العدد 56 - اقتصادي
 

السّجل - خاص

يخشى العديد من الاقتصاديين تأخر تنفيذ مشاريع ضخمة يساهم إنشاؤها بقطع خطوات في مسيرة التنمية المنشودة، نتيجة نقص السيولة في العالم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: مشروع جر مياه الديسي، القطار الخفيف، قناة البحرين،

في وقت، تؤكد التقارير والأنباء أن الاقتصاد العالمي سيشهد تباطؤاً وكساداً كبيرين خلال العام 2009 نتيجة الأزمة المالية العالمية. فمن المتوقع ألا تحقق الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية أي نمو اقتصادي خلال العام المقبل ويرجح أن يتباطأ النمو بشكل كبير في الصين والهند وباقي الدول الآسيوية.

نتيجة لذلك من المتوقع أن تنخفض الأسعار العالمية للنفط والسلع الأساسية، ما سينعكس إيجابا على الاقتصاد المحلي من حيث انخفاض فاتورة المستوردات وتحسن مستوى الصادرات الوطنية، نتيجة انخفاض كلف الإنتاج، نظرا لانخفاض أسعار المشتقات النفطية، الأمر الذي سيؤدي إلى تحسن الميزان التجاري وزيادة الاحتياطيات من العملات الأجنبية، ما سيرتب أثرا إيجابيا على تعزيز الاستقرار المالي والنقدي في المملكة.

لكن ما سبق لا يدعو إلى الإفراط في التفاؤل، فرغم التقليل من حجم آثار الأزمة المالية العالمية الراهنة على الاقتصاد المحلي من قبل العديد من المحللين الماليين والاقتصاديين، فإن من الملاحظ أنّ العديد من المشاريع الكبيرة تأثرت، بشكل أو بآخر، من خلال تأخر إنجازها.

ومن المشاريع التي يدور حولها حديث بهذا الشأن، مشروع القطار الخفيف بين عمان والزرقاء (بحجم استثمار 236 مليون دينار)، حيث كان من المفترض أن ينجز الائتلاف الكويتي الإسباني المشروع، لكنه طلب إعطاءه مهلة إضافية لتحقيق الإغلاق المالي وربط ذلك بالأزمة المالية العالمية، بحسب تصريحات مدير هيئة النقل العام المهندس جميل مجاهد.

يضاف إلى ما سبق «مشروع رخصة ترددات الجيل الثالث في قطاع الاتصالات (بحجم استثمار يصل إلى 200 مليون دينار)، والذي تخطط الحكومة لطرحه منتصف الشهر الحالي؛ إذ يؤكد خبراء القطاع بأنّ هذه الأزمة سوف تدفع عدداً كبيراً من المستثمرين إلى الإحجام عن الدخول كما كان متوقعا في السابق. ولا يمكن أن نغفل هنا تأثر قطاع العقار المحلي بالأزمة المالية؛ فخلال الأشهر القليلة الماضية لوحظ تشدد البنوك المحلية في إعطاء قروض، ما أثر على القطاع الذي يشهد حالياً «ركوداً» ملحوظاً أدى إلى انخفاض أسعاره بنسبة تجاوزت الـ 15في المئة، بحسب مطلعين.

وأدى الوضع السابق إلى لجوء العديد من أصحاب العقار إلى إعطاء عروض وبيع عقارات دون اللجوء إلى وساطة البنوك.

ومن الاحتمالات الواردة أيضا، عودة أعداد كبيرة من العمالة الأردنية في الخارج، بخاصة دول الخليج، خلال العام المقبل بعد تأثر مشاريع كبيرة في الخليج بالأزمة المالية.

رجل الأعمال الأردني، صبيح المصري، أكد أنّ تأثر المشاريع المحلية بالأزمة المالية العالمية يتم من خلال «تأخر المشاريع» وليس إلغاءها، وحدد هذا الأثر بمشاريع القطاع الخاص وليس الحكومي.

وأشار إلى أنّ التأثير سيتركز في «قطاع العقار» بشكل خاص، مؤكدا على أنّ التأثير سيكون «تأخيرا وليس إلغاء للمشاريع».

وبخصوص تشدد البنوك بإعطاء القروض، أكد المصري أنّ هذا الوضع لن يستمر طويلا، بل على العكس ستعاود البنوك إلى سياسة الانفتاح ومنح القروض، بخاصة فيما يخص قروض العقار.

واستبعد المصري أن يكون هناك أي انعكاس سلبي على العمالة الأردنية في الخارج.

الرئيس التنفيذي لشركة دارات الأردنية القابضة، الدكتور خالد الوزني، أكد أنّ الأزمة المالية العالمية تؤثر على جميع دول العالم بالتوجه نفسه، بخاصة من ناحية توجه ومسار الاستثمارات اللذين أصبحا أكثر بطئا من ذي قبل.

على أن الوزني أكد بأن هذه الاستثمارات ستعود لوتيرتها في الربع الأول من العام المقبل لتزيد خلال العام.

وأشار الوزني بأن المحصلة النهائية بالنسبة للأردن إيجابية، بخاصة وأن الاقتصاد الأردني المنفتح والذي طبق سياسة تحرير الأسواق كاملا لم يتأثر بالعديد من المشاكل والأزمات العالمية.  

