العدد 56 - كاتب / قارئ
 

خَطَا الأردن خطوات رائدة في مجال مراقبة الاعتداءات على البيئة، إذ تأسست إدارة الشرطة البيئية بتوصيات من الملك في نهاية العام 2006 بارتباطها مع وزارة البيئة ومديرية الأمن العام، وبدأت هذه الطموحات تتحقق بصورة تدرجية على نحو مشجع استدعى استعراض نشاطات هذه المؤسسة الناشئة وإنجازاتها وطموحاتها، كما استدعى ذلك تقديم رؤيتنا لما نطمح أن تكون عليه في الأمد القريب.

رغم محدودية أعداد جهاز الشرطة البيئية وموارده، إلا أنه يخضع أفراده اليوم لدورات مكثفة في العلوم البيئية للتعريف بمفاهيم البيئة الأساسية وعناصر البيئة المختلفة، ويعرف أفراده باختلال التوازن البيئي في الأردن والعالم بفعل الظواهر الاصطناعية التي أوجدتها نشاطات الإنسان المختلفة، كالتلوث المباشر الناجم عن المشروعات الصناعية والمركبات والحرائق، أو غير المباشر الناجم عن الرعي والتحطيب الجائر والتصحر وما إلى ذلك، وما ينجم عن ذلك من ظواهر، مثل: الاحتباس الحراري، واضمحلال طبقة الأوزون، وغيرهما. كذلك ينخرط أفراد الشرطة البيئية في دراسة العلوم القانونية والشرطية للتعامل مع المخالفات بطريقة حضارية تضمن إنسانية الإنسان وكرامته في الوقت الذي تسعى فيه لرفع وعيه البيئي ومسؤوليته تجاه وطنه والعالم.

تتنوع المخالفات البيئية الموزعة على ست مناطق في الأردن من حيث النوع، بحيث تشمل الاعتداءات على المتنزهات والأراضي الحرجية وتقطيع الأشجار وحرائق الغابات (المتعمدة وغير المتعمدة)، والإنتاج الحيواني والزراعي في ما يتعلق بالصحة العامة والأحياء البحرية والبرية ومياه الصرف الصحي والمصانع والورش الصناعية والمقالع، وأخيراً التلوث الناجم عن المركبات والناجم عن أسباب عدة، منها: قدم المركبات وقلة الصيانة، ورداءة أنواع المحروقات المستخدمة في الأردن، وبخاصة الديزل الأردني الذي يحتوي على نسب عالية جداً من الكبريت تتجاوز ما هو مسموح به في المواصفة الأردنية بعشرات المرات.

بلغت القضايا المضبوطة من إدارة الشرطة البيئية في العام 2007 ما مجموعه 7781 مخالفة، كان أغلبها في ما يتعلق بالإنتاج الزراعي والحيواني بالدرجة الأولى، تليه المركبات العامة والخاصة التي تلوث أجواء المدن على نحو خطير للغاية.

دليلنا في تطور عمل هذه المؤسسة، زيادةُ عدد القضايا المضبوطة هذا العام 2008 مقارنة بالعام الذي سبقه، وإن كنا نأمل أن يتم التعاون مع المحافظين في المحافظات لضبط الفاعلين الذين اعتدوا على أحراج منطقة دبين – ساكب وأحرقوا نحو 600 شجرة سنديان ولزاب ولم يتم القبض عليهم بعد. كما نأمل أن يتم ضبط مفتعلي حريق منطقة عنجرة – الصفصافة، حيث حرقت أشجار السنديان واللزاب أيضاً، ففي ذلك دروس وعبر، وبخاصة أننا أقبلنا على فصل الشتاء.

كما نأمل أن تزداد دوريات مراقبة المركبات النافثة للغازات السامة في أرجاء المدن الأردنية كافة، وأن تمنع الحرائق بجميع أنواعها في المدن والقرى، وأن يتم ذلك بمراقبة جوية بطائرات خاصة أو بالتعاون مع الأمن العام، فالأمن البيئي لا يقل أهمية عن غيره من عناصر الأمن في هذا العالم المهدد بالانقراض والدمار، كذلك نطمح إلى أن تنتهي الحكومة من التحفظ على قرارها بشطب السيارات الخصوصية القديمة بقرار شجاع كي تحمي الناس من التلوث ومن هدر المحروقات ومن المخاطر المرورية والحوادث الناجمة عنها التي تزهق أرواح المئات من المواطنين سنوياً.

نتطلع أيضاً إلى أن تقف الحكومة موقفاً حازماً من المصفاة، وترفع من مستوى نوعية إنتاج مشتقات النفط ليحقق متطلبات المواصفة الأردنية التي دخلت حيز التنفيذ منذ سنوات، ونتطلع إلى أن تقوم وزارة الأشغال العامة بإشراك الشرطة البيئية في مراجعة كودات البناء بأنواعها، وبخاصة من جهة تقييم الأثر البيئي. فالعزل الحراري أساسي في نظام تقييم الأثر البيئي، لأنه يقلل من احتراق الوقود بفعل خفض استهلاك الطاقة.

كذلك نطمح أن تقوم أمانة عمّان بوضع نقاط مراقبة لتلوث الهواء، وتسعى لمنع السيارات الملوثة للبيئة من دخول وسط العاصمة والمناطق المكتظة بالسكان، كما نطمح أن تبادر المؤسسات العامة باقتناء المركبات الهجينة التي تعمل على الكهرباء والبنزين معاً لخفض التلوث في المدن تحديداً، وبخاصة في ضوء مبادرة الحكومة بإلغاء الرسوم الجمركية وضريبة المبيعات عنها، فأصبحت أثمانها معقولة جداً، وبدأنا نراها تجوب شوارع عمّان والحمد لله.

ونتطلع إلى أن يتم توزيع دليل المخالفات البيئية والمنشورات المتعلقة بصيانة المركبات وإدارتها الذي تصدره وزارة البيئة بالتعاون مع إدارة الشرطة البيئية على أوسع نطاق.

دور وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي لا يقل أهمية من حيث ضرورة تدريس مادة البيئة في الصروح العلمية كافة، وعند المستويات المختلفة جميعها، وبصورة إلزامية على نحو ما تدرس مادة التربية الوطنية في المدارس والعسكرية في الجامعات.

أخيراً، نتطلع بشغف إلى المشروع المقبل لإدارة الشرطة البيئية، وهو تخصيص رقم هاتف للشكاوى البيئية على غرار هواتف الشرطة والدفاع المدني. إنها خطوة مهمة جداً ونتطلع إلى الإعلان عنها في أقرب فرصة سانحة كي يساهم كل مواطن بدوره في الذود عن حياض بيئته الوطنية.

أيوب أبو ديّة

الشرطة البيئية: مشروع طموح
 
25-Dec-2008
 
العدد 56