العدد 56 - أردني
 

عدي الريماوي

ما يعرف بالعيد اليهودي، هو يوم أو سلسلة من الأيام يحتفل بها اليهود بحدث مهم في التاريخ اليهودي، وبالعبرية يدعى العيد اليهودي "يوم طوب"، أي اليوم الجيد أو الصالح، أو "حاج" المهرجان، أو "تاعنيت" الاحتفال.

معظم الأعياد اليهودية ذات طابع ديني، مثل: عيد الفصح، وعيد الكفارة اللذين يلزمان اليهود بالتوقف عن القيام بمختلف الأعمال، كما يتطلبان منهم الصيام أيضاً. وهناك أعياد دنيوية مثل عيد الهانوكا (عيد الأنوار) وعيد البوريم (المساخر)، وهذه الأعياد وإن كان لها مظهر ديني، إلا أنها مناسبات احتفالية أساسها جوانب دنيوية من تاريخ وتقاليد اليهود. أكثر الأعياد قداسة عند اليهود هي تلك المذكورة في التوراة في سفري اللاويين والتثنية، وبعض الأعياد قررها الحاخامات في فترة من التاريخ اليهودي القديم.

يتم حساب أعياد اليهود عن طريق التقويم العبري الذي يعتمد على خوارزمية ترصد ظهور الأهلة المشيرة إلى غرة شهر جديد، كما أنها توائم ما بين الدورة القمرية والدورة الشمسية، حيث يحل كل عيد في موسمه المعين كل سنة وعند ظهور صورة معينة للقمر، وتشابه خوارزمية التقويم العبري الخوارزمية التي تحدد موعد عيد الفصح المسيحي.

وقد كانت الجاليات اليهودية في الوطن العربي، وخصوصاً في العراق ومصر ودول المغرب العربي، تحتفل بأعيادها في كل عام ومن أهمها:

1 - عيد الغفران (Yom Kippur):

يصادف اليوم العاشر من الشهر السابع Tishri من التقويم العبري، وهو المعروف بيوم الغفران، وهذه ترجمة للاسم العبري "يوم كيبور"، وكلمة كيبور من أصل بابلي ومعناها "يطهر"، والترجمة الحرفية للعبارة العبرية هي "يوم الكفارة"، ويوم الغفران هو، في الواقع، يوم صوم، ولكنه مع هذا اعتبر عيدا يطلق عليه اسم "سبت الأسبات"، وهو اليوم الذي يطهر فيه اليهودي نفسه من كل ذنب. وبحسب التراث العبري، فإن يوم الغفران هو اليوم الذي نزل فيه موسى من سيناء، للمرة الثانية، ومعه لوحا الشريعة حيث أعلن أن الرب، في اعتقادهم، غفر لليهود خطيئتهم التي اقترفوها حين عبدوا العجل الذهبي.

وفي يوم كيبور من العام 1973، بدأت القوات المصرية والسورية هجومها لاستعادة الأرض التي كانت إسرائيل قد احتلتها قبل ذلك بستة أعوام، وكان احتفال الإسرائيليين بهذا العيد عنصرا من عناصر المفاجأة العديدة التي شهدتها تلك الحرب.

2 - عيد المظال (Sukkot):

يبدأ هذا العيد في الخامس عشر من الشهر السابع Tishri، بعد عيد الغفران بخمسة أيام ويستمر يوما بليلته. عيد المظال ترجمة لكلمة "سوكوت" العبرية وتعني المظال، وكلمة المظال العربية هي صفة الجمع لكلمة مظلة، وعيد المظال هو ثالث أعياد الحج عند اليهود إلى جانب عيد الفصح وعيد الأسابيع، وقد سمي هذا العيد على مدى التاريخ بعدة أسماء من بينها "عيد السلام" و"عيد البهجة"، وهو يبدأ في الخامس عشر من شهر تشرين الأول ومدته سبعة أيام. والمناسبة التاريخية لهذا العيد هي إحياء ذكرى خيمة السعف التي آوت العبرانيين في العراء أثناء الخروج من مصر.

3 - عيد الفصح (Pesach):

عيد الفصح أو "عيد الفسح" هو المصطلح العربي المقابل للكلمة العبرية "بيساح" ويبدأ عيد الفصح في الخامس عشر من شهر نيسان، ويستمر سبعة أيام. ويحرم العمل في اليومين الأول والأخير، وتقام الاحتفالات طوال الأيام السبعة، أما الأيام الأربعة الوسطي فيلتزم فيها اليهودي بتناول خبز الفطير. والعيد في أصوله البعيدة متعلق بموسم الربيع باعتباره فترة نمو وازدهار وحياة جديدة، ثم صار من بعد يرمز إلى خلاص بني إسرائيل من العبودية في مصر وخروجهم منها بقيادة موسى وهارون.

