العدد 56 - أردني
 

السّجل - خاص

صورة العيد، كما تروج لها الفضائيات والإذاعات والصحف، هي صورة وردية تحكي عن الفرح والبهجة وصلة الرحم، "لكن هذا ليس أكثر من عرض مسرحي، والحقيقة هي أن ما يدور على الخشبة ليس هو ذاته ما يجري في الكواليس" تؤكد ربة المنزل رجاء الخطيب، فالعيد بالنسبة للمرأة عموما ولها في صورة خاصة:

"العيد همّ"

كانت رجاء تجيب عن سؤال وجهته إليها «ے» هو: ماذا يعني العيد لك؟

ما يبدو لأول وهلة إجابة غريبة، يفسّره ما يحدث لرجاء في العيد بحسب روايتها، فهمُ العيد، كما تقول، يبدأ قبل موعده بأسبوعين، عندما تضطر إلى القيام بحملة تنظيف شاملة للمنزل تطاول كل ركن فيه؛ تغسل السجاد والجدران والستائر وتعزّل المطبخ وتنظف الغرف. وما تصفه بـ"العبثية" يكمن، في رأيها، في أنها تضطر إلى القيام بحملة لا تقل إرهاقا بعد انتهاء العيد مباشرة، ما يجعل استقبال العيد، مثل توديعه، همّا بالنسبة لرجاء. "زوجي هو الأخ الأكبر في أسرته، ومنزلنا يعتبر "بيت العائلة"، وهذا يعني أن جميع أخوة زوجي مع عائلاتهم، يتجمعون لدينا صباح أول أيام العيد، مصطحبين معهم ما لا يقل عن عشرين طفلا، وبعد ساعتين فقط تكون بقع الشوكولاتة قد لطخت الجدران، والعصير قد انسكب على السجاد، وآثار الأحذية تغطي البلاط".

بالإضافة إلى حملات التنظيف هذه، هناك همّ شراء ملابس العيد للأطفال، وهي مهمة تضطلع بها النساء في معظم الحالات وليس الرجال. وتروي فاطمة كيف أنها تصطحب في كل عيد أطفالها الأربعة "في زحام الأسواق الذي لا يطاق،" حيث تتنقل بالأولاد من محل إلى آخر، لانتقاء ملابس لهم، وقياسها، ثم مساومة البائعين على أسعارها، "كل هذا يجعل من عملية شراء الملابس أسوأ ما في العيد،" كما ترى.

صناعة الكعك هي واحدة من طقوس الأعياد التي تمارس في أحيان كثيرة في "جمعات" يرى كثيرون فيها طقسا عائليا بهيجا، وهذا ما توافق عليه ولكن بتحفظ أم عاصم، التي تجتمع في كل عيد مع قريبات لها ويصنعن كميات هائلة من الكعك، ليس بغرض تضييف الزوار فقط، بل للتوزيع على الجيران والأقارب.

أم عاصم ترى أن هذه الجمعات جميلة، ولكن فقط عندما تنقضي وتتحول إلى ذكريات، فليس هناك في رأيها أي متعة في قضاء ساعات طويلة أمام الفرن، وسط أطفال يتراكضون ويزعقون طوال الوقت.

ما سبق لا يعتبر معاناة بالنسبة لما تقاسيه أم خالد، وتحديدا في عيد الأضحى من كل عام، فالتقليد في عائلتها هو ذبح خروف أول أيام العيد، وزوجها يصر على أن يتمّ ذلك في المنزل، من أجل "الحصول على البركة"، على حدّ قوله، وذلك يعني أنها تقضي العيد في تنظيف آثار ما خلفته الذبيحة، وتقسيم اللحم وتعبئته في أكياس لتوزيعه على أصحابه، ثم الطبخ للعائلة، ومن ثم التنظيف في أعقاب الوليمة.

إنها كواليس العيد، بطلاته النساء اللواتي يصنعن فرحته، ثم ينزوين في الظل دون أن يكون لهن في الغالب نصيب من هذا الفرح، لهذا عندما تأكل كعك العيد في المرة القادمة، تذكر الصواني المكومة في حوض المطبخ.

العيد وربّات المنازل: إرهاق تخفيه فرحة المناسبة
 
25-Dec-2008
 
العدد 56