العدد 56 - أردني | ||||||||||||||
في ثاني أيام العيد وعلى مدى ثلاثة عقود تقريبا، اعتادت أم جهاد أن تستقبل أباها وأخوتها الثمانية وأبناء عمومتها، فيذبح لهم زوجها وتعد لهم المنسف. "لأني متزوجة من زلمة غريب عن العيلة، بيحب أهلي يبينوا احترامهم لجوزي ويخصصوا هاليوم من أيام العيد ع شان يضمنوا إنو يكون جوزي في البيت". لكن تغيرا حدث في السنوات القليلة الماضية، فلم تعد لثاني أيام العيد خصوصيته عند أم جهاد، إذ كثيرا ما تكون خارج المنزل في زيارات العيد مع زوجها. وكثيرا ما يأتي أخوتها وأولادهم فرادى؛ يجلسون 5 دقائق مع الموجودين من أهل البيت، يشربون فنجان القهوة السادة، وأحيانا يعطون عيدية شقيقتهم لمن هو حاضر وينصرفون. يلاحظ أبو جهاد أن العائلة امتدت وزاد أفرادها "زوجنا بناتنا وأولادنا وزاد عدد الأقرباء الواجب زيارتهم في العيد". ويزيد أبو جهاد أن كل واحد من هؤلاء أصبح يعيش في مكان بعيد عن الآخر بعد أن كان الجميع يعيشون "في حوش واحد". أما أبو محمد فإنه يحرص على تقسيم "الأقرباء" الواجب زيارتهم في العيد إلى أقاليم أو قطاعات! فمثلا، يقوم ابنه، محمد، بزيارة أقاربه في المنطقة الفلانية بينما يقوم شقيقه سامي بتأدية الواجب في منطقة أخرى، وهكذا. أبو محمد نفسه، يحرص على أن يزور بنات أشقائه اللواتي تزوجن في مدن بعيدة عن عمان في الطفيلة جنوبا والرمثا شمالا. لكن أم هيثم التي تعيش في العقبة، لا تشعر بعتب كثير على أشقائها لاكتفائهم بتقديم التهاني بالعيد "هاتفيا". فهي تدرك أن "مشوار" العقبة ليس بالأمر الهيّن: بل إنها هي نفسها اختارت هذا العيد ألا تأتي وعائلتها إلى عمان كما اعتادت كل عيد. وهكذا حلّ الهاتف، واليوم الهاتف النقال، مشكلة اتساع المسافة؛ كما هي الحال بالنسبة لأم ليث التي تعيش في قطر بحكم عمل زوجها. تقول إن الهاتف والرسائل القصيرة تعينها على قضاء العيد بعيدا عن أهلها فتتبادل معهم أخبار الكعك والمعمول وصور الأولاد وهم يلبسون ملابس العيد. لكن كثيرا من رسائل التهنئة بالعيد التي تزدحم بها شبكات الهواتف النقالة، لا تحمل القدر نفسه من الحميمية والتواصل الذي كان سائدا من قبل. تدرك روان أن معظم الرسائل التي تتكدس في بريدها لا تعنيها شخصيا؛ تشرح "في كثير من الأحيان تصلني الرسالة نفسها من أكثر من شخص، وكأنها مجرد عبارات يجري تدويرها في شبكات الخلوي". زميلتها آلاء تذهب إلى أبعد من ذلك، وتقول إنها تتلقى رسائل من أشخاص لم تعد تذكرهم، أو أشخاص لا تربطها بهم أي علاقة مهنية أو شخصية، "بل مجرد أشخاص صدف أن تحدثت معهم مرة أو اثنتين لغرض لم أعد أذكره". لذلك أصبح البعض يؤلف عبارات التهنئة الخاصة به ويبعث بها كرسائل معايدة إلى الآخرين حتى يضفي نوعا من الخصوصية عليها. أبو لؤي يحرص على أن يرد على كل تهنئة بالعيد تصله عبر بريده الإلكتروني، بالرغم من أنه لا يعرف كيف يقرأ الرسالة الواردة أو يرد عليها: "أعتبر أن الشخص الذي بعث لي هذه الرسالة، يستحق أن يعرف أن رسالته قد وصلت". ولذلك يطلب من أبنائه في كل مرة أن يردوا بعبارات "شكرا لكم على التهنئة كل عام وأنتم والعائلة بخير". |
|
|||||||||||||