4 - عيد التدشين (Hanukkah):

والمناسبة التاريخية لهذا العيد هي دخول يهودا الحشموني، القدس وإعادته للشعائر اليهودية في الهيكل – كما يعتقدون - من هنا كانت تسميته بعيد التدشين، ويسمى أيضاً عيد الأنوار.

5 - عيد النصيب أو المساخر (Burim):

هو الاسم العربي لعيد البوريم، و"بوريم" كلمة عبرية مشتقة من كلمة "بور" أو "نور" البابلية ومعناها "نصيب". وكان عيد النصيب يدعي أيضا "يوم مسروخت" إشارة إلى "الباروكة" التي كان يرتديها الشخص في عيد النصيب في القرن الأول قبل الميلاد، وقد سمى العرب هذا العيد "عيد الشجرة" أو "عيد المساخر"، وعيد النصيب، ويحتفل به في الرابع عشر من آذار، وهو عيد بابلي.

ويوم الرابع عشر من آذار هو عند اليهود اليوم الذي أنقذت فيه إستر يهود فارس من المؤامرة التي دبرها هامان لذبحهم، ولهذا ففي اليوم الذي يسبق العيد يصوم بعض اليهود ما يسمى "صوم (تعنيت) إستير" إحياء لذكرى الصوم الذي صامته إستير وكل اليهود في شوشانه قبل ذهابها إلى الملك تستعطفه لإلغاء قرارات هامان (بحسب الرواية التوراتية)، وكان قد تقرر بالقرعة (أي النصيب) أن يكون يوم الذبح في الثالث عشر من آذار. ومن هنا التسمية.

الوطن العربي الذي كان اليهود يشكلون جزءا أساسيا من تركيبته السكانية حتى العام 1948، لم يبق فيه سوى أعداد قليلة منهم، فعلى مدى السنوات الستين الأخيرة غادر هؤلاء إلى إسرائيل وأوروبا وأميركا. وتعتبر الطائفة اليهودية في المغرب هي الأكبر في العالم العربي، ويبلغ عددهم الآن حوالي 7500 يهودي، يعيش نحو 5000 منهم في الدار البيضاء. أما الرباط فلم يبق فيها غير 400 شخص، إضافة إلى 250 في كل من مراكش ومكناس، ويقيم معظم اليهود المغاربة في أحياء راقية، وتفيد دراسات الوضع الاجتماعي المغربي أن اليهود الذين ظلوا في المغرب أرسلوا أبناءهم إما إلى إسرائيل أو إلى فرنسا.

أما في تونس، فعدد اليهود فيها يقارب 2000 يهودي يعيش معظمهم في مدينة جربة، وهم يقيمون في حيين هما: «الحارة الكبيرة» و«الحارة الصغيرة»، وتحتوي المدينة على 11 معبدا يهوديا، ويحج إليها سنوياً الآلاف من يهود أوروبا وإسرائيل لزيارة أقدم كنيس يهودي في أفريقيا، وقد نظمت هذه الطائفة في العام الماضي أول رحلة حج الى القبر اليهودي المقدس في ولاية نابل عاصمة الوسط القبلي السياحي.

وفي اليمن يقيم بعض اليهود، ويمارسون طقوسهم في كنيسين ومدرستين خاصتين؛ في ريدة وخارف. وقد تركت آخر العائلات اليهودية محافظة صعدة بعد تهديدات من جماعة الحوثي بقتلهم، فانتقل هؤلاء، ولم يكن عددهم يزيد على 45 شخصا إلى صنعاء العام 2007، ويعمل بعض يهود اليمن في المهن الحرفية واليدوية من تجارة وحدادة وصنع الأحذية، أما في الأرياف فيعملون في الزراعة والفلاحة ويملكون الأراضي.

وفي مصر قدرت آخر إحصائية لليهود تعدادهم بأقل من مئة شخص معظمهم من النساء يقيمون في القاهرة والإسكندرية، وهم آخر من تبقى من هذه الطائفة التي كان عددها قبل قيام إسرائيل نحو 98 ألف نسمة. أما اليهود العراقيون، والذين شكلوا يوما جالية مزدهرة، فلم يبق منهم بعد الغزو الأميركي للبلد، سوى 50 شخصا تقريبا أغلبهم في بغداد، ومعظمهم من كبار السن والعجزة.

الأعياد اليهودية: أقدسها “الغفران” وأطرفها “المساخر”
 
25-Dec-2008
 
العدد 56