـ "عملاء أوسلو القابعين في رام الله والمتآمرين مع اليهود"، متهماً إياهم بأنهم يقدمون "الأسماء والأماكن لقصفها"!. موسى الزواهرة ومحمد القضاة سجّلا انتقادات للمسؤولين المصريين لسماحهم لوزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي لفني "أن تهدد غزة من القاهرة"، في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقدته مع وزير الخارجية المصري يوم 25 كانون الأول/ديسمبر الجاري، لكنهما شتما الوزيرة الإسرائيلية بصفات أنثوية غير لائقة . ورغم المنحى الشعبوى للخطابات النيابية، فقد طرح بعض النواب مقترحات جديرة بالاهتمام ، وتنطوي على الدعوة لعمل ملموس يتعلق بإقامة دعاوى ضد جرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل لدى المحكمة الجنائية الدولية. هذا ما طالب به عاطف الطراونة ويوسف القرنة وثروت العمرو وعزام الهنيدي. في حين اقترح فخري الداوود برفع الدعاوى "لمخالفة دولة العدو اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين" من خلال مجلس النواب ومنظمات المجتمع المدني وعلى رأسها نقابة المحامين الأردنيين، طالب عواد الزوايدة أن يتم اتخاذ قرار عربي بملاحقة "قيادات الكيان الصهيوني على أفعالهم الإجرامية كمجرمي حرب". وكان حمزة منصور رئيس كتلة نواب جبهة العمل الإسلامي قد وجه في كلمته انتقاداً للبيان الذي تلاه رئيس المجلس في بداية الجلسة "بإعطاء فرصة تقوم الحكومة بعدها بإعادة النظر في العلاقة مع العدو"، حاشداً جملة من المعطيات لتعزيز وجهة نظره من نمط "ألا يكفي ألف شهيد وجريح دليلاً على همجية العدو؟". لدى انتهاء النواب من تقديم مداخلاتهم، طالب حمزة بالتصويت على إغلاق السفارة الإسرائيلية وطرد السفير معتبراً أن الأكثرية الساحقة من أعضاء المجلس طالبوا بذلك. فرد عليه رئيس المجلس عبد الهادي المجالي بأن البيان الذي قرأه وقّع عليه 88 نائباً كافٍ، وبالتالي "لسنا مضطرين للتصويت" لأن هناك أغلبية كبيرة وقعت عليه. |
|
|||||||||||||