وحول احتمال تأثر العمالة الأردنية في الخارج وعودة أعداد كبيرة من دول الخليج للأردن بعد تراجع وتأخر مشاريع في هذه الدول، استبعد الوني أن يكون هناك أي أثر في هذا المجال، بخاصة وأنّ «العمالة الأردنية في الخارج تتركز في قطاعات ليست بالضرورة الأكثر تأثرا، مؤكدا على ضرورة أن تكون هناك دراسة لمعرفة هيكلية العمالة الأردنية في الخارج».

أما مدير عام شركة سرايا العقبة، شادي المجالي، فأكد أنّ هناك بعض التخوف من تأثر بسيط قد يطرأ على سوق العقار المحلية سواء من خلال توجه الشركات الأجنبية لإعادة النظر وأخذ مهلة كافية قبل الإقدام على أي استثمار في المنطقة أو من خلال تراجع الطلب على العقارات بشكل عام.

وأشار إلى أنه بافتراض أن هناك أثرا سلبيا بالنسبة للأردن، فإنه سيكون بنسبة قليلة جدا لا تذكر وسيكون الأردن أقل المتأثرين مقارنة مع دول مجاورة أخرى.

يذكر أنّ الأزمة المالية العالمية بدأت منتصف أيلول (سبتمبر) الماضي وبدأت بإعلان إفلاس رابع بنك استثماري في الولايات المتحدة (ليمان براذرز).

وأخذت الأزمة في الانتشار بين قطاع البنوك في أميركا وأسواق المال فيها وسرعان ما امتدت إلى دول أوروبا ثم آسيا.

وطاولت الأزمة بعد ذلك العديد من القطاعات الاقتصادية منها قطاع المصارف وقطاع الصناعة حول دول العالم.

وقد يكون إعلان الرئيس التنفيذي لشركة تطوير العقبة عماد فاخوري عن تمديد استلام العروض المالية والفنية لعطاء نقل مرافق الميناء الرئيسي للمنطقة الجنوبية ثلاثة أشهر إضافية مجرد صدفة، ما يثير مخاوف من إمكانية تنفيذ المشروع في الوقت المناسب وانعكاس ذلك على مشروع استراتيجي آخر هو «تطوير الميناء الرئيسي» الذي ينفذ من قبل شركة المعبر الدولية.

 فيما عبرت مصادر مطلعة عن مخاوفها من «تأخر مشروع نقل الميناء وتأثير ذلك على مشروع تطوير الميناء الرئيسي الذي سيباشر به بعد الانتهاء من المشروع الأول».

ومن المفترض أن يتم الانتهاء من مشروع «نقل الميناء» العام 2013 وهو موعد استلام شركة «المعبر الدولية» المسؤولة عن تنفيذ مشروع «تطوير الميناء الرئيسي» للمرحلة الثالثة من الأراضي للمباشرة بالتطوير.

على أنّ فاخوري قال إنّ 3 أشهر تمديد لتقديم استلام العروض المالية والفنية لن يؤثر على تنفيذ المشروع، حيث تم الأخذ بعين الاعتبار الجدول الزمني لتنفيذه.

ووفق الرئيس التنفيذي لشركة معبر الأردن عماد كيلاني، فإنّ تنفيذ المشروع البالغة تكلفته 5 بلايين دولار يسير وفق ما هو مخطط له دون أي تأخير.

وأوضح كيلاني أنه سيتم في بداية العام المقبل استلام أراضي المرحلة الأولى من المشروع فيما سيتم استلام أراضي المرحلة الثانية في الثلث الأخير من العام ذاته والتي ستترافق مع البدء بأعمال البنية التحتية، فيما سيتم استلام المرحلة الثالثة (وهي الميناء الرئيسي الفعلي) العام 2013.

وقال إنّ المرحلتين الأولى والثانية هما فعليا الأراضي الخالية حاليا والمحيطة بالميناء الرئيسي، فيما سيتم استلام الميناء الرئيس العام 2013، بعد نقل مرافق الميناء الرئيس الحالي إلى المنطقة الجنوبية من الميناء التي تنتهي في الوقت ذاته.

ومن المشاريع المتأثرة بالأزمة العالمية، مشروع التوليد الخاص الثالث IPP المعني بإنتاج الكهرباء المطروح من قبل شركة الكهرباء الوطنية الذي انسحبت منه ثلاث شركات كانت تقدمت للحصول عليه في وقت سابق من العام، والذي يقدر حجم الاستثمار فيه بما قيمته 400 مليون دولار، بحسب ما جاء في تقرير رسمي وجهته وزارة الطاقة والثروة المعدنية لرئاسة الوزراء.

وبحسب التقرير، فإن الشركات الثلاث التي تقدمت للمشروع هي: شركة إنارة التي تملكها شركة الأردن دبي كابيتال، وشركة AES الأردن (صاحبة مشروع التوليد الأول)، وشركة السمرا لتوليد الكهرباء.

التقرير، أوضح حجة كل شركة في الانسحاب، إذ أشار إلى أن شركة السمرا انسحبت لتعذر توفير كفالة الحكومة لتامين التمويل.

أما شركة AES الأردن فذكر أنها انسلت منه لرغبتها في عدم التوسع في مشاريعها بسبب الأزمة المالية العالمية،

مخاوف من تأثير نقص السيولة والكساد على تنفيذ مشاريع حيوية
 
25-Dec-2008
 
العدد 56